يبدو تعريف السعرات الحرارية أمراً بسيطاً: وفقاً لمعظم الكتب المدرسية العلمية، إنها كمية الطاقة المطلوبة لرفع حرارة غرام واحد من الماء بدرجة واحدة مئوية. ولكن كيف تحسب السعرات الحرارية ويتم تحديدها بالشكل الذي نراه على ملصقات المواد الغذائية؟
عندما ننظر إلى عدد السعرات الحرارية، فإننا نقدر الطاقة التي نضعها في أجسامنا؛ كلما زاد عددها مقابل معدل حرقها زاد الوزن.
في عام 2020، قل عدد السعرات الحرارية على الملصقات الغذائية للوز بنحو 30% مقارنةً بالعام السابق، وكذلك الكاجو والجوز، حسب ما نشره موقع Popular Science.
لم تتغير المكسرات بالطبع، لكن الطريقة المستخدمة لحساب السعرات الحرارية تغيرت.
كيف تحسب السعرات الحرارية؟
تستخدم شركات الأغذية العالمية طريقة حسابيةً عمرها نحو 100 عام.
في أواخر القرن التاسع عشر، شرع الكيميائي الأمريكي ويلبر أولين أتواتر في قياس الطاقة التي نضعها في أجسادنا عن طريق تفجير الطعام بشكل حرفي.
استخدم أتواتر جهازاً يسمى مسعر القنبلة، وهو حاوية محكمة الغلق داخل كمية محسوبة من الماء، والتي تقيس كمية الحرارة الناتجة أثناء تفاعل كيميائي.
كان أتواتر يضع الطعام داخل الجهاز، ويمرر تياراً كهربائياً من خلاله، ثم يفجره. كلما زادت طاقة الطعام، زاد تسخين المياه المحيطة به، فالسعرات الحرارية هي وحدة الطاقة اللازمة لرفع درجة حرارة مليلتر واحد من الماء درجة واحدة مئوية.
لذا فإن السعرات الحرارية التي تراها على ملصق التغذية هي في الواقع الطاقة اللازمة لرفع درجة حرارة لتر من الماء بدرجة واحدة.
وتحول الفرق بين الطاقة الداخلة والخارجة إلى أرقام حساب السعرات الحرارية التي نستخدمها اليوم:
9 سعرات حرارية في غرام الدهون
4 في كل غرام من الكربوهيدرات
4 في كل غرام من البروتين
بالنسبة للقرن التاسع عشر، كانت هذه قفزة هائلة إلى الأمام في فهم المجتمع الطبي لكمية الطاقة في الغذاء، لكن بالنسبة للقرن الحادي والعشرين، آن الأوان لتحديث العملية.
إذ تبين أنّ هضم بعض الأطعمة أصعب مما تنبأ به أتواتر.
ووجد الباحثون أن المكسرات لديها "توافر حيوي" أقل -وهو مصطلح يشير إلى نسبة العناصر الغذائية في الطعام التي يمكن لأجسامنا امتصاصها واستخدامها- مقارنة بالأطعمة الأخرى، بسبب بنيتها القاسية والمقرمشة.
هذه الصلابة ناتجة عن الجدران الغنية بالألياف.
وأوضح اختصاصي فيزيولوجيا الأبحاث الإشرافية بوزارة الزراعة الأمريكية المشارك في إعادة حساب السعرات الحرارية ديفيد باير، أن "الثدييات لا تستطيع هضم الألياف، ولكن لا يمكن الحصول على ما بداخل جدار الخلية حتى يتم تعطيله. هذا هو المكان الذي يوجد فيه البروتين والدهون والكربوهيدرات".
يشرح باير في الورقة التي نشرها موقع جامعة Cambridge: "نظراً إلى أن المكسرات تحتوي على كثير من الدهون -نحو 9 سعرات حرارية لكل غرام حسب عوامل أتواتر- فإن كثيراً من الطاقة الناتجة عن المكسرات الكاملة تمر عبر أنظمتنا الهضمية دون استخدامها".
وفي عام 2012، وجد فريق من علماء وزارة الزراعة الأمريكية، من ضمنهم باير، أن الإنسان يستهلك سعرات حرارية أقل بنسبة 5% عند تناول الفستق مما تشير إليه التقديرات التقليدية.
الأمر نفسه أثبتته دراسة أخرى حول الجوز، حيث تبين أن الإنسان يستهلك 84% فقط من السعرات الحرارية داخل الجوز.
كيف تأكد العلماء من هذا الفرق؟
إن منهجية كل هذه التجارب، وضمنها البحث الجاري عن العدس والحمص، متشابهة إلى حد ما:
في البداية، يتم إطعام المشاركين نظاماً غذائياً خاضعاً للمراقبة الصارمة دون المكون قيد البحث.
هذه هي مرحلة التحكم التي تمنح أجسامهم فرصة للتأقلم، وليس من المفترض أن يأكلوا أي شيء خارج التجربة.
في المرحلة اللاحقة، يتناول المشاركون نفس الوجبات المعدلة قليلاً لتلائم إدخال المكسرات (أو الحمص أو العدس) في وجباتهم الغذائية.
في اليومين الأول والأخير من المرحلة الثانية، يمنح العلماء المشاركين حبة لصبغ فضلاتهم باللون الأزرق.
عادةً ما يتم تكديس نحو أسبوع من البراز، ثم يخضع للتحليل لمعرفة محتوى الدهون والطاقة غير المستخدمة.
إرشادات عامة ولكن غير دقيقة
وعلى الرغم من أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تسمح للشركات باستخدام طرق مختلفة لتحديد عدد السعرات الحرارية، فإنها تشير إلى أنه ليس من المفترض أن تحتوي على سعرات حرارية أكثر بنسبة 20% مما هو مذكور على الملصقات.
لهذا السبب قال خبراء الصحة إن عدد السعرات الحرارية في ملصقات التغذية لا يزال ذا قيمة: فهو يقدم إرشادات عامة للأشخاص الذين يحاولون الحفاظ على وزنهم تحت السيطرة.