رغم أن بعض أجزاء منطقة الشرق الأوسط، بالفعل، من بين أكثر المواقع سخونة على مستوى العالم، تتوقع دراسة دولية جديدة بقيادة علماء من مركز أبحاث المناخ والغلاف الجوي التابع لمعهد قبرص ومعهد ماكس بلانك للكيمياء، أنَّ تجاهل إشارات تغير المناخ مع زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري سيؤدي إلى حياة قاسية جداً في منطقة الشرق الاوسط، في ظل تهديد موجات الحر بالمنطقة.
وبطبيعة الحال سيكون لمثل هذه الأحداث الحرارية غير العادية تأثير شديد على سكان المنطقة.
وقد تصل درجات الحرارة إلى 56 درجة مئوية وأعلى في المناطق الحضرية وتستمر لأسابيع، مما يشكَّل خطراً يهدد حياة الإنسان والحيوان، حتى الحيوانات التي تتحمل الحرارة، مثل الإبل، كما قال الباحثون في بيان صحفي من مؤسسة CMCC، المركز اليورومتوسطي لتغير المناخ.
وتهدف الدراسة، التي تستند إلى التعاون بين علماء المناخ من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى تقييم خصائص الموجات الحارة الناشئة.
واستخدم فريق البحث مجموعة النماذج المتعددة الأولى من نوعها، من الإسقاطات المناخية المصممة حصرياً للمنطقة.
وكانت مثل هذه الدراسات المصغرة التفصيلية غير موجودة في المنطقة، لذا يتوقع الباحثون نوبات حارة في المستقبل تم وصفها بـ"مؤشر حجم الموجة الحرارية".
يشير التطابق الجيد بين نتائج النموذج والملاحظات إلى مستوى عالٍ لدقة توقعات موجة الحرارة.
صيف 2021 في منطقة الشرق الاوسط
بدوره يوضح المؤلف الأول للدراسة جورج زيتيس، من معهد قبرص: "تشير نتائجنا للأحوال الجوية المعتادة إلى ظهور موجات حر شديدة وغير مسبوقة، خاصة في النصف الثاني من هذا القرن"، حسب ما نشره موقع Phys.org.
تشمل هذه الأحداث درجات حرارة عالية للغاية تصل إلى 56 درجة مئوية وأعلى في المناطق الحضرية، ويمكن أن تستمر عدة أسابيع، مما قد يشكل تهديداً على حياة البشر والحيوانات.
أما في النصف الثاني من القرن، فمن المتوقع أن يتعرض نحو نصف سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أو ما يقرب من 600 مليون شخص، لمثل هذه الظروف المناخية القاسية المتكررة سنوياً.
ويضيف جوس ليليفيلد، مدير معهد ماكس بلانك للكيمياء والذي يقود فريق البحث: "قد لا يكون لدى المواطنين المستضعفين الوسائل للتكيف مع مثل هذه الظروف البيئية القاسية".
وأوضح: "إن موجات الحر هذه، جنباً إلى جنب مع الدوافع الإقليمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والديموغرافية، تزيد من احتمالات التسبب في هجرة جماعية قسرية إلى مناطق أكثر برودة في الشمال".
ولتجنُّب مثل هذه الموجات شديدة الحرارة في المنطقة، يوصي العلماء بإجراءات فورية وفعالة لتخفيف تغير المناخ.
يقول ليليفيلد: "تتضمن هذه الإجراءات انخفاضاً حاداً في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي، ولكن أيضاً حلول التكيف للمدن بالمنطقة".
من المتوقع أنه خلال الأعوام الخمسين القادمة، سيعيش ما يقرب من 90% من السكان المعرضين بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في المراكز الحضرية، التي ستحتاج التعامل مع هذه الظروف المناخية المضطربة اجتماعياً.
لذا يشدد زيتيس على "الحاجة المُلحة لجعل المدن أكثر قدرة على التكيف مع تغير المناخ".
بدورها أشارت مديرة قسم النماذج الإقليمية والتأثيرات الجيولوجية الهيدرولوجية في مؤسسة CMCC، باولا ميركوجليانو، إلى عدم وجود بحوث حول كيفية تأثير تغيُّر المناخ على هذه المنطقة.
وقالت ميركوجليانو في بيان صحفي نشرته صحيفة USA News: "المجتمع العلمي الذي يتعامل مع نمذجة المناخات الإقليمية يتركز بشكل أساسي في أوروبا وأمريكا الشمالية، ولا يزال هناك قليل من الاهتمام والتمويل لدراسة آثار تغير المناخ في منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا".