هل نظرتم يوماً إلى السماء وتساءلتم: لمَ هي زرقاء اللون؟ يعود ذلك بشكل أساسي إلى قصر طول موجة اللون الأزرق مما يجعله طيفاً سهل الانتثار والتشتت.. ماذا يعني ذلك؟ سأشرح لكم بالتفصيل:
اقرأ أيضاً
لماذا السماء زرقاء؟
كي نفهم سبب تلون السماء بالأزرق نحتاج أن نفهم أولاً مصطلحين مهمين: طول الموجة والانتثار.
ضوء الشمس الطبيعي أبيض اللون، إلا أنه مكون من 7 أطياف مرئية للعين البشرية هي: الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجي والنيلي (أي ألوان قوس قزح)، وبما أن الضوء ما هو إلا (موجة كهرومغناطيسية) فإن لكل طيف من أطياف الألوان السبعة طولاً معيناً يطلق عليه اسم "طول الموجة".
وتميز العين البشرية أطوال الموجات الواقعة ما بين 380 و740 نانومتر، في حين يمتلك اللون الأحمر أطول طول موجي ويمتلك اللون الأزرق والبنفسجي أقصر طول موجي.
والآن، ما هو الانتثار؟
بعبارات بسيطة، يمتلئ الغلاف الجوي بجزيئات الهواء، تقوم هذه الجزيئات بإعادة توجيه ضوء الشمس، وهذه الظاهرة تسمى بالانتثار. وبما أن جزيئات الهواء تلك صغيرة الحجم فإن تبعثر الضوء (الذي يطلق عليه اسم تبعثر رايلي نسبة إلى العالم الذي اكتشفه) يزداد كلما كان الطول الموجي للضوء أقصر.
وبما أن اللون الأزرق يمتلك أقصر طول موجي، فإنه يتبعثر وينتشر بشكل أكبر في الهواء من باقي الألوان، لذلك تبدو سماؤنا زرقاء اللون في الأيام الصافية.
ملاحظة:
كلما كانت الشمس أقرب إلى الأرض تبعثر الطيف الأزرق بشدة أكبر، لذلك نلحظ أن السماء زرقاء بشكل واضح في أوقات الظهيرة.
اقرأ أيضاً
لمَ لا تمتلك السماء لوناً بنفسجياً؟
ليس الأزرق وحده من يتمتع بطول موجي قصير يساعده على التناثر والانتشار في الهواء، فالطيف البنفسجي يمتلك طولاً موجياً أقصر مما يزيد من فرص تناثره وانتشاره، فلمَ لا تكون السماء بنفسجية اللون؟
ببساطة لأن أعيننا تمتلك حساسية أكبر للون الأزرق؛ إذ نمتلك خلايا حساسة لثلاثة ألوان رئيسية هي: الأزرق والأخضر والأحمر على وجه التحديد، وعند انعكاس الضوء عن الأشياء تتلقاها شبكية العين بدرجات مختلفة وتحدد الألوان في نهاية الأمر بالاستعانة بالدماغ.
ولو كان الطيف الأزرق لا يتشتت بهذه الصورة وكان الطيف البنفسجي فقط هو الذي يتشتت في الهواء لرأت أعيننا السماء في هذه الحالة بلون بنفسجي مع مسحة من الاحمرار.
لون السماء عند الشروق والغروب
يختلف لون السماء عند شروق الشمس وغروبها؛ إذ يصبح برتقالياً مائلاً للاحمرار، ويختفي اللون الأزرق تماماً، لكن لماذا؟
عند غروب الشمس أو شروقها تكون الشمس في نقطة منخفضة في السماء، وهذا يعني أنه يتوجب على الضوء أن يسافر مسافة أطول، وسبق أن ذكرنا أنه كلما كانت الشمس أقرب إلى الأرض تبعثر الطيف الأزرق بشدة أكبر، لكن في حال وجود الشمس في نقطة منخفضة من السماء يتشتت الضوء الأزرق بعيداً، وبدلاً من رؤيته، نرى الضوء الأحمر والبرتقالي الذي ينتقل نحونا؛ لأنه لم يتشتت بعيداً كما حصل مع الضوء الأزرق.
لون السماء على المريخ
لا تتمتع الكواكب الأخرى بمحيط يشبه غلافنا الجوي تماماً؛ لذلك من الطبيعي أن تبدو سماؤها مختلفة.
الغلاف الجوي للمريخ على سبيل المثال أرق بكثير من الغلاف الجوي للأرض، وجزيئات الهواء هناك منخفضة الكثافة، مما يعني أن تشتت رايلي، الذي يجعل سماءنا زرقاء على الأرض، له تأثير ضئيل للغاية على المريخ، وفقاً لما ورد في موقع Royal Museums Greenwich.
قد نتوقع أن يكون للمريخ سماء زرقاء باهتة للغاية، ولكن بسبب ضباب الغبار الذي لا يزال معلقاً في الهواء، فإن سماء النهار على المريخ تبدو صفراء أكثر. وذلك لأن جزيئات الغبار الأكبر تمتص الضوء الأزرق ذا الطول الموجي القصير وتشتت الألوان المتبقية.
ومع ذلك، أثناء شروق الشمس وغروبها على سطح المريخ ، يسافر ضوء الشمس لمسافة أطول عبر غلافه الجوي ويتشابه مع سمك الغلاف الجوي على الأرض. على هذا النحو، ينتشر الضوء الأزرق في جميع الاتجاهات ولا تتشتت الأطوال الموجية الأطول للضوء كثيرًا على الإطلاق مما يوفر توهجاً أزرق للسماء حول الشمس في ساعات الفجر والغسق.
لون السماء على القمر
الغلاف الجوي للقمر رقيق للغاية لدرجة أن جزيئات الغاز الموجودة في الهواء لا تتصادم مع بعضها البعض؛ لذلك لا نطبق على الطبقة المحيطة بالقمر اسم "الغلاف الجوي"، بل نكتفي بتسميتها باسم "الغلاف الخارجي".
وبسبب عدم وجود غلاف جوي تقريباً لا يتناثر ضوء الشمس إطلاقاً، وبالتالي تكون سماء القمر سوداء، سواء بالليل أو النهار.