هل سبق لك أن تعاملت مع شخصٍ صعب المراس بصورةٍ لا تُصدَّق؟ ربما كان زميل عمل أو أحد أفراد أسرتك؟
لو اضطررت للتعامل مع شخصٍ مثيرٍ للنزاعات، فأنت تدرك تماماً مدى التوتُّر الذي ينجم عن كل تفاعل معه. يمكن لهؤلاء الأشخاص تحويل ما يجب أن يكون موقفاً قابلاً للحلِّ إلى كابوسٍ، وحبُّهم للدراما والمواجهة يُفقد الحياة متعتها.
وعندما تعجز عن تحديد هؤلاء الناس، ستجد نفسك مُحاصَراً بسهولة في أعاصيرهم، لذا كيف يمكن التعرُّف عليهم قبل أن يبدأوا في إثارة الفوضى في حياتك؟
نوضح في هذا التقرير المعالم الأساسية لتحديد هذه الشخصيات المثيرة للنزاعات.
من يستهدفون؟
عادةً ما يستهدف هؤلاء الناس الأشخاص الأقرب إليهم، والذين يتحمَّلون العبء الأكبر لسلوكهم السيئ. في الواقع هذه الحقيقة ينبغي تجنُّبها، بمجرد أن تكتشف العلامات بنفسك.
عندما يشعرون بالراحة حول سرعان ما يبدأون في العثور على خطأٍ في كلِّ ما تفعله، يبحثون عن زميل أو شريك أو فرد من أفراد الأسرة ليكون كبش فداء.
تزعجهم السلطة وأولئك الذين في السلطة، مثل الرؤساء أو المشرفين وما إلى ذلك، هو أمرٌ شائع، لكن الشعار المعتاد لهؤلاء هو "كيف تجرؤ على إخباري بما يجب أن أفعله!".
1- يلومون الآخرين دائماً
من الجدير بالذكر أن الشخصيات المثير للنزاعات تميل أيضاً إلى إلقاء اللوم على الآخرين، حسب ما أوضح موقع Good Men Project.
الخطأ دائماً بالنسبة لهم خطأ شخصٍ آخر وليس خطأهم أبداً، يرى الشخص المثير للمشكلات أن كلَّ نزاعٍ هو خطأ الآخرين، وتراه يفضل لعب دور الضحية بدلاً من الاعتراف بدوره في الموقف.
ستلاحظ نفسية الضحية من خلال اللغة التي يستخدمها وكيف يؤطِّر هجماته، إذ يعتمد الأشخاص الذين عادةً ما يثيرون النزاعات على المُطلَقات، فتجدهم يكرِّرون دائماً كلمات مثل: دائماً، وأبداً، وباستمرار. ستسمعهم يقولون أشياء مثل: "أنت دائماً… أنت أبداً… أنت دائماً".
أنت، أنت، أنت.. هذا كله خطؤك!
لا يتركون مجالاً لك للتدخُّل بتفسيرٍ أو حجة مضادة. وفي الواقع هم غير مهتمين بجانبك من القصة، إذ يسعون فقط لكسب اليد العليا.
الهدف الأساسي هو تفريغ غضبهم عليك، فأنت بالنسبة لهم الشرير في الموقف، ولن يغيِّر ذلك أيَّ قدرٍ من التوضيح أو الدفاع.
إذا حاولت تبرير ذلك فسوف يستمر الشخص المثير للنزاعات بتوجيه الاتهاماتٍ لتبدو الشخص السيئ أثناء لعبه دور الضحية.
2- العواطف الخارجة عن السيطرة
يكافح الشخص المثير للنزاعات من أجل التحكُّم في عواطفه، وينتهي به الأمر إلى الصراخ في السوبرماركت، لأن الفتاة التي تسدِّد الرسوم سجَّلت سعراً خاطئاً.
تراه يوبِّخ أيَّ شخصٍ يضايقه ويشعر أنه يحقُّ له القيام بذلك، فالعالم بالنسبة له غبيٌّ جداً!
هؤلاء الناس متفجِّرون، بمعنى أنهم يبكون ويصرخون ويغادرون، خاصةً إذا لم يفوزوا.
سوف تسمع أصواتهم العالية تصرخ في الخصم، لتطبيق آلية "كل شيء أو لا شيء" تلك التي تدور في أذهانهم.
يبدو الأمر مثل التعامل مع طفلٍ متفجِّر البكاء يبلغ من العمر عامين، وليس معتاداً على الرفض. ينفث الغضب بشراسة، ويركل ويدوس ويصرخ في طريقه إلى الحصول على ما يريد.
كل ما يريدونه هو الفوز بأيِّ ثمن، والتقلُّب هو علامة هذا السلوك.
3- كل شيء أو لا شيء على الإطلاق
تميل الشخصيات المثيرة للنزاعات إلى رؤية العالم إما بالأسود وإما بالأبيض. في نظرهم كلُّ شيءٍ إما جيِّد وإما سيئ، ولا وجود لمنطقة رمادية.
لا يريدون التوسُّط لأن ذلك يسمح بالشكِّ والخطأ من جانبهم، وهي أشياء يكرهها الشخص المثير للنزاعات.
هم بحاجةٍ إلى أن يشعروا بأنهم على ما يرام، وأن يشعروا بأن اتِّهاماتهم مُبرَّرة، وذلك للحفاظ على زمام السيطرة بأيِّ ثمن.
من المعروف أن الأشخاص الذين يثيرون النزاعات لديهم موقف يتلخَّص في "أنا أو لا أحد". إذا لم تكن على درايةٍ بوجهة نظرهم، فسوف تواجه تهمة، لأنهم بحاجة لأشخاص يغذون نزعاتهم الدرامية وحاجتهم إلى التحفيز.
للأسف، يعتمد هؤلاء الأشخاص على الوقود للشعور بالرضا، يجب أن يشعروا بأنهم يفوزون في جميع الجوانب، وهذا يشمل المعارك التي يختارونها مع الآخرين.
4- السلوكيات المتطرِّفة
إذا كنت تعتقد أن كلَّ هذا سيئ، فكن مستعداً لبعض السلوك الصادم، إذ يحب هذا النوع من الأشخاص إنهاء الأمور بقذف الأشياء من حولهم وركل الجدران.
ثم تراهم يلومونك لجعلهم يفعلون ذلك، لقد دفعتهم للقيام بذلك ولا يتحمَّلون مسؤولية أفعالهم!
بعد أن يتلاشى الغضب يقدِّمون الأعذار في محاولةٍ واهية لإنقاذ صورتهم وسمعتهم، لكن الضرر قد وقع بالفعل.
ما الذي يسبب تصاعد سلوك إثارة النزاعات؟
باختصار، ينتقل هذا السلوك من التربية، إذ يحاكي هؤلاء الأشخاص ويعكسون ما رأوه وهم يكبرون، بحسب موقع High Conflict people Institute المتخصص بمساعدة الناس في التعامل مع هذه الشخصيات في أماكن العمل.
ما نراه ونتعلَّمه خلال الطفولة يمهِّد الطريق لوقتٍ لاحقٍ من الحياة، وفي بعض الأحيان يمكن أن يُعزى هذا السلوك أيضاً إلى الأبوة والأمومة الضعيفة.
الآباء والأمهات الذين يتسمون باللين الشديد ولا يضعون حدوداً واضحة أو عواقب لسلوك الطفل لن يكون لدى طفلهم أيُّ حافزٍ ليصبح بالغاً عقلانياً.
كيفية التعامل مع الشخصيات المثيرة للنزاعات
القاعدة رقم 1
أولاً، لا تخبر الشخص المعني أبداً بأنه مثيرٌ للنزاعات. سوف يأتي ذلك بنتائج عكسية عليك فقط، فيشن هجوماً عليك إذا شعر أنه موضع انتقاد أو تحكم.
القاعدة رقم 2
احتفظ بكرامتك وكن مستعداً للمغادرة إذا لزم الأمر، فهم يريدونك أن تنزل إلى الوحل وتتدحرج معهم، لا تمنحهم الرضا. التحريض على الدراما هو هوايتهم المُفضَّلة، لذا لا تهتم بذلك، ومن أجل تجنُّبهم ببساطة تخلَّى عن الأنا ولا تلعب لعبتهم.
القاعدة رقم 3
لا تقترب منهم في المقام الأول، بمجرد أن تبدأ العلامات في الظهور، دوِّن ملاحظة ذهنية للحفاظ على مسافةٍ آمنة.
ابتعد عنهم بقدر الإمكان، وارفض الدعوات أو الاتصالات غير الضرورية أو أيَّ شيءٍ قد يجرك إلى عالمهم بصورةٍ مهذَّبة، ولكن بعدم اهتمامٍ أيضاً.
القاعدة رقم 4
تحقَّق من موقفهم، إذا لم يكن لديك خيارٌ سوى التفاعل مع هذا الشخص، فتعلَّم تهدئة الوحش، تحقَّق من موقعه واجعله يشعر بأنه مسموع. قد يتعارض هذا مع مشاعرك الحقيقية، ولكنه يساعدك في خفض دفاعهم وإيجاد حل.
استخدم عبارات مثل:
"يمكنني أن أقدِّر سبب شعورك بهذه الطريقة"، أو "أنا أهتم بك، لا أريد أن أراك مستاءً". يمكن لمثل هذه العبارات أن تقطع شوطاً طويلاً لنزع فتيل الموقف. تأكَّد من إبراز نقاطهم الجيِّدة أيضاً، مثل "أنت تقدِّم الكثير من الأمور الجيِّدة، ومع ذلك، في هذه الحالة…".
يجب أن يشعروا بالاحترام وأن آراءهم محلّ تقدير، يمكن أن يشعر المرء بالتلاعب إلى حدٍّ ما إذا لم تكن العبارات صادقة، ومع ذلك إذا كان لديك هدفٌ في ذهنك، فسوف يأخذك هذا إلى انتقامٍ بنفس النهج.
إن إظهار الانتباه والتعاطف والاحترام يقطع شوطاً طويلاً لمساعدة هذا الشخص على فهم وجهة نظرك. وقد لا تشعر بأن هذا تصرُّفٌ صادق منك، لكنه سيساعدك على الحصول على النتائج التي ترجوها.