توصلت دراسة جديدة إلى أن منصات ووسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر، تضخّم تعبيرات الغضب الأخلاقي لدى المستخدمين بمرور الوقت، لأنهم يتعلمون أن مثل هذه اللغة تكافئهم بعدد متزايد من "الإعجابات" و"المشاركات"، أو بعبارة أخرى "تعزز شعورهم بالقبول".
وسائل التواصل تعزز نبرة السخط والاعتراض
ووجدت الدراسة التي نُشرت في مجلة جامعة Yale الأمريكية قبل أسابيع، أن المستخدمين الذين تلقوا مزيداً من "الإعجابات" و"إعادة تغريد" عندما عبّروا عن غضبهم في تغريدة ما تناقش أي أمر، كانوا أكثر عرضة للتعبير عن غضبهم في مشاركات ومنشورات أخرى لاحقاً.
وبذلك يكون هذا هو أول دليل على أن بعض الناس يتعلمون التعبير عن مزيد من الغضب بمرور الوقت، لأن التصميم الأساسي لوسائل التواصل الاجتماعي يكافئهم على فعل ذلك.
وفقاً للبحث، يمكن أن يكون الغضب الأخلاقي قوة نافعة تعمل لصالح المجتمع، وتحفيز فرض العقاب على التجاوزات الأخلاقية، وتعزيز التعاون الاجتماعي، وتحفيز التغيير في المجتمعات.
ومع ذلك، فإن الأمر أيضاً له جانب مظلم ومؤذٍ، إذ يساهم السلوك في مضايقة الأقليات والفئات الضعيفة بالمجتمعات، وهو يساهم في انتشار المعلومات المضللة وحدوث الخلافات والاستقطاب السياسي.
نمط التفاعل عبر المنصات يؤجج الاختلاف والاستقطاب السياسي
بالنسبة للدراسة، قام الباحثون بوضع برنامج تعلم آلي قادر على تتبع الغضب الأخلاقي في تغريدات متداولة عبر منصة تويتر.
وفي دراسة Yale القائمة على الملاحظة بالبرنامج، والتي أجريت على 12.7 مليون تغريدة من 7331 مستخدماً على تويتر من دول مختلفة، استخدموا البرنامج لاختبار ما إذا كان المستخدمون قد عبروا عن مزيد من الغضب بمرور الوقت.
وبحسب موقع أشارت النتائج إلى أن التحفيز الذي يتلقاه المستخدم عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل تويتر، يغير حقاً طريقة نشر الأشخاص لاحقاً كلما حظوا بالقبول والتأييد.
وتشير النتائج أيضاً إلى وجود رابط مقلق بالمناقشات الحالية حول دور وسائل التواصل الاجتماعي في حدوث وتأجيج الاستقطاب السياسي.
وسائل التواصل الاجتماعي تستغل علم النفس البشري
الغضب الأخلاقي نزعة طبيعية. وبحسب موقع Popular Science العلمي، فإنها متأصلة بعمق في البشر، ومن ثم فهي تحدث عبر الإنترنت وخارج الإنترنت.
ولكن هناك شعور بأن تصميم وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يضخم في سياقات معينة هذا الاتجاه الطبيعي لدينا.
وبحسب الموقع، فإن هناك كثيراً من البيانات التي تشير الآن إلى أن المحتوى السلبي يميل إلى جذب تفاعل أكبر من المحتوى الإيجابي. ومع ذلك، هناك كثير من السياقات التي يجذب فيها المحتوى الإيجابي التفاعل.
لذلك من المحتمل أن تكون هناك عوامل متعددة تغذي هذا الاتجاه. ويمكن أن ينجذب الناس إلى المنشورات الأكثر شعبية أو التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقد أظهرت الدراسات السابقة أننا نريد أن نعرف "القيل والقال" وما الذي يفعله الناس بشكل خاطئ. ولكن كلما زاد تفاعل الأشخاص مع هذه الأنواع من المنشورات، زاد عدد المنصات التي تتداولها وتروجها.
قبل خمس سنوات، قدم Facebook لمستخدميه خمس طرق جديدة للرد على منشور في موجز الأخبار الخاص بهم بخلاف الإبهام الأيقوني "الإعجاب": "الحب" و"هاها" و"واو" و"حزين" و"غاضب".
وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً في ذلك
خلف الكواليس، قام Facebook ببرمجة الخوارزميات التي تقرر ما يراه الناس في خلاصاتهم الإخبارية التي تحفِّزهم لاستخدام الرموز التعبيرية لدفع مزيد من المحتوى العاطفي والاستفزازي – وضمن ذلك المحتوى الذي من المرجح أن يجعلهم غاضبين ويستخدمون تعبيرات الغضب.
واعتباراً من عام 2017، تعاملت خوارزمية الترويج في منصة فيسبوك، مع ردود الفعل على الرموز التعبيرية على أنها أكثر قيمة بخمس مرات من "الإعجابات" أو Likes وحدها.
وبحسب صحيفة Washington Post الأمريكية، فإن النظرية وراء ذلك كانت ببساطة: المشاركات التي تثير كثيراً من ردود الفعل، خاصةً الغضب الذي يثير النقاشات والجدال، تميل إلى الحفاظ على تفاعل المستخدمين بشكل أكبر، وكان هذا هو أساس أهداف فيسبوك.
واتضح أن تفضيل المنشورات "المثيرة للجدل"- وضمنها تلك التي تثير غضب المستخدمين- يمكن أن يفتح "الباب أمام مزيد من البريد العشوائي/ إساءة الاستخدام/ النقر على الطعم عن غير قصد".
وبالفعل، أكد علماء بيانات شركة فيسبوك في عام 2019، أن المنشورات التي أثارت ردود فعل غاضبة أكثر واستخدمت الرموز التعبيرية المستاءة، كانت تتضمن معلومات مضللة ومسيئة وأخباراً غير دقيقة، ومع ذلك تم ترويجها بسبب التفاعل عليها.
وسائل التواصل منحت الجميع فرصة للتعبير
ما فعلته وسائل التواصل الاجتماعي هو إعطاء صوت لأي شخص لديه اتصال بالإنترنت، وبالطبع ما يقولونه ينتشر بشكل أسرع كلما كان مثيراً للجدل. وهذا أدى إلى تغيير الطريقة التي يتم بها تناول ومناقشة الأخبار السياسية.
إذ قام كثير من السياسيين، منذ ترامب وحتى قبل ذلك بأعوام، بترويج محتوى المواد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وجعلتهم يتواصلون مع الناس بطريقة تثير المشاعر المثيرة لمزيد من التفاعل، مثل الغضب.
هناك أيضاً ظهور النقاد السياسيين الذين صنعوا حياتهم المهنية من قول مزيد ومزيد من الأشياء المتطرفة عبر الإنترنت، وتلقي التفاعل من المؤيدين والمعارضين. وبالفعل قامت وسائل التواصل الاجتماعي بتعزيز كل ذلك.
ولكن قبل وسائل التواصل الاجتماعي، كان الراديو شديد الحزبية بدوره، لذا لم يكن الأمر يتعلق باختراع وسائل التواصل الاجتماعي لهذا النمط، لكنه تمكن من تضخيمه، وفقاً لموقع Silicon Republic للتكنولوجيا والمعلومات.