أقرّت الحكومة الصينية في الشهر الماضي قانوناً يسمح للأزواج بإنجاب ثلاثة أطفال؛ مما يرفع الحد المسموح به لأحجام الأُسر، وذلك في الوقت الذي تواجه فيه الصين أزمة ديموغرافية وشيكة.
لكن مع استمرار تردد العديد من الأزواج في توسيع أسرهم، توجهت بعض المناطق لتقديم حوافز مالية لتشجيع المزيد من الإنجاب، وفق ما ذكرته شبكة CNN الأمريكية الجمعة 24 سبتمبر/أيلول 2021.
تحفيزات مالية لتشجيع الولادات
ذكرت صحيفة Global Times الحكومية، يوم الأربعاء 22 سبتمبر/أيلول، أنَّ قرية هوانغتشوغين، في مدينة ليانجيانغ في مقاطعة قوانغدونغ الجنوبية، ستدفع للمقيمين الدائمين ما يصل إلى 510 دولارات شهرياً للأطفال المولودين بعد الأول من سبتمبر/أيلول.
ستتلقى العائلات الإعانات الشهرية حتى يبلغ أطفالهم عامين ونصف العام، التي يمكن أن يصل إجماليها إلى أكثر من 15000 دولار لكل طفل. ووفقاً للبيانات الرسمية، بلغ متوسط الدخل السنوي في ليانجيانغ 3295 دولاراً للفرد في عام 2019.
كما كشفت صحيفة Zhanjiang Daily المحلية، أنَّ هذه الإعانات، التي تصل إجمالاً إلى عدة ملايين من اليوان، ستأتي بتبرع من رجل ثري في القرية.
لزيادة معدل الخصوبة في الصين
سياسة الأطفال الثلاثة هي أحدث إجراء تتبناه الحكومة، ضمن مساعيها لزيادة معدل الخصوبة في البلاد في مواجهة شيخوخة سكانية سريعة وتقلُّص قوة العمل.
إذ أعلنت الحكومة عن تغيير سياسة الحد الأقصى للأطفال بعد أسابيع فقط من نشر تعداد 2020، الذي أظهر أنَّ عدد سكان الصين ينمو بأبطأ معدل له منذ عقود.
وفقاً لما ذكرته صحيفة Global Times، شمل جزء من جهود الحكومة تقديم حوافز مالية في أجزاء كثيرة من البلاد. إذ تُقدِّم لينز، الواقعة في شمال غربي مقاطعة غانسو، دعماً عقارياً بقيمة 6200 دولار للأزواج الذين لديهم طفلان أو ثلاثة أطفال.
تخطط الحكومة المحلية أيضاً لتقديم إعانات نقدية تصل إلى 1500 دولار لكل طفل سنوياً للعائلات التي لديها طفلان أو ثلاثة أطفال.
كما تقدم مدينة بانتشيهوا، وهي مدينة في مقاطعة سيتشوان، مساعدات نقدية للأسر التي لديها طفلان أو ثلاثة أطفال، بقيمة 80 دولاراً شهرياً لكل طفل.
تدابير مماثلة في أكثر من بلد
نُفِّذَت تدابير مماثلة في بلدان آسيوية أخرى تعاني من أزمات ديموغرافية مماثلة؛ فقد أصبحت مدينة ناجي اليابانية قصة نجاح للخصوبة بعدما دفعت الأزواج الذين يعيشون هناك لإنجاب المزيد من الأطفال. وتزداد الحوافز التي تدفعها الحكومة لمرة واحدة من الطفل الأول إلى الطفل الثاني، وهكذا.
في سنغافورة، التي تتمتع بأحد أدنى معدلات المواليد في العالم، قدّمت الحكومة دفعة نقدية لمرة واحدة للآباء المنتظرين مواليد في العام الماضي خلال جائحة فيروس كورونا المستجد.
لكن هناك معارضة داخل الصين
لكن في الصين، قوبل التشجيع الرسمي من أجل إنجاب المزيد من الأطفال بانتقادات من العديد من النساء والشباب الذين يقولون إنَّ الحكومة لم تبذل ما يكفي لمعالجة المشكلات الرئيسية التي تمنعهم من إنجاب المزيد من الأطفال؛ ألا وهي: عدم المساواة الراسخة بين الجنسين، وعدم الحصول على إجازة الأبوة، وارتفاع تكاليف المعيشة وتناقص فرص العمل.
لإنجاب المزيد من الأطفال، غالباً ما يتعين على النساء تقديم تضحيات وظيفية كبيرة، ويمكن أن يواجهن تمييزاً متزايداً في مكان العمل، لا سيما أنه لا يزال يُتوقع منهن أن يتحملن المسؤولية الأساسية عن رعاية الأطفال والأعمال المنزلية. ومع وجود عدد أكبر من النساء اللائي حصلن على تعليم جامعي ودخلن إلى سوق العمل أكثر من أي وقت مضى، فإنَّ عدداً أقل من النساء على استعداد لتقديم هذه التضحية.
تتجلى المشكلة تجلياً أوضح في المراكز الحضرية؛ حيث تكون تكلفة المعيشة أعلى، وهناك المزيد من المنافسة على الوظائف، ويشكو الكثير من جمود الأجور.
لكن وفقاً لما ذكرته صحيفة Global Times، فلا تزال العوائق قائمة أمام رفع حجم الأسرة حتى في المناطق الريفية الأقل كثافة سكانية. ففي بلدة لينز، وجدت دراسة استقصائية محلية أنَّ العوامل الثلاثة الأولى التي تُثني العائلات عن إنجاب أكثر من طفل هي الضغوط على السكن والتعليم ورعاية الأطفال.