نحن لسنا إلا ما نذكره عن أنفسنا. والطريقة التي ستتذكر بها حياتك حين تبلغ من العمر 80 عاماً تعتمد على كيفية تمسكك بالذكريات أو تحريرها. صحيح أن العقل دائماً في طور النسيان، لكن في الحقيقة بإمكاننا تحفيزه على النسيان عمداً- ما يدعى بالنسيان المحفَّز- وقدرتك عليه يمكن تحسينها بالتدريب، وإليك ثلاث استراتيجيات ستساعدك على ذلك.
تقبُّل منبهات الاسترجاع
تعتمد الذاكرة على ما يسميه خبراء علوم الإدراك منبهات الاسترجاع. لنفترض أنك تحاول الامتناع عن التفكير في انفصال مؤلم، ولكن النوع نفسه من ساعة سواتش الخاصة بشريكك السابق يظهر أمامك في واجهة أحد المحلات. حينها ستتدفق الذكريات إلى عقلك. ولذا، إذا كنت تحاول نسيان شيء ما، فاعمل على أن تصبح منسجماً مع منبهات استرجاع هذه الذكرى حتى تتمكن من تغيير الطريقة التي يتفاعل بها عقلك معها.
استبدال الأفكار
كما يمكنك أن تحاول تحاشي مثل هذه المنبهات، لكن هذه الاستراتيجية نادراً ما تنجح. فعلى سبيل المثال قد يحرص أحد الجنود المشاركين في إحدى الحروب على تحاشي أي شيء يذكّره بالحرب، لكن صور القتال قد تستمر في المرور أمام ذهنه حتى أثناء طلب العشاء في أحد المطاعم.
لذلك ينصح خبراء علوم الإدراك بتكنيك يسمى استبدال الأفكار بدلاً من تحاشي منبهات الاسترجاع بالكامل. فإذا خضت جدالاً مريراً مع شقيقتك، على سبيل المثال، وتتذكره في كل مرة تراها فيها، حاول التركيز على الروابط الأخرى الأكثر إيجابية بينكما، ودرِّب عقلك على أن يخرج بالذكريات الإيجابية أولاً حين يراها وليس العكس.
القمع المباشر
يمكنك أيضاً تدريب نفسك على ما يسميه خبراء علم الإدراك القمع المباشر. هذه التقنية تشبه أن تواجه عقلك وتقول: "لا، لا أريد التفكير في ذلك". ورغم أن هذه الآلية وآلية استبدال الأفكار للنسيان تعملان معاً غالباً، فهما مختلفتان من الناحية العصبية، إذ يعتمد استبدال الأفكار على قشرة الفص الجبهي اليسرى؛ فيما يعتمد القمع المباشر على اليمنى.
قدرتك على النسيان تعتمد جزئياً على بنيتك العصبية. تُظهر الدراسات أن التوتر الشديد وقلة النوم يزيدان من صعوبة النسيان المحفَّز. والأشخاص الذين عانوا صعوبات أكبر في حياتهم أقدر على هذا النوع من النسيان من الأشخاص الذين لم يواجهوا صعوبات مماثلة.
إذا حدث ومررت بتجربة مؤلمة في حياتك، فيستعبد أن تتمكن من محوها من عقلك بالكامل. لكن ما يمكنك فعله هو الحد من مدى تطفل تلك الذكريات غير المرغوب فيها.