حُبكت قصص مخيفة ومرعبة جداً حول ظواهر تعج بها الطبيعة، فمن البحيرات التي تتدفق منها الدماء، إلى النهر الذي يغلي كل ما ومن يسبح بداخله، نستعرض في هذا التقرير التفسير العلمي لظواهر مخيفة في بعض البحيرات حول العالم.
دماء بحيرة نطرون في تنزانيا
الماء ضروري للحياة على الأرض، لكن المياه القلوية المالحة لبحيرة النطرون في تنزانيا يمكن أن تكون مميتة.
تشتهر البحيرة أولاً بسبب مياهها الحمراء الملوّنة بالبكتيريا المُحبة للملح، وفقاً لوكالة ناسا. حصلت بحيرة نطرون على اسمها من خليط طبيعي من كربونات الصوديوم يسمى natron، حسب موقع Smithsonian.
استخدمت العديد من الثقافات، وضمن ذلك المصريون القدماء، النطرون في ممارسات التحنيط، وهو ما يحدث إلى حد كبير للمخلوقات التي تنتهي في البحيرة.
وبالمثل، كانت شواطئ البحيرة في بعض الأحيان مليئة بجثث الحيوانات النافقة، وكذلك بعض الطيور المهاجرة التي ترتكب الخطأ المميت المتمثل في الهبوط في الماء.
يمكن أن تصل درجة حرارة مياه البحيرة إلى 49 مئوية، كما أن محتواها العالي من الملح يسبب تهيُّجاً شديداً للجلد والعينين.
أما البكتيريا الزرقاء، التي تعطي البحيرة لونها الأحمر والبرتقالي اللامع، فهي سامة وقد تؤدي إلى الموت.
ومن المثير للدهشة أن بحيرة نطرون تعج بالحياة بالفعل، وتعتبر المستنقعات المالحة موطناً حرجاً لجميع أنواع الكائنات الحية التي تكيفت للعيش في مياهها أو بالقرب منها، مثل البلطي القلوي وطيور النحام أو الفلامنغو.
وتستخدم 75% من طيور الفلامنغو من نوع Phoeniconaias Minor البحيرة للتكاثر.
النهر المغلي في بيرو
بالنسبة للعالِم أندريس روزو، كان النهر المغلي في الأمازون عنصراً مثيراً للاهتمام في أسطورة شعوب الإنكا التي أخبره بها جده، لكنه سيصبح أول عالم يدرس مصدر حرارة النهر.
ثم بدأ روزو التحقيق في وجود النهر لأول مرة، وسارع خبراء آخرون إلى الإشارة إلى أن هذه الظاهرة الحرارية الأرضية لن توجد إلا في وجود نشاط بركاني، ولا توجد براكين في الأمازون أو معظم بيرو.
لكن الجيوفيزيائي علِم أن عمته سبحت في النهر وأن السكان المحليين يستخدمون النهر يومياً كمكان مقدس وشفاء لهذا اليوم.
صُدم روزو كما أوضح في محاضرته على TED Talk عام 2014، وبعدما أحضرته عمته إلى النهر، كان أحد العلماء الوحيدين الذين درسوا المصدر غير المفهوم كثيراً لهذه الحرارة المائية منذ ذلك الحين.
ويتداول السكان المحليون أسطورة بشأن روح الثعبان ياكوماما أو "أم المياه" التي تلد المياه الساخنة والباردة، كما أخبر روزو.
وكشف أنه إذا لامست يداك المياه فقد تتعرض لحروق من الدرجتين الثانية والثالثة.
يحافظ النهر على درجة حرارته المرتفعة، على الرغم من عدم وجود أي براكين نشطة معروفة أو فتحات حرارية أرضية، والتي عادةً ما توفر التدفئة الحرارية الأرضية للمياه الجوفية.
وعلى الرغم من طبيعة المياه الفريدة، فقد وصفتها مؤسسة "ناشيونال جيوغرافيك" بأنها ميزة طبيعية تماماً، وهي غير بركانية ولكن ذات طاقة حرارية أرضية تتدفق بمعدلات عالية بشكل غير طبيعي.
النظرية العلمية المرجحة هي التدرج الحراري للأرض، فكون المياه أقرب إلى باطن الأرض، تميل المياه الجوفية إلى أن تكون ذات درجة حرارة أعلى من المياه السطحية.
وعندما تتساقط الأمطار على غابات الأمازون المطيرة، تكتشف صدوعاً عميقة الجذور، حيث تنتقل إلى القشرة الأرضية.
وبالتالي يتم تسخين المياه وفقاً للتدرج الحراري الأرضي، ومن المحتمل بعد ذلك أن تتم تغذيتها على سطح الأرض من خلال الينابيع الساخنة.
بحيرة كيفو "المتفجرة" المتاخمة لرواندا والكونغو
من المعروف أن عدداً قليلاً جداً من البحيرات على الأرض قادرة على الانفجار فيما يسمى بالثوران البركاني أو الثوران الليمني.
تحدث الانفجارات الليمنية عندما تنفجر غازات مذابة- محتجزة تحت ضغط الماء في الأعلى- فجأة، مُطلقةً أعمدة عملاقة من أبخرة سامة سريعة الحركة في الهواء.
تموت معظم الكائنات الحية داخل دائرة الانفجار اختناقاً، وتسبب ثوران بركاني في بحيرة مونون بالكاميرون في مقتل 37 شخصاً في عام 1984.
وبعد ذلك بعامين، توفي ما يقرب من 1800 شخص ونفق نحو 3000 رأس ماشية، بعد انفجار في بحيرة نيوس بالكاميرون أيضاً.
لكن بحيرة كيفو، الواقعة بالقرب من بوكافو وغوما بجمهورية الكونغو الديمقراطية وجيسيني في رواندا، أكثر رعباً، لاسيما أن ملايين الأشخاص يعيشون في مكان قريب.
على الرغم من أن كيفو لم تنفجر في الذاكرة الحديثة، فإن الأدلة على الانفجارات موجودة في السجل الأحفوري منذ ما بين 3500 و5000 سنة مضت، وفقاً لموقع Knowable.
وتعد بحيرة كيفو واحدة من بحيرات إفريقيا العظيمة، وتوجد كميات هائلة من الغازات السامة المذابة، من ضمنها الميثان وثاني أكسيد الكربون (CO2)، المحصورة تحت أعماق 500 متر.
تحتوي البحيرة على 2.6 غيغا طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يمثل نحو 5% من انبعاثات الغازات الدفيئة السنوية العالمية، وفقاً لمجلة Nature.
شلالات الدم في أنتاركتيكا
الوديان الجافة في أنتاركتيكا- أكبر منطقة خالية من الجليد في القارة- واحدة من أكثر الأماكن جفافاً وأكثر الصحاري تطرفاً على وجه الأرض.
أما أبرز معالمها فهي شلالات الدم المسماة على نحو مناسب، بسبب لون المياه.
وكما لو أن الجليد البكر يتدفق دماً، تنهمر الشلالات في بحيرة بوني المجمدة، لكن كيف يمكن أن يتدفق الماء في درجات حرارة متجمدة؟
من الجدير ذكره أن شلالات الدم أكثر ملوحة بثلاث مرات من المحيط، مما يمنع الماء من التجمد.
أما سبب اللون الأحمر فهو وجود بحيرة غنية بالحديد محصورة تحت نصف كلم من النهر الجليدي ومعزولة عن أشعة الشمس والهواء لملايين السنين، حسب موقع Atlas Obscura.
عندما يتفاعل الحديد الموجود في الماء مع الأوكسجين الموجود في الهواء في أثناء خروجه من الجليد، فإنه يلون الماء باللون الأحمر، تماماً مثل الصدأ. ولكنه ليس السبب الوحيد.
لم تشهد الوديان الجافة هطول أمطار منذ أكثر من 10 ملايين سنة، كما أن الرياح منخفضة الرطوبة تتبخر بسرعة من تساقط الثلوج. وبسبب هذا النقص الكلي في هطول الأمطار، يقول بعض العلماء إن التضاريس- التي تتميز بالصخور التي تآكلت بفعل الرياح والمنحدرات الخشنة- تشبه المريخ أكثر من الأرض.
في الواقع، يدرس العلماء الكائنات الحية الدقيقة الصغيرة التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ والتي تتسرب من شلالات الدم؛ لفهم كيف يمكن أن توجد الحياة على كواكب أخرى، مثل سادس أكبر قمر لكوكب زحل إنسيلادوس.