كشفت دراسة جديدة صدرت الأربعاء 15 ديسمبر/كانون الأول 2021، أن مقدار تلوث الهواء الذي يتعرض له الإنسان في حياته اليومية يعتمد على لون بشرته، وفق ما ذكره تقرير صحيفة The Guardian البريطانية.
فقد وجدت دراسة علمية نشرتها دورية Environmental Health Perspectives أن الأشخاص الملونين يتعرضون لكل الأنواع الرئيسية من ملوثات الهواء بكميات أكثر من غيرهم.
يأتي ذلك بعد أن أظهرت أبحاث سابقة أن تلوث الهواء يسبب نحو 100 ألف حالة وفاة في الولايات المتحدة كل عام. كما ربطت دراسات جديدة الهواء الملوث بزيادة معدل الولادات المبكرة والإجهاض والخرف والإصابة بفيروس كورونا.
التلوث يستهدف الملونين بشكل أكبر
فعلى الرغم من التقدم الكبير الذي أُحرز فيما يتعلق بالحد العام من الملوثات القاتلة في الهواء في الولايات المتحدة على مدى العقود الأخيرة، فإن التباينات العرقية ما زالت حاضرة ولها تأثير، وفقاً للدراسة التي أجراها فريق دولي من الباحثين بإشراف من جامعة واشنطن.
عمد فريق الدراسة إلى إعداد نماذج لتركيزات مجموعة مختلفة من ملوثات الهواء التي يتعرض لها السكان على مستوى الأحياء، ثم عقدوا حسابات مقارِنة بين مستويات التعرض لتلك الملوثات بين الأجناس العرقية المختلفة.
تقول الباحثة الرئيسية في الدراسة، جياون ليو، وهي طالبة دكتوراه في قسم الهندسة المدنية والبيئية في جامعة واشنطن، إنه "على الرغم من الاختلافات الملحوظة في مستويات التعرض للملوثات، على تفاوتها، فإن المجموعة الأشد تعرضاً كانت مجموعات الأقليات. والفوارق العرقية والإثنية موجودة في كل الولايات".
كشفت الدراسة أيضاً أن العِرق له تأثير أكبر من مستويات الدخل المعيشي في تحديد من يتعرض لتركيزات أكبر لملوثات الهواء.
تعاني من مخاطر صحية
تمثِّل الدراسة تأكيداً علمياً لما يقوله كثير من أفراد المجتمعات الملونة منذ عقود عن تحملهم لكميات هائلة من الدخان الصناعي وملوثات الطرق السريعة.
في هذا السياق، يقول جوليان مارشال، أستاذ الهندسة المدنية والبيئية في جامعة ويسكونسن وكبير باحثي الدراسة: "إذا كنت تعيش في مجتمع لطالما عانى التعرض المكثف لوطأة الهواء الملوث، فإن نتائج هذه الدراسة لن تكون جديدة بالنسبة إليك على الإطلاق، إذ لا بد أنك قد لاحظت ذلك بالفعل".
أضاف مارشال: "المجتمعات التي تعايشت مع المخاطر الصحية من هذا النوع لطالما تحدثت عن معاناتها منذ فترة طويلة، لكن أصواتها نادراً ما تُسمع" أو يُلتفت إليها.
كيف خلصت الدراسة للنتيجة؟
اتَّبعت الدراسة خطى العمل الرائد الذي أصدرته مجموعة من فريق الباحثين نفسه في الربيع الماضي، والذي عمد إلى رصد تأثير التباينات العرقية في حجم التعرض لملوث واحد، وهي جسيمات دقيقة معينة.
أما الدراسة الجديدة، فعملت على رصد 6 ملوثات مختلفة للهواء، تشمل ثاني أكسيد النيتروجين، وهو غاز ينتشر في الطرق السريعة ويتدفق عن مواسير العادم في الشاحنات والسيارات، وغاز الأوزون الملوث شديد الاختلاط الذي يتكون بعد تعرض طبقات من المركبات الكيميائية لأشعة الشمس.
خلصت الدراسة إلى أن التباينات العرقية كانت أشد تأثيراً في العموم في المناطق الحضرية عنها في المناطق الريفية. وجاءت ولايتا كاليفورنيا ونيويورك في الصدارة فيما يتعلق بتأثير التباين العرقي في اختلاف مستويات التعرض لملوثات الهواء.
كما كشفت الدراسة، التي ركزت على التغييرات بين عامي 1990 و2010، أن الولايات المتحدة، وإن استمر نجاحها على مدار عقود في الحد من تلوث الهواء منذ سنِّ قانون الهواء النظيف في عام 1970، فإنها لم تنجح حتى الآن في إزالة تلك الفوراق الكبيرة بين الانتماءات العرقية فيما يتعلق بالتعرض لملوثات الهواء.
في غضون ذلك، تتزايد المخاوف بشأن الهواء الملوث وتأثيره، لا سيما بعد أن أظهرت مجموعة من الدراسات الجديدة أن تلوث الهواء يُنقص مستوى الأعمار المتوقع ويُفاقم المخاطر الصحية سوءاً، حتى عند التركيزات المنخفضة التي كان يُعتقد سابقاً أنها آمنة.