كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة رود آيلاند ومعهد Green Science Policy، عن نتائج خطيرة مرتبطة بمُركّبات PFAS السامة التي تُلوث الهواء داخل المنازل والفصول الدراسية والمخازن بمستويات مقلقة، والتي قد لا يخلو منها بيت أو جهاز، ما يهدد الآلاف من الأشخاص بالإصابة بأمراض عدة، وذلك وفق ما نقله تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
ومُركّبات PFAS، أو مواد الألكيل المشبع بالفلور والمتعددة الفلور، مجموعة مكونة من نحو 9000 مركب تُستخدم لجعل المنتجات مقاومة للماء أو البقع أو الحرارة. ولأنها فعالة جداً، تُستخدم هذه المواد الكيميائية في عشرات الصناعات وصناعة آلاف المنتجات الاستهلاكية اليومية مثل منظفات البقع والسجاد والأحذية.
كما تستخدمها مصانع الأنسجة لإنتاج الملابس المقاومة للماء، وتُستخدم في شمع الأرضيات، وأدوات الطهي غير اللاصقة، وتغليف المواد الغذائية، ومستحضرات التجميل، ورغوة مكافحة الحرائق وكثير من المنتجات الأخرى.
مصدر تهديد حقيقي لصحة البشر
في تفاصيل الدراسة، فحص الباحثون الهواء الداخلي في 20 مكاناً، واكتشفوا "المواد الكيميائية الأبدية" في 17 منها، ويُعتقد أن هذه المركبات المحمولة جواً تنفصل عن المنتجات المعالَجة بمركبات PFAS مثل السجاد والملابس، وتلتصق بالغبار أو تطفو في البيئة الداخلية.
في السابق، كان الخبراء يعتبرون الطعام والماء المسارين الرئيسيين اللذين يتعرض من خلالهما البشر لمركّبات PFAS، لكن القائمين على الدراسة لاحظوا أن كثيراً من البشر يمضون نحو 90% من وقتهم في الداخل، وتشير النتائج إلى أن استنشاق هذه المواد الكيميائية ربما يمثل مساراً ثالثاً خطيراً للتعرض لهذه المركبات.
توم بروتون، المشارك في الدراسة والعالم البارز بمعهد غرين ساينس، يصرح في هذا الخصوص قائلاً: "هذا يمثل مصدراً لا يستهان به للتعرض لمركبات PFAS".
"المواد الكيميائية الأبدية"
هو الاسم الذي يطلق على مركّبات PFAS، لأنها لا تتحلل بشكل طبيعي، وهي تتراكم في الحيوانات، والبشر.
فقد استعانت الدراسة، التي نُشرت يوم الثلاثاء في مجلة Environmental Science & Technology، بتقنية جديدة لقياس مواد PFAS في الهواء، ووجدت مستويات عالية منها بالعديد من فصول رياض الأطفال تحديداً، وفحصت أيضاً مخزن متجر ملابس خروج، ومكاتب، والعديد من الفصول الدراسية والمختبرات الجامعية، ومصعد.
يقول بروتون: "هذا يعزز فكرة أنه طالما كانت مركبات PFAS حاضرة في المنتجات التي نحيط بها أنفسنا في منازلنا وحياتنا، فسينتهي المطاف ببعضها في الهواء والغبار واستنشاقنا إياها".
وكان من اللافت أيضاً أنواع مركّبات PFAS التي اكتشفتها الدراسة. فكان من بين أكثرها انتشاراً مركب فلوروتيلومر 2:6 كحول (6:2 FTOH) الذي يُستخدم في شمع الأرضيات ومنظفات البقع وتغليف المواد الغذائية.
تتسبب في أمراض خطيرة
يتعلق الأمر بالخصوص بالسرطان والعيوب الخَلقية وأمراض الكبد وأمراض الغدة الدرقية وانخفاض المناعة واضطراب الهرمونات، ومجموعة من المشكلات الصحية الخطيرة الأخرى.
والآن، يربط العلم الخاص بالصناعة، والوكالات الفيدرالية والباحثون المستقلون مركب 6: 2 FTOH بأمراض الكلى والسرطان وتلف الأعصاب ومشاكل النمو والبقع البيضاء على الأسنان واضطرابات المناعة الذاتية، ووجد الباحثون أيضاً أن معدلات الوفيات ترتفع بين الحيوانات الصغيرة وأمهات البشر العرضة لهذه المواد الكيميائية.
إلى جانب ذلك، وجدت هذه الدراسة الجديدة أيضاً مستويات عالية من مركب 8: 2 FTOH الذي زعمت كبريات الشركات الأمريكية المُصنّعة لمركبات PFAS أنها تخلصت منه تدريجياً في منتجاتها، لأنه شديد الخطورة.
لكن وجوده يشير إلى أنه توجد بعض الشركات التي لم تتخلص منه بعد، أو أنه موجود في منتجات مصنوعة في بلدان لم تتخلص منه.