خلصت دراسة علمية إلى أن البيئة الطبيعية في 30 مدينة عبر العالم باتت في خطر بسبب البناء على السواحل، مشيرة إلى أنَّ البنية التحتية الساحلية سيكون لها تأثير بيئي كبير وخطير إذا لم تُدَر جيداً، طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 21 أكتوبر/تشرين الأول 2021.
فقد توصلت الدراسة إلى أنَّ "التصلب الساحلي"- استبدال الموائل الساحلية الطبيعية بجدران بحرية وحواجز حجرية وأرصفة وغيرها من الهياكل- "يتسع باستمرار" عبر المدن في أمريكا الشمالية والمملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا، مؤكدة أن الهياكل الصناعية حلّت محل أكثر من نصف السواحل في هذه المدن المختلفة.
هياكل صناعية
من جهتهم، حذّر معدو الدراسة من أنَّ الزيادات في التصلب الساحلي "ستؤدي إلى فقدان الكثير من الموائل الطبيعية المتبقية"- مثل الشعاب الصخرية والشواطئ الرملية والسهول الطينية وأشجار المانغروف- وزيادة انتشار الأنواع الغازية، وهي أنواع غريبة على النظم الإيكولوجية.
في هذا الإطار، ذكرت الدكتورة آنا بوغنو من جامعة سيدني، التي شاركت في إعداد الدراسة، أنَّ الفريق وجد ارتباطاً بين مدى التصلب الساحلي وعدد الأنواع البحرية الغازية الموجودة في منطقة محلية.
بوغنو أضافت: "الموانئ على وجه الخصوص هي بؤر كبيرة للأنواع الغازية؛ لأنها تأتي في أجسام السفن ومياه الصابورة. ثم تجد الأنواع غير الأصلية تلك الهياكل [الصناعية] التي لم يستعمرها التنوع البيولوجي الطبيعي كثيراً.. ومن هناك يمكن أن تنتشر إلى المناطق المحيطة".
فيما قدّرت الأبحاث السابقة التي أجرتها آنا بوغنو أنَّ ما لا يقل عن مليون كيلومتر مربع من المناظر البحرية تغيرت بسبب تركيب الهياكل الساحلية على مستوى العالم.
تعقيباً على ذلك، أشارت بوغنو إلى أنَّ بعض البيئات الساحلية مثل السهول الطينية وأشجار المانغروف "مهمة جداً للطيور المهاجرة، بالإضافة إلى أنها بيئات حاضنة لأنواع معينة من الأسماك".
كما تابعت: "عندما تضع حاجزاً حجرياً أو جداراً بحرياً، فأنت تغير بيئة الرواسب الناعمة إلى بنية صلبة، وبذلك تغير بيئة المكان تماماً، ومن ثم يمكن خسارة هذه الأراضي الحاضنة لبعض الأنواع البيولوجية المهمة".
زيادة تصلب السواحل
في حين حلَّل باحثون، من أستراليا ونيوزيلندا، البنية التحتية الساحلية في 30 مدينة بما في ذلك أديلايد الأسترالية وبالتيمور الأمريكية وبلفاست الأيرلندية وفانكوفر الكندية. ثم وجد هؤلاء الباحثون أنَّ هناك عدة عوامل مرتبطة بزيادة تصلب السواحل.
بوغنو أردفت: "في هذه المجموعة من مصبات الأنهار التي درسناها، كانت مؤشرات النمو مرتبطة بالناتج المحلي الإجمالي الإقليمي لمنطقة ما، والسكان، ثم سلسلة من معايير الشحن وركوب القوارب؛ مثل ارتفاع عدد زيارات سفن الشحن للموانئ، والمزيد من المراسي للقوارب الترفيهية".
إلا أن الخيار المثالي تمثل، بحسب بوغنو، في استعادة بعض الموائل الساحلية إلى حالتها الأصلية، مضيفة: "في بعض الأحيان، سيكون عكس ذلك (التصلب الساحلي) على المدى الطويل هو الحل الأرخص والأكثر فاعلية".
بينما في المواقع الأخرى، حيث يكون نشاط الشحن مرتفعاً، يمكن استخدام الهندسة البيئية. وفقاً لبوغنو: "تكمن الفكرة في تصميم تلك الأشياء لتبدو أشبه قليلاً بشكل الشاطئ الصخري، الذي سيكون له قمم وشقوق وحواف "لتقليد الموائل الطبيعية الدقيقة".
فيما وجد تقرير آخر، صدر قبل أيام، أنَّ السهول الطينية وأشجار المانغروف والموائل الساحلية الأخرى توفر حواجز طبيعية يمكن أن تسهم بدور مهم في الحد من آثار العواصف الشديدة، وإنقاذ آلاف الأرواح وتوفير 600 مليار دولار سنوياً.