مثل العديد من الأديان، فإن البوذية توصي بفرض الصيام على أتباعها ولها قيود غذائية وعادات وتقاليد بما هو المسموح والممنوع تناوله.
والبوذيون يتبعون تعاليم بوذا أو "الشخص المستيقظ" ويلتزمون بقوانين غذائية محددة.
بينما لا يعترف أتباع البوذية بوجود إله أو إله أعلى، يركزون بدلاً من ذلك على تحقيق التنوير، حالة من السلام الداخلي والحكمة. عندما يصل الأتباع إلى هذا المستوى الروحي، يُقال إنهم اختبروا النيرفانا.
يُعتبر مؤسس الدين، بوذا، رجلاً مميزاً، لكنه ليس إلهاً، وكلمة بوذا نفسها تعني "المستنير".
نتطرق في هذا التقرير لموجز بسيط عن المعتقدات البوية ومتطلبات ومحظورات صيانة البوذيين.
الممارسات الغذائية البوذية
أسس سيدهارتا غوتاما، أو "بوذا"، الديانة البوذية في القرن الخامس إلى القرن الرابع قبل الميلاد في الجزء الشرقي من الهند.
وحالياً يتبعها اليوم نحو 250 مليون شخص في شتى أنحاء العالم.
توجد عدة أشكال من البوذية على مستوى العالم، بما في ذلك ماهايانا، وثيرافادا، وفاجرايانا.
لكل نوع تفسيرات مختلفة قليلاً لتعاليم بوذا، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالممارسات الغذائية.
نباتيون بحكم العقيدة
هناك 5 تعاليم أخلاقية تحكم طريقة عيش البوذيين.
أحد التعاليم تحرم قتل أي إنسان أو حيوان، ويفسر العديد من البوذيين هذا على منع تناول لحوم الحيوانات لأنه بطبيعة الحال يتطلب قتلها.
عادة ما يتبع البوذيون بهذا التفسير نظاماً غذائياً يتضمن منتجات الألبان ولكن يستبعدون البيض والدواجن والأسماك واللحوم من نظامهم الغذائي.
من ناحية أخرى، يستهلك بعض البوذيين اللحوم والمنتجات الحيوانية الأخرى، طالما لم يتم ذبح الحيوانات خصيصاً لهم.
ومع ذلك، فإن معظم الأطباق التي تسمح بها البوذية هي نباتية.
كما تحرم البوذية تعاطي الكحول لأنه يذهب العقل، ويتفادى البوذيون تناول النباتات ذات الرائحة القوية مثل الثوم والبصل وتفرعاتها لإيمانهم بأن هذه الخضراوات تزيد الرغبة الجنسية إذا ما تم طهيها، وتزيد من مشاعر الغضب إذ تم تناولها نيئة.
صيام البوذيين
يقتصر صيام البوذيين على الامتناع عن كل أو أنواع معينة من الأطعمة أو المشروبات.
أصبحت هذه الممارسة -خاصة الصيام المتقطع- شائعة بشكل متزايد لفقدان الوزن ولكنها غالباً ما تتم لأسباب دينية.
ويمتنع البوذيون عن الطعام من الظهر حتى فجر اليوم التالي كوسيلة لممارسة ضبط النفس.
ومع ذلك، كما هو الحال مع استبعاد اللحوم والكحول، لا يصوم جميع البوذيين.
ويُعرف عن بوذا أنه مارس أشكالاً متطرفة من الصيام مما أدى إلى هزاله فتخلى عنه لاحقاً في الحياة.
ومع ذلك، تُمارس أشكال مختلفة من الصيام في التقاليد البوذية المختلفة.
الصيام في البوذية المبكرة
يشير المسار الأوسط لبوذا إلى تجنب التطرف في الإسراف من ناحية وإهانة الذات من ناحية أخرى.
وفقاً للنصوص البوذية المبكرة، مارس شاكياموني نظاماً صارماً من التقشف والصوم كان شائعاً بين ديانات السرامانا في ذلك الوقت (يقتصر على بضع قطرات من حساء الفاصوليا في اليوم).
لم يؤد هذه التقشف مع 5 زاهدين آخرين إلى تقدم روحي، لكن تسبب في هزالهم لدرجة أنهم بالكاد استطاعوا الوقوف.
وبعد أن تخلى عن ممارسة الزهد القاسي، بما في ذلك الصيام الشديد، وركز بدلاً من ذلك على ممارسة التأمل، وصل إلى اليقظة.
بسبب هذه التجربة، انتقد بوذا الصيام الذي يمارسه الزاهدون الهنود في عصره، اعتقاداً أن الصوم يحرق "الكارما" السيئة.
بدلاً من ذلك، ركز بوذا على ممارسة اليقظة أثناء تناول الطعام، وهي ممارسة أوصى بها كل من الرهبان والناس العاديين، بمعنى فهم كيفية نشأة الرغبة الحسية من المشاعر السارة الدنيوية، واكتساب نظرة ثاقبة لطبيعة الشهوانية، وبالتالي التحكم بها.
ومع ذلك، فقد أوصى بوذا بألا يأكل الرهبان أي شيء بعد الظهر حتى اليوم التالي، وهو ما يمكن اعتباره نوعاً من الصيام المتقطع.
وجبة واحدة في اليوم
في الرهبنة البوذية في ثيرافادا، هناك العديد من الممارسات التقشفية الاختيارية المسماة dhutaṅga (حرفياً "وسائل الهز" أو "الاهتزاز"، كما هو الحال في "التنشيط") والتي تحظى بشعبية لدى رهبان الغابات التايلانديين، والعديد منها يتعلق بالطعام .
توصي إحدى الممارسات واسمها "ممارسة الجلسة الواحدة" بتناول وجبة واحدة فقط في اليوم.
هناك ممارسة أخرى تتمثل في تناول الطعام الذي يتم جمعه في وعاء واحد فقط خلال فترة يومية (piṇḍapāta) حيث يذهب الرهبان للتسول للحصول على الطعام.
إذا حصل الراهب على القليل من الطعام أو لم يتلق أي شيء على الإطلاق في يوم معين، فإن عليه صيام ذلك اليوم.
يُنظر إلى هذه الممارسة على أنها وسيلة لتعميق الممارسة الروحية للفرد وتنمية الانفصال عن الأشياء المادية، بما في ذلك الجسد.
صيام البوذيين في التبت
تعود توصيات الصيام في هذه المنطقة إلى الراهبة الأفغانية البوذية المسماة جيلونجما بالمو.
يقال إن راهبة هندية أصيبت بالجذام وكانت على وشك الموت، فعلمتها إلهة تُدعى تشينريزغ طريقة نيونغني التي يحافظ فيها المرء على التعاليم الثمانية في اليوم الأول (عبر طعام نباتي بحت)، ثم يمتنع عن الطعام والماء في اليوم الثاني.
متى يصوم البوذيون وهل يصوم الأطفال؟
يُشار إلى الصوم في المجتمع العلماني في آسيا بالكلمة الصينية "zhai" أو "zai"، والتي تعني في نفس الوقت "نباتي" وكذلك "الصوم".
وبحسب ما كتب الراهب البوذي توماس رايان، فإن النقطة الأساسية هي إزالة اللحم من النظام الغذائي، مرتين في الشهر عند ولادة القمر أو عند اكتماله بدراً.
كما يمكن ممارسة الصوم 6 مرات في الشهر.
بالنسبة للرهبان، يختلف الأمر بعض الشيء لأنه يكون أصعب قليلاً ويجب أن يتم بإشراف وتوجيه من معلم ماهر، حسب ما قال في كتاب نشر عن الموضوع.
وأوضح أنه نادراً ما يصوم الأطفال.
لذلك فإن عادات الصيام عند البوذيين تختلف باختلاف المذاهب والمدارس الرهبانية، ولكنها جميعاً تُجمع على تدريب الجسد على التخلي عن بعض النكهات وتهذيبه والتركيز على الروحانيات لطرد الطاقة السلبية وممارسة التزهد بين الحين والآخر، فتصبح مائدة الطعام ممارسة دينية بحد ذاتها.