كثافة السياح بالمسجد الكبير في قرطبة تهدده بالزوال.. الأضرار طالت بعض أجزائه

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/04 الساعة 12:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/04 الساعة 13:13 بتوقيت غرينتش
المسجد الجامع في قرطبة - istock

كشفت تقارير أن كثافة السياح الزائرين للمسجد الكبير في قرطبة، أحد أشهر المعالم الإسلامية في إسبانيا، قد تهدِّد الجامع وتتسبب في انهياره، بحسب ما قالت صحيفة The Times البريطانية السبت 4 ديسمبر/كانون الأول 2021. 

ففي تقرير قُدِم إلى الحكومة الإسبانية هذا الأسبوع، ألقي الضوء على الخطر الذي يواجه المسجد بسبب ملايين المتفرجين الذين يزورونه كل عام. 

واستُخدِم المسجد، الذي بُنِي في موقع كنيسة سابقة على مراحل بين أواخر القرن الثامن وأواخر القرن العاشر، بمثابة كاتدرائية منذ استعادت القوات المسيحية المدينة الجنوبية الإسبانية عام 1236. ويستقبل ما يصل إلى مليوني زائر كل عام.

الأندلس
محراب في الجامع الكبير في قرطبة الذي تحول إلى كنيسة /IStock

قلة التهوية 

بحسب التقرير، فقد تسببت ظاهرة التكاثف الناجمة عن الزوار في أضرار للعديد من المناطق، بما في ذلك المحراب الغني بزخارف حدوة الحصان، ومحراب الصلاة الذي يشير إلى اتجاه مكة ويضم مئذنة يقود الإمام منها الصلاة. 

وقد ذكر التقرير أنَّ "سبب ذلك هو التكوين المعماري الخاص لتلك المساحات وعدم كفاية تهويتها".

يضيف التقرير أنَّ قلة التهوية تشكل خطراً على موقع التراث العالمي لأنَّ حرارة الجسم المنبعثة من كل زائر تساهم في تبخر المياه الموجودة في الهياكل المعمارية للمسجد/الكاتدرائية. ويشير إلى أنَّ "هذا التبخر يتسبب في تفكك هذه المواد ويساهم في تدهورها السريع".

وتراجعت أعداد الزوار خلال وباء فيروس كورونا المستجد، لكن بعد إعادة افتتاحه في أبريل/نيسان من هذا العام، سجَّل المَعلَم دخول 53 ألف زائر في مايو/أيار 2021 وحده.

ويزداد الخطر على المبنى لأنَّ قرطبة هي المدينة الأعلى درجة حرارة في شبه الجزيرة الأيبيرية، ففي الصيف، عندما وصلت درجة حرارة المدينة إلى نحو 47 درجة مئوية، رصد دعاة الحفاظ على البيئة أعلى مستويات التكاثف. 

يقول التقرير: "عندما تقترب لحظة التبخر الأكبر مع لحظة أكبر تدفق للسائحين، تأكدنا عملياً من ارتفاع مؤشرات الرطوبة المطلقة للبيئة ارتفاعاً ملحوظاً للغاية؛ مما يشكل خطراً على الحفاظ على المواد الأكثر حساسية للرطوبة". وإحدى هذه المواد هي الخشب، والتي تكوِّن الجزء الأكبر من السقف.

فيما أوصى التقرير "بضرورة تنفيذ جميع الإجراءات التي من شأنها تحسين تهوية المبنى والسيطرة على تدفقات الزوار وتجنب التجمعات ونشر الزوار عبر المكان خلال ساعات الزيارة".

وقد أثار الخطر على المبنى قلق خبراء التراث، فخلال الفترة الإسلامية في إسبانيا، كان جامع قرطبة ثاني أكبر مسجد من حيث المساحة بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة. ويشتهر بغابة من الأعمدة في قاعة الصلاة والأقواس ذات الطبقات المزدوجة، وله تأثير في الفن الإسلامي الغربي.

وفي القرن السادس عشر، عندما بنى أسقُف قرطبة، على نحو مثير للجدل، صحن الكنيسة وجناحاً في وسط الجامع، قال الإمبراطور تشارلز الخامس: "لقد بنيت هنا ما أمكنك أنت أو أي شخص آخر بناؤه في أي مكان؛ وبذلك، لقد دمرت مكاناً فريداً في العالم".

وتعليقاً على المخاطر التي يشكلها تكاثف الهواء الناتج عن السائحين، صرحت صحيفة El Diario الإلكترونية: "إنَّ الكثير من الأضرار التي لحقت بالسقف المبطَّن بألواح مجوفة، والذي لا مثيل له، ناتج عن الرطوبة التي ينتجها باستمرار كل سائح يظل فمه مفتوحاً أثناء التأمل في المحراب".

تحميل المزيد