رغم أن العلماء يدرسون الأحلام منذ سنوات، لا يزال يُساء فهم الصور والمشاهد التي تظهر أثناء النوم. وعند النوم تبقى العقول نشطة وتخلق قصصاً إما غير منطقية أو يبدو وكأنها تنبئية من وجهة نظر الحالم، حسب الثقافة التي ينحدر منها والمعتقدات التي يؤمن بها. فما تفسير الحلم بالطيران أو القفز عالياً حد الطيران حسب تحليل علم النفس؟
ما هو الحلم العادي؟
وفقاً لمؤسسة النوم الوطنية، يحلم الإنسان عادةً من 4 إلى 6 مرات في الليلة، وبينما يبدو الرقم غير قابل للتصديق، فلا بد من الإشارة إلى أن الإنسان ينسى أكثر من 95% من جميع الأحلام.
تحدث الأحلام طوال الليل، لكن الأحلام الأكثر وضوحاً والتي غالباً ما نتذكرها تحدث أثناء نوم حركة العين السريعة (REM).
وبطبيعة الحال يتأثر الحلم بما نفكر فيه قبل النوم أو بما عشناه في يوم اليقظة، وقد يسلط الضوء في المقابل على ما نتجنب التفكير فيه أو نخشى منه.
حرية ذهنية وانطلاق
الحلم بالطيران من الأحلام النادرة التي ترتبط بأحاسيس سلبية ومشاعر مزعجة عند الاستيقاظ، بل هو من الأحلام الشائعة التي ترفع من معنويات الإنسان، حتى لو كان يفر من شيء طيراناً، حسب ما نشر موقع Well Being.
وتتجلى أحلام الطيران بأكثر من طريقة ممتعة "للإقلاع"، كالقفز من مكان مرتفع والسقوط الحر الذي يتحول إلى طيران، أو ما يشبه انزلاقاً وخطوات مطولة تبدو وكأنها طيران.
والحقيقة أن كل هذه الطرق ترمز إلى الأساليب الداخلية التي تستخدمها لتحقيق حالة من الحرية الذهنية أو الوضوح.
ورغم أنها من الأحلام الشائعة، إلا أنها لا تتكرر كباقي الأحلام المزعجة، فما سر الحلم بالطيران؟
تفسير الحلم بالطيران
يجسد الطيران واحدة من أعظم رغبات البشرية؛ التحليق مثل طائر في السماء متحرر من كل القيود الأرضية.
هذه الحرية هي أحد المعاني الرئيسية وراء أحلام الطيران.
عندما تحلم بالهروب من قيود الجاذبية، فأنت تحلم أيضاً بالهروب من القيود الأخرى في حياتك اليقظة، وكذلك القيود الداخلية الخاصة.
يقول المعالج النفسي جيفري سومبر: "توجد عدة عوامل حول طبيعة الحلم ووجهة نظر الإنسان للطيران". ويضيف لموقع Huffpost: "في كثير من الأحيان يمثل الطيران شعوراً بالحرية".
ويوضح سومبر أن أحلام الطيران هي بمثابة نوع من الهروب من ضغوط الواقع العالم (الذي تمثله الأرض).
بدوره يقول عالم النفس في المعهد المركزي للصحة العقلية في مانهايم مايكل شريدل إن: "الحلم بالطيران موضوع رائع".
وفي سلسلة من الدراسات، سعى شريدل إلى ربط انتشار أحلام الطيران بسمات شخصية معينة أو اختيارات في الحياة.
من خلال تجميع بيانات الأحلام التي تم رصدها منذ عام 1956 وإجراء مسوحات واسعة، توصل إلى بعض الاستنتاجات المكبرة:
أولاً: "يحلم الأشخاص الذين لديهم تجارب حياتية في الطيران بالطيران في أثناء النوم". ويوضح شريدل: "غالباً ما يمارس مدربو الطيران الشراعي المعلق مهنهم في الأحلام، ولكن بدون معداتهم".
وحقيقة أن تكرار أحلام الطيران انتعش منذ الخمسينيات من القرن الماضي، وهو ما يشير- حسب رأيه- إلى حدوث المزيد من رحلات الطيران الواقعية، والتي ستترجم في عالم الأحلام، الأمر الذي يتسق مع "فرضية الاستمرارية" للأحلام، وهي نظرية مثيرة للجدل تفترض أن الأحلام مجرد نسخة غريبة من تجارب اليقظة، حسب موقع Psychology Today.
للتعمق في هذه الفرضيات، حلل شريدل بنك الأحلام الذي يضم 6000 حلم لشخص واحد مجهول احتفظ بمذكراته منذ عام 1984.
وجد شريدل أن هذا الإنسان حلم كثيراً بالطيران، بعدما حلق لأول مرة عبر المحيط الأطلسي، ثم أصبحت أحلام الطيران أكثر إبداعاً مع مرور الوقت، فكان مرة يطير بمساعدة منزل وتارة بمساعدة كرة سحرية أو دراجة أحادية من أجل عبور الحدود بشكل غير قانوني وإثارة إعجاب فتاة، وغالباً ما كان ينجح في مسعاه الخيالي.
وخلص شريدل إلى أن الأشخاص الإيجابيين في حياتهم عموماً يحلمون أكثر من غيرهم بالطيران.
وفي دراسة أخرى نُشرت العام 2014 في المجلة الأمريكية لعلم النفس، أجرى الباحث في الأحلام الطبيب النفسي تاداس ستومبريس وزملاؤه (بما في ذلك شريدل) مسحاً على 684 شخصاً حول أنشطة عالم الأحلام الأكثر شيوعاً.
قال ستومبريس لموقع Slate: "جاء الطيران في المرتبة الأولى"، إذ أفاد ثلث الأشخاص عن حصول الطيران في الحلم.
وتفوق الطيران على عدد من وسائل التسلية الشائعة الأخرى، بما في ذلك الجنس والرياضة و "القتال أو القتل أو الأسلحة" وغيرها.
وشرح أن الإنسان قادر على أن يخطط لحلمه إلى حد ما وذلك عبر تخطيط الأنشطة التي يود اختبارها أثناء اليقظة، فيشاهد الإنسان في الحلم توقعاته متجسدة.
لذا، إذا أردت الطيران، فيمكن التفكير أثناء اليقظة وتصور نفسك محلقاً مثل "سوبر مان"، وبهذه الطريقة تستطيع اختبار شعور الطيران في حلم تلك الليلة على الأرجح.
ومع ذلك، لفت ستتومبرس إلى أن العلاقة بين الأحلام والطيران ليست بالضرورة علاقة سببية.
لذا، إذا وجدت نفسك تحلق في السماء ليلاً، هذا الحلم ليس صدفة بالضرورة، فهو يقول شيئاً واضحاً عن طريقة تفكيرك.
مواضيع ذات صلة
تحلم بالسقوط من مكان مرتفع؟ لا تفزع.. لست وحدك، هكذا يفسره علماء النفس
هروب للنجاة أم لعدم الرغبة في المواجهة؟ إليك تفسير الركض في الحلم حسب علم النفس