تختلف مدة الرضاعة الطبيعية بحسب قدرة ورغبة كل أم، إلا أن العديد من الدراسات أثبت أنه لا غنى للطفل عن حليب الأم؛ لأنه الغذاء الأمثل للطفل، وأن إطالة فترة الرضاعة تعود بإيجابيات كثيرة على الطفل والأم في نفس الوقت.
توصي منظمة الصحة العالمية الأمهات بالحرص على إرضاع أطفالهنّ من حليبهنّ حصراً ودون أي أطعمة أخرى في أول 6 أشهر من حياة المولود لضمان صحة الطفل ونموه وتطوره على النحو الأمثل. وبإمكان الأم بعد 6 أشهر أن تضيف أطعمة أخرى مفيدة إلى نظام الطفل الغذائي ومواصلة الرضاعة الطبيعية حتى يصل الطفل لعمر السنتين أو أكثر بقليل.
ما فوائد إطالة فترة الرضاعة الطبيعية؟
- تقوية جهاز المناعة
تؤكد منظمة الصحة العالمية أن حليب الأم يحتوي على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها الرضيع في الأشهر الستة الأولى من حياته. كما يقوّي حليب الأم جهاز مناعة الطفل؛ وذلك لأن حليب الأم غني خصوصاً بكرات الدم البيضاء وخلايا مناعية ومضادات الالتهابات والفيروسات الطبيعية.
لذلك تحمي الرضاعة الطبيعية من الإسهال وأمراض الطفولة الشائعة مثل الالتهاب الرئوي، وقد يكون لها أيضاً فوائد صحية طويلة الأمد للأم والطفل، مثل تقليل مخاطر زيادة الوزن والسمنة في الطفولة والمراهقة. ولهذا، تحذر منظمة الصحة العالمية من التسويق المتزايد لبدائل لبن الأم وأثرها في تقويض جهود المنظمة المبذولة لتحسين معدلات الرضاعة الطبيعية ومدتها في جميع أنحاء العالم.
- نمو مخ الطفل وذكائه
لطالما ربط الناس بين الرضاعة الطبيعية وزيادة معدلات ذكاء الأطفال، ما دفع العلماء إلى البحث أكثر للتأكد من صحة هذا الكلام. وبالفعل، أكدت العديد من الدراسات أن حليب الأم الغني بالعناصر الغذائية والبكتيريا الصحية الضرورية لنمو مخ الطفل تؤثر إيجاباً على مدى ذكائه بعد أن يكبر. إذ استنتجت 17 دراسة أن الرضاعة الطبيعية ترتبط بتحسين الأداء في اختبارات الذكاء الذي خضع لها الأطفال الذين رضعوا بشكل طبيعي من أمهاتهم لمدة معقولة. كما لاحظوا وجود تأثير إيجابي للرضاعة الطبيعية على الإدراك المعرفي للطفل.
هذه النتائج دفعتهم للاعتقاد بأن حليب الأم هو سبب من أسباب زيادة ذكاء الطفل وتحسّن وظائف مخه وتطور عقله وسلوكه.
- هضم أفضل ونوم أفضل
ومن ضمن البكتيريا المفيدة التي يحتوي عليها حليب الأم، ميكروبيوم القناة الهضمية وهو مفيد جداً لتطور الجهاز الهضمي وعملية التمثيل الغذائي. ولذلك يقول العلماء إنه كلما زادت مدة الرضاعة الطبيعية زادت الفائدة التي يحصلها الطفل من حليب الأم وزاد نموه بشكل أفضل وأسرع.
من المهم أيضاً أن نعرف أن حليب الأم لا يحتوي على نفس المكونات طوال الوقت، فالمغذيات والهرمونات التي يحتوي عليها حليب الأم تتغير مع الوقت خلال اليوم. مثلاً، يحتوي حليب الثدي (الليلي) على مستويات عالية من هرمون الميلاتونين، في حين أن بدائل لبن الأم الصناعية لا تحتوي عليه. تؤكد دراسة نشرت عام 2012 أن الرضاعة الطبيعية الحصرية -أي حين يعتمد الطفل في غذائه على حليب الأم فقط- بانخفاض تهيج الأمعاء والمغص والميل نحو نوم أطول خلال الليل. ويتوقع القائمون على الدراسة أن هرمون الميلاتونين الذي يوفره حليب الأم للرضيع يلعب دوراً في تحسين النوم وتقليل المغص عند الرضع الذين يرضعون من ثدي الأم مقارنة بالأطفال الذين يتغذون على الحليب الصناعي.
- إمداد الطفل بالطاقة اللازمة
كما قلنا، تتغير تركيبة حليب الأم بحسب ما يحتاجه الطفل. فقد أظهرت دراسة حديثة أن حليب الأم يصبح غنياً بالدهون والطاقة بعد مرور عام من الرضاعة الطبيعية، مقارنة بالحليب الذي تفرزه النساء اللاتي يرضعن لفترات أقصر.
ولذلك، ينصح بإطالة فترة الرضاعة، حتى يمد حليب الأم الطفل بالطاقة التي يحتاجها للنمو والحركة والتفكير بشكل طبيعي ولها تأثير كبير على توازن النظام الغذائي للطفل بدون الاعتماد على السكر مثلاً أو غيرها.
- تقوية روابط المحبة والتفاهم بين الطفل والأم
بحسب دراسة نشرتها جمعية علم النفس الأمريكية، فإن النساء اللاتي يرضعنّ أولادهنّ لمدة أطول يكون ارتباطهنّ العاطفي بأطفالهنّ أكبر، وتساعدهم فترة الرضاعة الطويلة نسبياً على زيادة قدرتهم على فهم احتياجات طفلهم وانفعالاته وأكثر مرونة في التعامل معه. وينعكس هذا الأمر أيضاً على علاقة الأم بطفلها حين يكبر. وينبه القائمون على الدراسة أن نتائج الدراسة لا تعني أن تجربة النساء اللاتي لم يقدرن على إطالة مدة الرضاعة الطبيعية ستكون أقل غنى من ناحية ترابط الأم والطفل.
- إطالة فترة الرضاعة الطبيعية تقلل احتمالية إصابة الأم بسرطان الثدي
تقلل إطالة فترة الرضاعة الطبيعية للطفل لمدة 12 شهراً أو أكثر من مخاطرالإصابة بأمراض معينة. تبين أن الرضاعة الطبيعية لمدة 12 شهراً أو أكثر بشكل تراكمي في الحياة تقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي -حتى بعد التوقف عن الرضاعة- وسرطان المبيض والتهاب المفاصل الروماتويدي وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكري.