تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الأربعاء 13 أكتوبر/تشرين الأول 2021، مقطع فيديو تم تصويره في إسرائيل، لعدد من اليهود المتشددين وهم يعتدون بالضرب على واحد من الطائفة، بعد العثور عليه داخل محل لبيع الهواتف الجوالة، وهو الأمر المحرم لدى هذه الطائفة من اليهود.
فقد نشرت قناة "12" الإسرائيلية المقطع، وأوضحت أن الأمر يعود لعدد من أفراد طائفة "الحريديم" وهي واحدة من أكثر الطوائف اليهودية تشدداً، وقد عثروا على شاب منهم وهو بصدد القيام بشراء هاتف ذكي.
حسب المصدر نفسه فإن قيام هذه المجموعة بهذا الفعل راجع إلى أن الطائفة تمنع منعاً كلياً مريديها من اقتناء التكنولوجيا وتجعله أمراً محرماً.
وتعتبر الأجهزة التكنولوجية الحديثة أحد الأمور المحرمة من طرف هذه الطائفة اليهودية المتشددة "الحريديم"، فقد سبق أن أصدر كبار حاخاماتها "موعظة" عام 2016 تحذّر من امتلاك الأجهزة الذكية واستعمال التكنولوجيا.
ليست الهواتف الذكية وحدها التي تلقى معارضة من طرف هذه الطائفة، بل إن أجهزة التلفاز كانت محرمة أيضاً، ويقول كبار الحاخامات إن هذه الهواتف تشكل خطراً أكبر من أجهزة التلفاز، لأنه "يمكن إخفاؤها في الجيب ولا يمكن تصور مدى الخطر الذي تلحقه بالمجتمع الحريدي"، على حد تعبيرهم.
من هم اليهود الحريديم؟
يعتبر الحريديم جماعة من اليهود المتدينين، ويعتبرون كالأصوليين، حيث يطبقون الطقوس الدينية، ويعيشون حياتهم اليومية وفق التفاصيل الدقيقة للشريعة اليهودية، ويحاولون تطبيق التوراة في إسرائيل، واسم حريديم جمع لكلمة حريدي، وتعني التقي، ويرتدون أزياء يهود شرق أوروبا، وهي المعطف الطويل الأسود والقبعة السوداء، ويرسلون ذقونهم لصدورهم، وتتدلى على آذانهم خصلات من الشعر المقصوع، وأحياناً ترتدي النساء البرقع الذي يشبه النقاب إلى حدٍّ بعيد.
لا يتحدث الحريديم العبرية قدر استطاعتهم، باعتبارها لغة مقدَّسة، ويفضلون التحدث بلغة الإيديش، وهي لغة يهود أوروبا التي نمت خلال القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين من لغات عدة، منها الآرامية والألمانية والإيطالية والفرنسية والعبرية.
وتتميَّز عائلات الحريديم بزيادة عددها، فهم لا يحددون النسل، وأعدادهم تتزايد، ونسبتهم في إسرائيل تقترب من 10%، ويصل عدد ولاداتهم السنوية إلى 35 ألفاً بما يشكل 25% من مجموع ولادات إسرائيل، ويتزوج فيها سنوياً 5 آلاف زوج حريدي، ينجب أحدهم 7-9 ولادات، ينتج عنها زيادة كبيرة في أعدادهم.
ما أسباب انعزالهم عن المجتمع الإسرائيلي؟
يتبنى الحريديم التفاسير الأكثر غلواً وتطرفاً في التراث الديني اليهودي، والتشدد في أداء العبادات والطقوس، بما يدفعهم للانعزال عن اليهود الآخرين في إسرائيل، لذلك يفترضون أن "على غيرهم من اليهود الاحتذاء بهم، لأنهم يلتزمون بتعاليم الكتاب المقدس، وينتظرون مجيء المسيح اليهودي المنتظر ليخلّصهم من متاعب الحياة، ويقيم لهم مملكة الرب على الأرض التي ستتحد مع مملكة السماء".
معظم الذكور في المجتمع الحريدي يبقون في المدارس الدينية حتى سن الأربعين، ولا يشاركون في القوى العاملة بالمجتمع الإسرائيلي، ما يفسّر عيشهم في ظروف سيئة، وفقر كبير، واعتمادهم على دعم الدولة، وبناء على الأفكار الحريدية يطلب من اليهودي الانسحاب من النشاطات العامة والتفرغ للدراسات الروحية، ويعتبرون الانخراط في الجيش وممارسة النشاطات الاقتصادية والرياضة والموسيقى والتلفاز خطيئة.
وتفضل الأغلبية الساحقة من اليهود الحريديم عدم الخدمة في الجيش الإسرائيلي، ورغم أن إسرائيل توافق على إعفائهم من الخدمة العسكرية فإن ذلك يثير الجدل في المجتمع الإسرائيلي، وفي النهاية تم إنشاء كتيبة بالجيش مخصصة للمتدينين الراغبين في الخدمة العسكرية، ويمثل الحريديم عدة أحزاب بناء على أصولهم الإثنية، فالأشكناز تمثلهم كتلة يهودات هتوراه، والشرقيون يمثلهم حزب شاس.