نقلت صحيفة The Times البريطانية، السبت 24 أبريل/نيسان 2021، عن إحدى خبيرات التجميل الرائدات، قولها إن "التجارب التي تُعيد إحياء وصفات مكياج العصر الفيكتوري تُثبت أن جداتنا كنَّ سيدات الابتكار وأسرار تحسين مستحضرات التجميل"، مشيرة إلى أن نساء هذا العصر برعن في إطلالة "المكياج بدون مكياج".
يشار إلى أن الفترة المعروفة بالعصر الفيكتوري استمرت من القرن التاسع عشر وحتى أوائل القرن العشرين، وترجع تسميتها بهذا الاسم إلى الملكة فيكتوريا (1837-1901)، وهو العصر الذي امتدت آثاره إلى كل القارة الأوروبية، وقد شهد تزمتاً كبيراً تجاه المرأة.
فقد انضمت ليزا إلدريدج، خبيرة التجميل البريطانية، وهي واحدة من رواد فن المكياج في العالم، إلى الأكاديمي سو وشين وونغ من جامعة كيل في بريطانيا، لتتبع أثر الوصفات التجميلية التي تتراوح بين الكريمات الباردة وأحمر الشفاه. وكانت النتائج، حسبما قالت، استثنائية.
فكرة مغلوطة
إلدريدج أشارت إلى أن هناك فكرة مغلوطة بأن نساء العصر الفيكتوري لم يضعن المكياج، لأن الملكة فيكتوريا قالت إنه سيئ. وكان هذا هو الدارج في المجتمع الراقي، لكن الحقيقة- كما كشفت إلدريدج- هي أنهن وضعن الكثير منه، فكنّ يطلبن إحضاره من الصيدليات أو يصنعنه مستعيناتٍ بالوصفات المنزلية.
كما أضافت إلدريدج، البالغة 46 عاماً، أنه كانت هناك وصفات وإعلانات منتشرة على نطاق واسع. وخلافاً للجورجيات اللائي وضعن المكياج "بوضوح صارخ"، سعت أغلب الفيكتوريات إلى الإطلالة "الطبيعية، مكياج بدون مكياج"، والتي كان يصعب كشفها، منوهة إلى أنه كان من الصعب إتقان تلك الإطلالة، وهي تحتاج من المحترفين اليوم عشرات المنتجات لتحقيقها.
فيما أوضحت خبيرة التجميل البريطانية أن الوصول إلى تلك الإطلالة منذ أكثر من 150 عاماً، تضمن "خدعاً وأسراراً وأكاذيب"، لإخفاء المكياج في صورة أقل إثارة للجدل. وقد جربت على سبيل المثال "دهان الشفاه" الذي يحتوي صبغة حمراء قوية عملت بمثابة أحمر الشفاه و"زهرة اللوز" الطبيعية، حيث كانت الصبغات الحمراء هي "العنصر الرئيسي" لإعطاء حُمرة الخدين الوردية.
أمر يثير الامتعاض
حسب ما تم تداوله خلال تلك الحقبة التاريخية، كان قيام النساء بوضع المكياج أمراً يثير الامتعاض؛ نظراً إلى ارتباطه بالممثلات وبائعات الهوى.
كان من شأن التطورات العلمية في القرن الـ19، أن يتوضع في مستحضرات التجميل مكونات عديدة لا تزال تُستخدم إلى الآن. إلا أن بعضها توقف استخدامه في عصرنا الحالي، مثل "دهن الدببة" والعنبرية، وهي مادة شمعية تُستخرج من تجاويف الرأس لحيتان العنبر، إذ كانت لا تتعدى حدود المقبول.
من الوصفات التجميلية الفيكتورية التي أعدتها إلدريدج مع الأكاديمي وونغ، وقاما بتجربتها على عارضة تُسمى كويني، الكريم البارد الذي يحتوي على الغلسرين كعنصر أساسي ويشمل كذلك ماء الورد.
المكياج الخفي
في هذا الصدد، قالت إلدريدج إنه ترك بريقاً مُحبباً ووهجاً مفعماً بالحيوية على بشرتها، و"كان أساساً رائعاً للمكياج الخفي"، وقد أضافت معه "زهرة اللوز" لإعطاء حمرة الخدين، وهو يتكون من صبغات الخضراوات الحمراء مخلوطة بالمياه وغراء السمك؛ مادة جلاتينية تُستخرج من الأسماك، مضيفةً: "أعتقد أن كل نساء العصر الفيكتوري وضعنها، لأنها لا تبدو مكياجاً على الإطلاق. سيكون من الجنون التخلي عنها".
فضلاً عن ذلك، وصفت إلدريدج استخدام نشا البطاطس بديلاً لمسحوق الوجه بأنه يبدو طبيعياً للغاية بحيث لا تراه ظاهراً على البشرة، مشيرة إلى أنه أدى وظيفة مسحوق الأساس عند وضعه فوق الكريم البارد، "كان مخفياً للعيوب قليلاً، لكن دون أن تقدر على تمييز وجوده".
تعليقاً على الإطلالة التي نفذتها على العارضة كويني، والتي شملت أيضاً دهان الشفاه المُستخرج من العنب والماسكرا المصنوعة من غبار الفحم، نوّهت خبيرة التجميل إلى أنها كانت مندهشة للغاية؛ فقد استغرق الأمر وقتاً طويلاً لإنتاج شيء مُتقن للغاية بالكاد يمكن ملاحظته، لافتة إلى أن نساء العصر الفيكتوري ابتكرن اتجاهاً ظل راسخاً: "الجميع يملك في جعبته هذه الإطلالة الطبيعية الآن. يمكن أن أنفذها على فنانات العصر: كيت ونسليت أو نيكول كيدمان أو دوا ليبا".