عندما تذهب للتسوق في المرة المقبلة سواء في متجر بقالة كبير أو مركز تسوق، تأمل قليلاً في الحوائط حولك. لا توجد نوافذ أو واجهات زجاجية داخل المتجر كما خارجه، وإذا كانت موجودة، فهي في الجزء الأمامي من المتجر فقط.
قد لا تولي اهتماماً كبيراً للميزات المعمارية للمبنى الذي تتسوق فيه البقالة الأسبوعية- فأنت هناك لتسوق الطعام وليس لتأمل إنجازات المهندسين- ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لا تحتوي محلات السوبر ماركت الكبيرة على واجهات زجاجية؟
من رائحة الخبز في مقدمة المتجر إلى وضع المنتجات الأعلى ربحاً على الرفوف المتساوية مع مستوى نظر المتسوقين، لا تتوانى المتاجر عن استخدام حيل، هدفها إطالة المدة التي يمضيها المتسوق في المتجر وبالتالي زيادة غلتها من وقوعه في فخ الشراء الاندفاعي.
لا تفتقر هذه المتاجر إلى النوافذ والواجهات الزجاجية من قبيل الصدفة، وهناك عدة أسباب وراء هذا الاتجاه في هندستها.
أولاً: محاولة إبقاء الناس في الداخل فترة أطول
يوضح خبير التسوق الذي درس سلوكيات التسوق وعلم النفس آندري فاسيليسكو لمجلة Reader's Digest: "تريد المتاجر إنشاء بيئة منفصلة داخل متجرها، حيث لا يوجد العالم الخارجي، بحيث لا يشتت المطر أو أشعة الشمس أو حقيقة أن أطفالك ينتظرون في موقف السيارات. لابد أن ينصب كل تركيزك على تجربة التسوق".
تمنع هذه التقنية أيضاً المتسوقين، على سبيل المثال، من ملاحظة مغيب الشمس أو حلول العتمة وحتى تغير الأحوال الجوية للأسوأ.
تدفع هذه الحيلة النفسية المتسوقين إلى قضاء مزيد من الوقت داخل المتجر، وبالتالي تزيد احتمالية شرائهم مزيداً من المنتجات والمعروضات.
ثانياً: حماية المنتجات
يساعد حجب ضوء النهار عن متاجر البقالة في الحفاظ على المنتجات، حيث تفسد بعض المنتجات بشكل أسرع في ضوء الشمس المباشر.
قد يؤدي التعرض المفرط لأشعة الشمس إلى تلاشي ملصقات العبوات كذلك، فيظن المشتري أنها قديمة جداً ولا يشتريها.
ثالثاً: مساحة عرض أقل
يقلل وجود نوافذ في المتاجر من المساحة المتاحة لعرض المنتجات. تقول المهندسة المعمارية المختصة بتصميم مباني البيع بالتجزئة مارجين بيزواس: "تتمتع الجدران الخارجية بدعامات هيكلية قوية ويمكنها حمل العناصر الثقيلة على أرفف تلك الجدران، فضلاً عن أن النوافذ وواجهات المحلات باهظة الثمن ويريد تجار التجزئة تقليل تكلفة الإنشاء".
رابعاً: مخاوف أمنية
تثير النوافذ مخاوف أمنية من إمكانية كسرها واقتحام المتجر، ويهم أصحاب المتاجر بالتأكيد تقليل أكبر عدد ممكن من نقاط الدخول والخروج لأسباب أمنية.
هل نجحت هذه السياسة؟
في ألمانيا، اختبرت بعض متاجر Aldi الشهيرة أداء متاجرها التي تحتوي على مزيد من الضوء الطبيعي، سواء كان ذلك من النوافذ أو قبة في السقف.
كان النجاح مختلطاً، بمعنى فسدت بعض المنتجات نتيجة أشعة الشمس، فاضطروا إلى استبدال الزجاج بألواح مصممة خصوصاً للمساعدة في تقليل فاعلية الحرارة والأشعة فوق البنفسجية، علماً أن المتسوقين شعروا براحة أكبر عندما أُحيطوا بالضوء الطبيعي حولهم.
في المقابل، كانوا أكثر قدرة على تحديد مواضع المنتجات والأشخاص الآخرين في المتجر وقراءة المكونات الغذائية.
المنتجات الأكثر بيعاً في آخر المتجر
ومن الحيل الأخرى التي تستخدمها المتاجر للتمسك بالمتسوق أطول فترة ممكنة، زيادة مسافة المشي داخل المتجر عن طريق وضع المواد الغذائية الأساسية والأكثر بيعاً في الأطراف البعيدة؛ حتى يضطر إلى السير لمسافة أبعد، حسب ما نشره موقع Mashed.
ولا تكتفي بهذا الأمر، بل تمطر المتسوق بألوان زاهية وروائح جذابة وموسيقى عذبة؛ لخلق تجربة إيجابية متعددة الحواس تضع العملاء في مزاج التسوق الملائم جداً لقيمة أرباحها.
لذلك، في حين أن قرار متاجر البقالة تقليل النوافذ أمر منطقي من وجهة نظرهم، إلا أنه ليس مفيداً دائماً للزبون، خاصةً إذا كان يحاول الالتزام بميزانية إنفاق محدودة.
لذلك، إذا كنت تراقب نفقاتك وتنوي شد الحزام، فمن الحكمة إذاً تحضير قائمة تسوّق بما ينقصك، وربما مراقبة الساعة؛ للتأكد من عدم وقوعك في فخ قضاء مزيد من الوقت وإنفاق مزيد من المال على أشياء لم تخطط لها وربما لا تحتاجها.