قالت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير نشرته الأربعاء 25 أغسطس/آب 2021، إن علماء أركيولوجيا تمكنوا من الحصول على بقايا حمض نووي (DNA) من رفات فتاة تُوفيت قبل 7200 عام بإندونيسيا، وهو اكتشاف ينقض ما كان معروفاً في السابق عن هجرة البشر الأوائل.
حيث عُثر على الرفات، الذي يعود لمراهقة كانت تُدعى "بيسيه"، في كهف لينغ بانينغ الواقع في جزيرة سولاويزي الإندونيسية. وكانت الحفريات الأولية أُجريت في عام 2015.
الاكتشاف الأول
من جهة أخرى، يُعتقد أن هذا الاكتشاف، الذي تناولته دورية Nature العلمية مؤخراً، هو الاكتشاف الأول الذي يتمكن فيه العلماء من العثور على حمض نووي بشري قديم في والاسيا، وهي سلسلة ممتدة من الجزر الإندونيسية المفصولة بمضائق مياه عميقة عن الجروف القارية لآسيا وأستراليا.
حيث استخرج العلماء الحمضَ النووي من الجزء الصخري في العظم الصدغي لرفات بيسيه، والذي يضم أيضاً الأذن الداخلية.
من جانبه قال آدم بروم، وهو بروفيسور بجامعة غريفيث الأسترالية وقائد البحث، إن الحمض النووي السليم الذي عثروا عليه يشكِّل اكتشافاً نادراً. وأشار بروم إلى أن "المناطق المدارية الرطبة لا تُبقي على شيء عادةً فيما يتعلق ببقايا الحمض النووي في العظام والأسنان البشرية القديمة".
في حين استشهد بروم بأنه "لم يُعثر إلا على هيكل عظمي واحد أو هيكلين فقط مما قبل العصر الحجري الحديث في المنطقة، وأسفر ذلك عن حمض نووي قديم واحد في كل البر الرئيسي جنوب شرقي آسيا".
تحليل الأحماض النووية
أما في "أماكن أخرى من العالم -في خطوط العرض الشمالية لقارة أوروبا، وفي أمريكا- فقد أحدثَ تحليل الأحماض النووية القديمة ثورةً كاملة في إدراكنا لقصة التاريخ البشري المبكر، وفيما يتعلق بالتنوع الجيني للبشر القدامى وتحركات السكان والتاريخ الديموغرافي".
في سياق متصل يصف الباحثون رفات بيسيه بأنه "أحفورة جينية". وقال بروم إن التسلسل الجيني لها كشف أن لديها تاريخاً فريداً من الأسلاف لا يشارك شبيهاً له أي شخص يعيش اليوم، ولا أي إنسان معروف من الماضي القديم.
من ناحية أخرى يشبه ما يقرب من نصف التركيب الجيني لرفات بيسيه التركيبَ الجيني للسكان الأصليين الأستراليين الحاليين والسكان المنتمين إلى غينيا الجديدة وجزر غرب المحيط الهادئ.
فيما قال بروم إن "أسلاف بيسيه كانوا جزءاً من الموجة الأولى من حركة البشر الأوائل من البر الرئيسي لقارة آسيا عبر جزر والاسيا صوبَ ما نسميه اليوم جرف ساهول القاري، والتي كانت كتلة يابسة مجتمعة من العصر الجليدي لأستراليا وغينيا الجديدة".
الهجرة إلى والاسيا
مما يثير مزيداً من الدهشة أن الحمض النووي لبيسيه يُظهر كذلك ارتباطاً قديماً بسكان شرق آسيا، وهو ما يتحدى ما كان معروفاً في السابق عن الجدول الزمني للهجرة إلى والاسيا.
كذلك فقد أوضح بروم: "كان المعتقد السائد أن المرة الأولى التي دخل فيها أشخاص من أصول آسيوية إلى منطقة والاسيا كانت منذ نحو 3 أو 4 آلاف عام، عندما انتقل أول مزارعين من العصر الحجري الحديث في عصور ما قبل التاريخ إلى هذه المنطقة من تايوان".
لكن الاكتشاف الأخير يعني أن ثمة احتمالاً بأنه قد وقع "انتقال أبكر من ذلك لبعض السكان من آسيا إلى هذه المنطقة"، بحسب البروفيسور بروم.
يُذكر أن الهيكل العظمي لبيسيه هو أول هيكل عظمي معروف لشخص ينتمي إلى مجتمع "توليان" Toalean، وهي مجموعة من الصيادين وجامعي الثمار الذين عاشوا في جنوب سولاويزي منذ نحو 1500 إلى 8000 عام.
إضافة إلى ماسبق، فقد كانت بيسيه تبلغ من العمر 17 إلى 18 عاماً وقت دفنها. وقد عُثر على أدوات حجرية من عصور ما قبل التاريخ وعملة نقدية حمراء بجانب بقاياها. كما احتوى قبرها أيضاً على عظام حيوانات برية.