غالباً ما يتجادل البشر حول ما إذا كانوا يملكون حاسة سادسة أم لا، وقد يبدو الرقم متواضعاً بعض الشيء إذا ما قارناه بقدرات و"مواهب" بعض الحيوانات التي تفوقت على البشر بأشواط.
تستطيع بعض الحيوانات الإحساس بأشكال من الطاقة غير مرئية لنا، مثل المجالات المغناطيسية والكهربائية، بينما ترى حيوانات أخرى مجالات من الضوء وتسمع موجات من الصوت خارج نطاق الإدراك البشري.
حواس الحيوانات المميزة
جمعنا في هذا التقرير بعض حواس الحيوانات المميزة التي تمتلكها ويفتقدها البشر.
استشعار المجال المغناطيسي
تعد الطيور والفراشات وسمك السلمون وأسماك القرش والسلاحف البحرية وحتى البكتيريا من الحيوانات التي تبحر في عوالمها من خلال اكتشاف المجالات المغناطيسية.
على سبيل المثال، وجدت دراسة حديثة أجريت في مختبر جامعة ولاية فلوريدا الساحلية والبحرية، أن أسماك القرش تستخدم المجال المغناطيسي الأرضي مثل الخريطة، وتعمل كدليل لهجراتها الموسمية والطويلة.
ورغم أن العلماء ما زالوا غير متأكدين من كيفية نجاح الحيوانات في هذا الأمر، فإن أحد الاحتمالات المثيرة للاهتمام هو البكتيريا.
إذ تستخدم بكتيريا تسمى "البكتيريا المغناطيسية" الحقول المغناطيسية لتوجيه حركاتها. وفي دراسة أجريت عام 2020، أفاد الباحثون بالعثور على بكتيريا مغناطيسية في السلاحف البحرية ضخمة الرأس وطيور البطريق وحيتان الأطلسي والخفافيش البنية؛ علماً أن جميع هذه الحيوانات معروفة باستخدامها المجال المغناطيسي للأرض.
ويبدو أن الحيوان الذي يحمل هذه البكتيريا يستخدمها بطريقة ما ليجد طريقه، كنوع من نظام تحديد المواقع البيولوجي المدمج، او على الأقل هذا ما توصل إليه العلم الحديث حتى اللحظة، حسب مجلة Discover العلمية.
تحديد الموقع بالصدى
لا يمكن للحيوانات التي تنشط في جوف الليل أو التي تعيش أو تصطاد في أعماق الكهوف أو في المياه العميقة (أو المظلمة) أن تعتمد على الرؤية لحماية نفسها أو العثور على طعامها.
وهنا يأتي دور تحديد الموقع بالصدى، وهو النسخة الطبيعية من السونار الذي اخترعه البشر بوحي منه.
ترسل الحيوانات أصواتاً، ثم ترتد الموجات الصوتية عن أي كائنات في طريقها، مما يرسل صدىً محملاً بمعلومات حول ما واجهته للتو، تفسر هذه التقنية صورة للعالم للحيوان قبل أن يتخذ قراراً بحركته التالية.
تشتهر الحيتان والدلافين والخفافيش باستخدام هذه الحاسة المميزة.
رؤية الأشعة ما تحت الحمراء
ينبعث من كل شيء دافئ أشعة ما تحت الحمراء، وضمن ذلك البشر، ولكن لا يمكن للبشر رؤيتها دون نظارات خاصة، لكن بعض الحيوانات تستطيع رؤيتها تلقائياً.
هذه الحيلة مفيدة جداً للثعابين، التي تستخدم قدرتها على اكتشاف ضوء الأشعة تحت الحمراء لاكتشاف الثدييات الصغيرة التي ستصبح وليمتها.
لا تستخدم الثعابين عيونها لرؤية الأشعة ما تحت الحمراء، ولكنها تستخدم بدلاً من ذلك مستقبلات حساسة لدرجة الحرارة في وجوهها أو شفاهها فتكوّن صورة حرارة عما يوجد أمامها..
الأفاعي هي الحيوانات الأكثر شهرة برؤيتها الأشعة تحت الحمراء لكنها ليست الحيوانات الوحيدة، إذ تتمتع بعض الضفادع والأسماك بهذه الحاسة المميزة.
الأشعة ما فوق البنفسجية
يعكس القطب الشمالي الثلجي كثيراً من الأشعة ما فوق البنفسجية.
بدورها تستطيع حيوانات الرنة استخدام قدرتها على رؤية هذه الأشعة للعثور بسهولة على وجبتها الخفيفة المفضلة؛ الكائنات الحية الصغيرة المسماة الأشنات والتي تبدو كأنها نوع من الفطريات على أغصان الأشجار.
تحبس الأشنات الأشعة ما فوق البنفسجية والتي تبدو بسهولة فوق الثلج شديد الانعكاس، حسب موقع Brain Facts.
واتضح أيضاً أنَّ فرو الذئاب يمتص الأشعة ما فوق البنفسجية، مما يسهل على الرنة الهروب من مفترسها الأكبر في محيطها البيئي.
الحس الكهربائي
ربما لا تستطيع أسماك القرش اكتشاف قطرة دم في حمام سباحة بحجم أولمبي، كما يُزعم كثيراً، لكن حاسة الشم لديها لا تزال جيدة بشكل مذهل، حنى حاسة السمع لديها مميزة.
إذ تتمتع هذه الأسماك المفترسة بسمع عالي الحساسية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأصوات منخفضة التردد، إذ تستطيع سمكة القرش سماع أصوات الحيوانات المصابة -الفريسة المحتملة- على بُعد 240 متراً.
والحاسة الإضافية التي تميز أسماك القرش هي قدرتها على اكتشاف المجالات الكهربائية، وهو شعور يسمى الحس الكهربائي.
تملك أسماك القرش مجموعات من المسام على رؤوسها، تسمى أمبولة لورنزيني، وهي مليئة بالهلام الموصّل كهربائياً.
هذه الأمبولة مبطنة بأهداب، وهي خلايا تشبه الشعريات في أذن الإنسان.
تعمل هذه الأهداب على تنشيط الناقلات العصبية في دماغ القرش استجابةً للإشارات الكهربائية، لإخبار القرش بما يجري في الماء من حوله، وهي خدعة مفيدة بشكل خاص للصيد في أعماق المياه المالحة.
ونظراً إلى أن أيونات الصوديوم والكلور في الماء تجعله موصلاً جيداً للكهرباء، فإن الحس الكهربائي شائع في الأسماك، ولكن الشعور موجود في حيوان ثديي واحد على الأقل: خلد الماء.
حاسة الشم الخارقة لدى البعوض
تمتلك حشرات البعوض قدرة على شم غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يخرج من الرئتين، ومن خلال تقصّي مصدر هذا الغاز، تستطيع أن تطير باتجاه وجبتها الدموية المقبلة وتحط رحالها على فريستها البشرية المقبلة!