من المحتمل أن تكون عملية التنظيف وترتيب الألعاب بعد جلسة لعب ممتعة لطفلك في مرحلة ما قبل المدرسة، من أكثر المهام السخيفة بالنسبة لكلاكما.
وما لم تكوني على استعداد للتعايش مع وجود حيوانات الغابة البلاستيكية في أرجاء المنزل، يحتاج طفلك في مرحلة ما قبل المدرسة إلى تعلُّم كيفية تنظيف الألعاب بعد جلسات المرح، واستيعاب مفهوم الترتيب والتنظيف وراء نفسه.
ويُعد تنظيف الفوضى التي أحدثها الصغار بأنفسهم بعد اللعب جزءاً مهماً من تنمية قدرات الطفل وخطوات تدريبه على النضج، إذ يساعد هذا النشاط الأطفال في سن ما قبل المدرسة على تطوير شعورهم بالمسؤولية.
مخاطر التنظيف وراء طفلك دون تدريبه
على الرغم من أنه قد يكون من الأسهل عليكِ التنظيف بنفسك؛ لتجنُّب عناء الإقناع واستهلاك الوقت والطاقة، فإن ذلك يعتبر مجرد حل قصير المدى، وقد تكون له عواقب وخيمة تربوياً.
إذ تعمل المساعدة الدائمة على جعل الطفل معتاداً أن هناك قوة أكبر تتحمل عنه مسؤوليات أفعاله وتساعده بلا شروط.
ويتضمن هذا النمط أكثر من مشكلة على عدة مستويات. أولاً، سيجعل عليكِ مزيداً من الأعباء المنزلية بطبيعة الحال. وثانياً، سيرسل الرسالة الخاطئة إلى الأطفال، ويجعلهم يتخيلون أنهم لا يستطيعون تنظيف الفوضى الخاصة بهم و/ أو أنهم لا يحتاجون إلى بذل العناء من الأساس، لأن شخصاً آخر سيفعل ذلك نيابةً عنهم.
لذلك إذا كنتِ تلاحقين طفلك باستمرار في هذا العمر الصعب، يجب الاطلاع على ما يمكن توقعه خلال العملية، وما الذي ينبغي لكِ فعله أو تجنُّبه لتعليم الطفل ترتيب الألعاب من دون مشكلات.
فوائد أخرى لتعليم الطفل ترتيب الألعاب بنفسه
تشير تامار تشانسكي، عالمة النفس ومؤلفة كتاب "تحرير طفلك من القلق"، إلى دراسة نشرتها جامعة مينيسوتا الأمريكية في عام 2014، والتي وجدت أن إعطاء الأطفال أعمالاً منزلية في سن مبكرة "يساعد على بناء شعور دائم بالإتقان والمسؤولية والاعتماد على الذات".
ووجدت الدراسة، التي تابعت أكثر من 80 طفلاً طوال حياتهم، أن الأطفال الذين بدأوا القيام بالأعمال المنزلية مبكراً، في سن 3 أو 4 سنوات، كانوا أكثر عرضة لإقامة علاقات أفضل مع الأصدقاء والعائلة.
وأتى ذلك إضافة إلى نيلهم نجاحات أكاديمية وحياتية أكثر من غيرهم.
وكانت الوظائف التي حصلوا عليها عند مقارنتها بأولئك الذين لم تكن لديهم أعمال منزلية وهم صغار، أفضل وأكبر دخلاً.
1- قد لا يستطيعون إتمام المهمة بنجاح ولكن يمكنهم المساعدة
هل يملك طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات فقط قوة الانتباه والقدرة المعرفية لترتيب كل ألعابه حقاً؟ حسناً، قد لا يستطيعون ذلك.
ولكن حتى وإن كان هذا هو الواقع، فإنه لا يزال بإمكانه المساعدة.
وكما تشير سونيا ميهان، المنظمة المحترفة وخبيرة الترتيب، فإن الأطفال الصغار عادةً ما يرغبون حقاً في المشاركة في أي نشاط، وضمن ذلك الترتيبُ.
وتوضح ميهان لموقع NBC News قائلة: "يمكن الاستفادة من هذا بمساعدتهم على تكوين عادات جيدة للترتيب قبل أن يفقدوا حماستهم للنشاطات المماثلة مع تقدُّمهم في العمر".
وتضيف: "ابحثي عن طرق يمكنهم من خلالها المشاركة في القيام بترتيب الألعاب، مثل فرز المكعبات عن الدمى والحيوانات البلاستيكية وغيرها، أو جمع أقلام التلوين في عبوة واحدة مخصصة لها، أو ترتيب العرائس على الرف، وهكذا".
2- لا تجعلي المهمة بمثابة عقاب لهم على إحداث الفوضى في المنزل
إذا قمتِ بالمشي على مكعب بلاستيكي للعب عن طريق الخطأ، وتشعرين بالألم المبرح في قدمك وبدأتِ تشعرين بالغضب من الفوضى العارمة من حولك، فقد لا يكون الخيار الأمثل هنا هو الصراخ في طفلك بأنه "حان وقت ترتيب الألعاب!".
لأنه بتلك الطريقة سيقوم الطفل بربط نشاط ترتيب ألعابه بأنه عقاب على سوء اقترفه، وأن لعبه ومرحه بحرية في المنزل أمر "يصيبك بالغضب"؛ ومن ثم فهو شيء "خطأ".
عوضاً عن ذلك، ينصح موقع Very Well Family التربوي بإخبار الطفل مثلاً: "ضع سيارتك في مكانها بدرج الألعاب قبل أن تبدأ في اللعب بالألوان".
ومن خلال تقسيم المهمة إلى مهام صغيرة، يصبح العمل الروتيني الذي لا ينتهي تقريباً مع الأطفال صغار السن، أمراً قابلاً للإدارة.
وتذكَّري دوماً أن تنظيف الألعاب ليس شيئاً يعرفه الأطفال بطبيعتهم، بل يحتاجون إلى الصبر والتدريب والتعلُّم.
3- اشرحي للطفل أسباب ضرورة ترتيب الألعاب
هذا أمر واضح بالنسبة لك، ولكن بالنسبة لطفلك في سن ما قبل المدرسة، فإن التنظيف لا يُعد سوى تنبيه إلى أن وقت المتعة والمرح انتهى، وبالطبع قد يرتبط الأمر حينها بشعور سلبي عند الطفل.
لذلك من الضروري شرح أنه إذا لم يتم وضع الألعاب بعيداً بشكل صحيح، فقد يتعثر شخص ما ويؤذي نفسه، أو قد تضيع القطع، ومن ثم فإن اللعب بهذه اللعبة المعينة في المرة القادمة لن يكون ممتعاً للغاية.
ويجب الحرص دوماً مع الأطفال الصغار على إجراء اتصال يمكنهم الارتباط به وفهمه واستيعابه بقدراتهم العقلية اليافعة.
4- ترتيب الألعاب في فئات وتخصيص أماكن سهلة بالنسبة للطفل
بدلاً من إتاحة جميع ألعاب طفلك في جميع الأوقات، يمكنك أيضاً محاولة تحديد عدد الألعاب التي يتم إخراجها كل يوم أو بشكلٍ أسبوعي.
وينصح موقع What to expect للأمومة والتربية، بأن يحظى الطفل بألعابه بالتناوب، لأن ذلك يساعد في تقليل الفوضى وتسهيل ترتيب الألعاب بعد الانتهاء.
كما يسمح هذا النظام لطفلك بالتركيز على الألعاب التي أمامه فترة أطول، والابتكار في طريقة الاستمتاع بها.
وبالنسبة لأماكن ترتيب الألعاب في حد ذاتها، يجب أن تكون مفهومة وسهلة الاستخدام بالنسبة للطفل؛ لكي يتمكن من استخدامها بنفسه.
ضع ملصقات صور قابلة للإزالة، على الأدراج والصناديق؛ لمساعدة الأطفال على تعلُّم أين يذهب كل شيء.
5- اجعليه نشاطاً ممتعاً ومشتركاً
اعملوا معاً، واجعلي الأمر نشاطاً ممتعاً ومرحاً.
من غير الواقعي أن تتوقعي من طفل صغير أن يعتني بكل ما لديه من أشياء بمفرده، لذا شاركيه في العملية؛ يمكنك تولي المهام الصعبة (مثل إعادة كتبه إلى الرف مثلاً)، بينما يتولى هو المهام التي يمكنه القيام بها أكثر مثل جمع المكعبات ووضعها في صندوقها.
كذلك قومي بتحويل المهمة إلى لعبة مرحة، مثلاً اضبطي مؤقت الساعة على بضع دقائق وقرري أن ترتبي سباق فيما بينكما، وتذكَّري أن يكون سباقاً واقعياً، بحسب موقع What to expect.
كما يمكن أن تصبح العملية تجربة تعليمية (الإشارة إلى الأشكال أو الألوان في أثناء فرز الألعاب لتعلُّمها) أو غناء رحلة ترتيب الألعاب برمتها (على سبيل المثال، اصنعي أغنية لترتيب الألعاب يمكن لكلاكما ترديدها، ما سيجعل الأمر أكثر متعة وحماسة).