قالت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير نشرته يوم السبت، 30 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إن لجنة من علماء الآثار، وعلى رأسهم العالم إنريكو غالوشيو، استطاعوا اكتشاف بعض آثار مدينة الحفلات في روما القديمة تحت البحر.
المشهد كان رائعاً، فقد كانت الأسماك تسبح حول عالم الآثار إنريكو غالوشيو وهو يُزيل طبقة من الرمال بحذر، ليكشف عن أرضية فسيفساء مزخرفة، كان النبلاء الرومان يستضيفون عليها حفلات متواصلة في مدينة باياي القديمة في خليج بوتسوولي، القريب من نابولي.
كشف المزيد من الأرصفة
يستمر غالوشيو على عمق 4 أمتار تحت البحر في الكشف عن المزيد من الأرصفة الفسيفسائية، وبقايا الجدران التي كانت تحيط يوماً بمنتجع صحي.
يعود تاريخ هذه الأرضيات الفسيفسائية إلى القرن الثالث، وهي ليست سوى جزء صغير من البقايا المكتشفة منذ بدأت مدينة باياي -التي أصبحت الآن متنزّهاً أثرياً واسعاً تحت البحر- في الخروج من مقبرتها المائية، وتحوّل الموقع إلى وجهة سياحية، حتى مع استمرار العمل للكشف عن آثار أخرى.
يقول عالم الآثار غالوشيو، الذي يتولى إدارة المتنزّه الغارق: "كان اكتشافاً مذهلاً، وجدنا 20 غرفة في هذه المنطقة وحدها، ولا يزال يوجد الكثير لاكتشافه، لكن هذه المهمة ستستغرق سنوات".
كان لدى الأباطرة مثل أغسطس ونيرون وكاليغولا منازل في باياي، وبعض أنقاض الفيلا التي كانت ليوليوس قيصر معروضة أيضاً في متحف كامبي فليغري الأثري.
شُيدت مدينة باياي على منحدرات بركان كامبي فليغري الضخم، وكانت ينابيعها الساخنة أكثر ما يجذب الناس إليها. يقول غالوشيو: "كانت المدينة عبارة عن منتجع صحي، وكان الناس يعتقدون أنها ستشفيهم من أي مرض يصابون به، وقد مات الإمبراطور هادريان في باياي، وربما أتى إلى هنا في أواخر حياته ليبحث عن علاج نهائي".
حفلات متواصلة لاياي
في أوقات لاحقة، صوّرت مصادر مكتوبة باياي على أنها مدينة الرذيلة، حيث كان الأثرياء يقيمون حفلات متواصلة لأيام، ويقيمون علاقات جنسية، ويُبعثرون أموالهم دون حساب، وكانت أيضاً المكان الذي تآمر فيه السيناتور غايوس كالبورنيوس بيزو لقتل الإمبراطور نيرون.
بحلول القرن الرابع بدأت مساحة شاسعة من المدينة في الغرق، نتيجة تحرك القشرة الأرضية، حيث يتسبب النشاط البركاني في ارتفاع وانخفاض سطح الأرض، وأثرت هذه الظاهرة على هذه المنطقة الخليجية بأكملها، لينتهي بها المطاف على عمق يتراوح بين أربعة وستة أمتار تحت البحر.
كان من ضمن الاكتشافات الأخرى حمامات أثرية ونوافير وأحواض أسماك -كان أصحاب المنازل يستخدمونها لتربية أسماك الشيقات لطاولات الذواقة الرومان- وماسورة مياه في منزل السيناتور جانيوس كالبورنيوس بيزو، منقوش عليها كنيته.
كان الموقع الذي تبلغ مساحته 437 فداناً ويستقر تحت البحر منطقة بحرية محمية منذ عام 2002. وقبل ذلك سرقت العديد من آثاره وبيعت في الخارج، وانتهى الأمر بأحدها في متحف جيتي في لوس أنجلوس.
يقول غالوشيو: "تزامنت السرقات مع تزايد شعبية غوص سكوبا، وبعض الناس نهبوا الآثار دون أن يدركوا قيمتها".
في حين يخضع الموقع لمراقبة محكمة بواسطة كاميرات مراقبة، وتفحص فرقة غطس من شرطة الفنون الإيطالية المنطقة بانتظام.
استكشاف الآثار
يقول غالوشيو: "ليس لدينا أي دليل على وقوع سرقات في الآونة الأخيرة، ولكن لا يمكننا استبعادها بنسبة 100%، والعمود الذي وجدناه قبل 10 أيام كان حوله حبل… ربما كان موجوداًَ منذ سنوات، لا ندري".
بإمكان السياح استكشاف الآثار عن طريق الغطس بالمنشاق أو غوص سكوبا بصحبة مرشد معتمد، وتتوفر سبعة مواقع للغوص، مثل بورتوس يوليوس، ومنزل السيناتور بيزو ونصب تذكاري للإمبراطور كلوديوس.
في سياق متصل تختبر سلطات المتنزّه أيضاً إمكانية السماح للزوار بمشاهدة هذه الآثار من قارب بأرضية زجاجية ينطلق من بوتسوولي.
قال جالوشيو إن علماء الآثار يحتاجون سنوات للبحث في المنطقة بأكملها، ولكن من المؤكد أنهم سيحققون اكتشافات أخرى كثيرة.