كانت السيدة الفرنسية جين كليمنت أكثر إنسان عاش على الأرض وتم توثيق عمرها في الأوراق الرسمية، إذ كان عمرها 122 عاماً و164 يوماً عندما توفيت عام 1997، ومنذ ذلك الوقت لم يسجل أي أحد عمراً أكثر من 120 عاماً، حسب كتاب غينيس للأرقام القياسية.
فما هو أقصى عمر قد يعيشه الإنسان، ولماذا لا يستطيع العيش أكثر من ذلك في ظل الرعاية الطبية المتقدمة وكذلك الأبحاث التي تدرس الشيخوخة وتحاول جاهدة تأخيرها؟
وبينما يعتمد البعض الصوم وتقليل السعرات الحرارية كطرق طبيعية لإمداد العمر بأكثر قدر ممكن من السنوات، يلجأ البعض لتناول مكملات غذائية واستبدال الدم وزراعة خلايا جذعية، كلها في سبيل العمر المديد.
دراسة: أقصى عمر قد يعيشه الإنسان
دراسة جديدة نشرتها مجلة Nature العلمية توقعت الحد البيولوجي الذي يستطيع جسم الإنسان أن يعيشه وحصرته بـ150 عاماً.
استخدم الباحثون النمذجة الرياضية للتنبؤ بأنه بعد 120 إلى 150 عاماً، يفقد جسم الإنسان تماماً قدرته على التعافي من ضغوط مثل المرض والإصابة، مما يؤدي إلى الوفاة.
وحقق العلماء في مجموعة بيانات ضخمة من تعداد الدم الكامل من داخل قاعدة بيانات NHANES الشاملة من أمريكا وبريطانيا وروسيا، وتحديداً 500 ألف شخص؛ وهي معلومات حول عدد خلايا الدم وغيرها من المعطيات.
دمجوا هذه المتغيرات في معادلة واحدة سموها "مؤشر حالة الكائن الحي الديناميكي" (DOSI)، ثم نظروا في كيفية تغير ذلك مع تقدم العمر.
وهذه المقاربة تختلف مع الأبحاث السابقة التي استخدمت التنقيب عن البيانات للعثور على ساعات الشيخوخة في مستويات بروتينات الدم.
نظر الباحثون في رقمين تم جمعهما من اختبارات الدم لثلاث فئات عمرية مختلفة: نسبة نوعين مختلفين من خلايا الدم البيضاء المقاومة للأمراض. وقياس التباين في حجم خلايا الدم الحمراء.
وعلى مدى 10 سنوات من المتابعة، كانت معادلة DOSI جيدة إلى حد ما في التنبؤ بالأمراض المزمنة المرتبطة بالعمر. ومن المثير للاهتمام أن مؤشر DOSI الأساسي كان مرتفعاً (أي سيئاً) في الأشخاص الذين انخرطوا في سلوكيات "تقصير الحياة" مثل التدخين. ثم قام الباحثون باستقراء بيانات DOSI بعدة طرق مختلفة، وتوصلوا إلى أن معدل 150 سنة هو الحد الأقصى.
أما حيثيات هذا الرقم، فأوضحتها الدراسة كما يلي:
"يشير القرب من النقطة الحرجة التي تم الكشف عنها في هذا العمل إلى أنه من غير المحتمل تحسين الحد الظاهري لعمر الإنسان من خلال العلاجات التي تستهدف أمراضاً مزمنة معينة أو متلازمة الضعف. وبالتالي، لا يمكن حدوث تحسن كبير في الحد الأقصى للعمر؛ وبالتالي إطالة العمر بشكل قوي من خلال الوقاية من الأمراض أو علاجها دون اعتراض عملية الشيخوخة، وهي السبب الجذري للخسارة الكامنة في القدرة على الصمود. نحن لا نتوقع أي قوانين طبيعية تحظر مثل هذا التدخل. لذلك، فإن تطوير نموذج الشيخوخة المقدم في هذا العمل يعد خطوة نحو عرض تجريبي للعلاج الثوري الذي يطيل العمر".
عمر مديد بلا صحة مديدة؟
لطالما وُجدت الرغبة في الكشف عن أسرار الخلود، ويقول أستاذ علم الأوبئة والإحصاء الحيوي في جامعة إلينوي في شيكاغو إس جاي أولشانسكي، والذي لم يشارك في هذه الدراسة، إن العمر الطويل ليس هو نفسه المدى الصحي الطويل.
ويوضح لمجلة Scientific American: "لا ينبغي أن يكون التركيز على العيش لفترة أطول ولكن على العيش بصحة أفضل لفترة أطول".
بدورها قالت مدير مركز جامعة ديوك لدراسة الشيخوخة والتنمية البشرية هيذر واتسن: "ليس الموت هو الشيء الوحيد الذي يهم، هناك أشياء أخرى، مثل جودة الحياة، تبدأ تهم صاحبها أكثر فأكثر عندما يبدأ بفقدانها".
وتقول إن الموت الذي تمت محاكاته في هذه الدراسة "هو الموت المطلق النهائي. والسؤال هو: هل يمكننا إطالة العمر دون إطالة الوقت الذي يكون فيه الناس في حالة هشاشة؟".