قالت صحيفة The Times البريطانية، في تقرير نشرته الخميس 16 سبتمبر/أيلول 2021، إن إحدى الدراسات خلصت إلى أن الأطفال الذين يتعرضون لمستويات أعلى من تلوث الهواء يكونون أكثر إقداماً على إيذاء أنفسهم.
حيث استخدم الباحثون من جامعة مانشستر وجامعة آرهوس في الدنمارك بيانات تغطي 1.4 مليون شخص وُلدوا في الفترة بين 1979 و2006 بالدنمارك، حتى نهاية 2016.
عمليات القياس
فيما رصد الفريق المكان الذي عاش فيه الأشخاص حتى بلغوا العاشرة، ثم ربطوا ذلك بعمليات قياس لنوعين من ملوثات الهواء في الأحياء، وهما: مستوى الجسيمات العالقة فئة 2.5 (PM2.5)، وثاني أكسيد النيتروجين.
من جانبها قالت بيرل موك، المؤلفة الرئيسة للدراسة وهي كذلك باحثة زميلة في مانشستر، إن النتائج أضافت إلى "قاعدة متزايدة من الأدلة تشير إلى أن المستويات الأعلى من التعرض لتلوث الهواء مرتبطة بآثار سيئة على الصحة العقلية".
أضافت بيرل: "برغم انتشار تلوث الهواء، فإنه عامل خطر قابل للتعديل، لذا نأمل أن يستفيد من الدراسة صناع السياسة الذين يضعون الاستراتيجيات لمكافحة هذه المشكلة".
حركة السيارات وعوادمها
في حين تتكون الجسيمات العالقة PM2.5 من جزيئات يبلغ حجم قطرها 2.5 ميكرومتر أو أقل، وتنبعث من مصادر مثل حركة السيارات وعوادم الديزل وبطانة الفرامل (تيل الفرامل). وتقول منظمة الصحة العالمية إن مستويات التعرض لابد ألا تتجاوز 10 ميكروغرامات لكل متر مربع، وحددت المملكة المتحدة 25 ميكروغراماً لكل متر مكعب.
على مدار المدة الزمنية التي رصدتها الدراسة، ظهر أن أولئك الذين تعرضوا لمقدار 19 ميكروغراماً لكل متر مكعب من جسيمات PM2.5 في المتوسط العادي وهم أطفال، كانوا أكثر ميلاً إلى إيذاء أنفسهم عن أولئك الذين تعرضوا لكمّية لا تتجاوز 13 ميكروغراماً لكل متر مكعب.
حيث ارتبطت كل زيادةٍ قدرها 5 ميكروغرامات لكل متر مكعب من التعرض لمواد PM2.5 في اليوم العادي، بزيادة في احتمالية إيذاء النفس بنسبة 42%.
في المقابل فقد قضت منظمة الصحة العالمية والحكومة البريطانية بأنه لا بد ألا يتجاوز ثاني أكسيد النيتروجين مقدار 40 ميكروغراماً لكل متر مكعب.
فيما ارتبط التعرض لمقدار 25 ميكروغراماً لكل متر مكعب من ثاني أكسيد النيتروجين في المتوسط العادي أثناء مرحلة الطفولة، بزيادة فرصة الميل نحو إيذاء النفس في وقت لاحق، مقارنة بأولئك الذين يتعرضون لمقدار لا يتجاوز 10 ميكروغرامات لكل متر مكعب في المتوسط العادي. وارتبطت كل زيادةٍ قدرها 10 ميكروغرامات لكل متر مكعب بزيادة في مخاطر إيذاء النفس بنسبة 21%.
جدير بالذكر أن الدراسة نُشرت بدورية Preventive Medicine في عدد خاص عن منع الانتحار.
إثبات السبب والنتيجة
كانت الدراسة قائمة على الملاحظة، لذا لا يمكن إثبات السبب والنتيجة. وقال فريق الباحثين إنهم قيّدوا بعض العوامل الأخرى المعروفة بآثارها على الميل لإيذاء النفس، وضمنها تاريخ المرض العقلي للأسرة والوضع الاجتماعي الاقتصادي للعائلة.
رغم ذلك، فإنه لم تكن لديهم البيانات اللازمة لحصر العوامل الأخرى ذات الصلة مثل ما إذا كان الأفراد قد تعرضوا لسوء المعاملة أو التنمر أثناء طفولتهم.
كانت صحيفة The Times البريطانية قد أطلقت حملة "The Clean Air for All" (الهواء النقي للجميع) عام 2019، والتي تدعو بدورها إلى فرض قيودٍ أكثر صرامة على التلوث في المملكة المتحدة، بناءً على توصيات منظمة الصحة العالمية. وقالت الحكومة إنها ستتبنى قيوداً قبل نهاية العام القادم، لكنها لم تحدد التفاصيل بعد.