خلصت دراسة بريطانية إلى أن فترة ثمانية أسابيع بين الجرعتين الأولى والثانية من لقاح كوفيد-19 الذي تنتجه شركة فايزر الأمريكية هي أفضل فترة فاصلة لتحقيق أقوى استجابةٍ مناعية ضد هذا الفيروس التاجي، طبقاً لما أوردته صحيفة New York Post الأمريكية، يوم الجمعة 23 يوليو/تموز 2021.
حيث أكدت الدراسة أن "الفترة الفاصلة الأطول بين جرعتي لقاح فايزر تؤدي إلى زيادة الأجسام المضادة مقارنة بالفجوة الأقصر، ولكن هناك انخفاضاً حاداً في مستويات الأجسام المضادة بعد الجرعة الأولى".
حسب صحيفة The Guardian البريطانية، وجد الباحثون القائمون على هذه الدراسة أنه حين تزيد الفترة الفاصلة بين الجرعتين عن فترة الثلاثة أسابيع الموصى بها حالياً؛ يُولّد ذلك معدلات عالية من الأجسام المضادة، مما يُوفّر حمايةً أكبر في مكافحة العدوى.
السلالة المتحورة "دلتا"
هذه الدراسة، التي تشرف عليها جامعة أكسفورد بطلب من وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية، قد تساعد في توجيه استراتيجيات التطعيم ضد السلالة المتحورة "دلتا" التي تقلل من فاعلية الجرعة الأولى من لقاح كوفيد-19 على الرغم من أن الجرعتين لا تزالان وقائيتين.
لأن هذه النتائج، التي تم إعلانها قبل موعد النشر، تدعم الرأي القائل بأنه في حين أن هناك حاجة لجرعة ثانية لتوفير حماية كاملة ضد السلالة المتحورة دلتا، فإن تأخير تلك الجرعة قد يوفر مناعة أكثر استدامة حتى لو كان ذلك على حساب الحماية على المدى القصير.
ففي هذا الإطار، قال القائمون على الدراسة: "بالنسبة للفترة الفاصلة الأطول بين الجرعتين.. تم تحفيز مستويات الأجسام المضادة المثبطة ضد السلالة المتحورة دلتا بشكل رديء بعد جرعة واحدة ولم يتم الحفاظ عليها خلال الفترة التي تسبق الجرعة الثانية"، مؤكدين أنه "بعد جرعتين من اللقاح، كانت مستويات الأجسام المضادة المثبطة أعلى مرتين بعد الفترة الفاصلة الأطول مقارنة بالفترة الأقصر بين الجرعتين".
فيما يُعتقد أن الأجسام المضادة المثبطة تلعب دوراً مهماً في المناعة ضد فيروس كورونا، ولكن ليس بشكل كلي؛ حيث تلعب الخلايا التائية دوراً أيضاً.
فترة مثالية
من جهتها، قالت الأستاذة المسؤولة عن الدراسة بجامعة أكسفورد، سوزانا دوانشي: "إن قرار تأجيل الجرعة الثانية حتى الأسبوع الثامن يُوازن بين كافة القضايا الأوسع، بسلبياتها وإيجابياتها، والحصول على جرعتين هو أفضل من جرعة واحدة إجمالاً. كما أعتقد أن فترة الثمانية أسابيع هي مثاليةٌ من وجهة نظري؛ لأن الناس لا يُريدون الحصول على جرعتي لقاح، كما أن هناك انتشاراً كبيراً لسلالة دلتا حول العالم الآن".
سوزانا أضافت: "لا أعتقد أن هذا الفيروس سيختفي؛ لذا فنحن بحاجةٍ إلى الموازنة من أجل الحصول على أفضل حمايةٍ ممكنة".
كما وجدت الدراسة أن مستويات الخلايا التائية الكلية كانت أقل بمعدل 1.6 مرة مع الفترة الفاصلة الطويلة، مقارنة مع جدول الجرعات ذي الفترات الفاصلة القصيرة من 3 إلى 4 أسابيع، لكن نسبة الخلايا التائية "المساعدة" التي تدعم الذاكرة المناعية على المدى الطويل كانت أعلى مع الفترة الفاصلة الطويلة.
بينما لم تُعلّق شركة فايزر على هذه الأنباء فوراً، لكن الشركة الأمريكية كانت قد حذّرت مطلع العام الجاري من الفصل بين الجرعات لفتراتٍ طويلة، وقالت إنّه ليست هناك بيانات تدعم هذه الخطوة.
تأخير الجرعة الثانية
جاءت دراسة المملكة المتحدة عقب اتّخاذ بريطانيا قراراً، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بتأخير الجرعة الثانية حتى الأسبوع الـ12 بعد الجرعة الأولى، وذلك حين كان هناك نقصٌ في إمدادات اللقاحات، وبالرغم من أن شركة فايزر حذرت من عدم وجود دليل يدعم زيادة الفترة الفاصلة عن ثلاثة أسابيع.
على إثر ذلك، نظر العلماء في الاستجابة المناعية لأكثر من 500 عامل في الرعاية الصحية، ممن تلقوا جرعات اللقاح على فترات متفاوتة، ووجدوا أن الانتظار لـ10 أسابيع بدلاً من ثلاثة قد تسبّب في توليد أجسام مضادة معادلة، تعمل على القضاء على الفيروس.
العلماء لفتوا إلى أنهم يعتقدون أن فترة الثمانية أسابيع هي المثالية من أجل تقييم رغبة المرضى في تجربة استجابة مناعية قوية، ومحاولة توفير حماية كاملة لأكبر عددٍ ممكن من الناس في خضم انتشار الفيروس.
بدوره، قال ناظم الزهاوي، وزير التطعيم في بريطانيا، إن البحث أكّد أنّهم اتّخذوا القرار الصحيح بتأخير الجرعات، مستطرداً: "تمنحنا هذه الدراسة الأخيرة أدلةً أكبر على أنّ هذا الفاصل الزمني يُولّد استجابةً مناعية قوية ويدعم قرارانا".