يقود ماسيج شيشنوفيتش، رئيس الجالية المسلمة المحلية في قرية بوهونيكى بشرق بولندا، مبادرة إنسانية تسعى إلى تقديم الطعام للمئات من المهاجرين الجوعى العالقين على الحدود مع بيلاروسيا، والراغبين في العبور إلى بولندا، في محاولة منه من أجل التخفيف من آلامهم ومعاناتهم الكبيرة، خاصة الأطفال منهم.
حسب ما نقله تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية، الأحد 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، فقد بكى شيشنوفيتش عندما رأى المهاجرين على الحدود لأول مرة، جائعين ومرهقين من مشقة محاولتهم الدخول من بيلاروسيا.
صوت بكاء الأطفال أكثر ما يؤلمه
فقد رأى الناس متعبين للغاية؛ لدرجة أنهم لم يعودوا قادرين على الوقوف، وهم جائعون لدرجة أنهم يقطفون عش الغراب من الأرض لتناوله ويأكلون بذور التفاح عندما يحصلون عليه.
لكن أكثر ما يؤلمه هو سماع أصوات معاناتهم. وقال: "إنه صوت بكاء وصراخ الأطفال، إنه أسوأ شيء".
نظراً لأن بولندا تشهد مهاجرين من الشرق الأوسط يعبرون من بيلاروسيا إلى منطقة من الغابات والمستنقعات، فقد عمل شتشينوفيتش للمساعدة في جمع الملابس وإعداد الطعام لهم.
ظهر عدد كبير من المهاجرين هذا الأسبوع على الحدود البولندية، مما زاد من حدة المواجهة السياسية بين الاتحاد الأوروبي وبيلاروسيا. مع حشد القوات على الحدود، يساعد شتشينوفيتش أيضاً في إطعام الجنود وغيرهم من أفراد الخدمة الذين يحمون البلاد.
مأساة المهاجرين العالقين
لقد زارته وكالة Associated Press الأمريكية يوم السبت 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 في مطعم حيث كان هو ومتطوعون آخرون يعدون قدراً كبيراً من حساء الدجاج والخضراوات على البخار، كانت هذه الأطعمة موجهة للجنود والحراس الآخرين على الحدود، لكنه يأمل أن تشق بعض من هذه الأطعمة طريقها إلى المهاجرين.
في حين أن المنطقة الحدودية محظورة بسبب حالة الطوارئ السارية منذ أوائل سبتمبر/أيلول 2021، إلا أن توصيله للحساء إلى الحدود منحه وصولاً لا يتمتع به الآخرون- وإلقاء نظرة على معاناة الناس عبر أسوار الأسلاك الشائكة في بيلاروسيا.
تجدر الإشارة إلى أن آلاف المهاجرين يحاولون منذ شهور التسلل عبر الحدود الشرقية لبولندا من بيلاروسيا، على أمل شق طريقهم نحو أوروبا الغربية.
بالنسبة إلى السياسيين البولنديين والاتحاد الأوروبي، يُنظر إلى وصول المهاجرين، ومعظمهم من المسلمين من الشرق الأوسط، على أنه مشكلة يجب إيقافها.
متطوعون يقدمون مساعدات إنسانية
هناك عدد كبير من البولنديين الذين يرون ببساطة البشر بحاجة إلى يد العون ويبحثون عن طرق لمساعدتهم.
ذهب المسعفون إلى الغابة لتقديم المساعدة الطبية لأولئك الذين تمكنوا من التسلل. غالباً ما يكونون مرضى أو مصابين. وفي الوقت نفسه، كان الناس في جميع أنحاء البلاد يتبرعون بالمال للمنظمات التي تأخذ الطعام والمساعدات الأخرى للمهاجرين في الغابات.
معظم المتطوعين هم من الروم الكاثوليك، كما هو الحال في بلادهم، لكن شيشنوفيتش يترأس الجالية المسلمة في بوهونيكى، حيث لا تزال تعيش أقلية صغيرة تنحدر من مجموعة من التتار المسلمين الذين استقروا في المنطقة منذ 600 عام.
مع ذلك، يقول شيشنوفيتش إن هويته الإسلامية ليست السبب الرئيسي وراء مساعدة المهاجرين. وقال: "من المفترض أن نساعد كل من دخل الحدود البولندية، ونساعد الجميع لأنهم بشر".
بالفعل يمكن أن يكون الوضع في المنطقة مميتاً، حيث جرى الإبلاغ عن تسع حالات وفاة حتى الآن، بما في ذلك مقتل شاب سوري يوم السبت 13 نوفمبر/تشرين الأول 2021. وتتزايد المخاطر مع اقتراب فصل الشتاء.
ويخشى شيشنوفيتش أن "تحدث المزيد من الوفيات في هذا المكان".