إذا كنت بحاجة إلى قيلولة سريعة لاستعادة نشاطك، استخدم أرجوحة شبكية أو كرسيّاً هزّازاً؛ إذ تقول الأبحاث إننا بهذه الطريقة نستغرق في النوم بشكل أسرع وأعمق ولفترة أطول عن طرق النوم التقليدية. والسرّ فقط في الاهتزاز.
وبداية من الأطفال الصغار الذي يغرقون في النوم مع حركة ذراعي آبائهم أثناء حملهم، وصولاً إلى الأجداد والجدّات المُسنّين الذين ينامون على كرسيّهم الهزاز، يستغرق الإنسان بشكل سحري في نوم عميق بمجرد الشعور بوتيرة هادئة من الاهتزاز اللطيف، الأمر الذي دفع الأبحاث العلمية لدراسة تأثير الحركة في تعزيز الشعور بالهدوء والاسترخاء لدى الإنسان.
الاهتزاز يحفِّز موجات الدماغ على النوم
ولحل هذا اللغز، أجرت جامعة جينيفا بحثاً على عدد من المشاركين تمت مراقبة موجاتهم الدماغية أثناء النوم على أسرّة مصنوعة خصيصاً للتجربة، يمكنها الاهتزاز بهدوء وبوتيرة ثابتة.
وأظهرت نتائج البحث الذي أجرته الجامعة، بالتعاون مع مجلة Current Biology العلمية، زيادة كبيرة في أنواع معينة من الموجات الدماغية المتعلقة بالنوم وربطتها بالتعرض للاهتزاز.
ويزيد التأرجح من جانب إلى آخر على وجه التحديد عمق حالات النوم العميق غير الحالِم، أي الذي لا تتحرك فيه العينان، والذي عادةً ما يمثِّل جودة نحو نصف ليلة هانئة من النوم.
ووفقاً لنتائج البحث المنشورة بمجلة فوربس، لم يتضح فقط أن المشاركين استغرقوا في النوم بشكل أسرع وأعمق وحسب عند استخدام الأسرّة الهزّازة، بل ظلوا نائمين بصورة متصلة خلال الليل أيضاً، واستيقظوا عدد مرات أقل. وهي النتائج التي تدل على أن الحركة الطفيفة تساهم بشكل فعّال في علاج الأرق ومشاكل النوم.
تحسين إمكانيات الذاكرة وحفظ المعلومات
وبالنسبة للتأثير الذهني، أظهر بحث جامعة جينيفا حدوث تغيرات في موجات الدماغ أثناء ما سموه "النوم المُتأرجح" تماثل تلك التي تحدث في المخ أثناء النوم العميق. وهو الأمر الذي قد يحسّن إمكانيات الذاكرة والقدرات الذهنية للدماغ.
وحول تحديد ما إن كانت طريقة النوم الهزّاز يمكنها تحسين القدرات العقلية للإنسان، وجدوا في البحث أن المشاركين الذي أمضوا عدة ليال متواصلة على الأسرّة المُعدّلة للتجربة، كانوا أيضاً أفضل من غيرهم في تذكُّر المعلومات وحفظ الكلمات الجديدة.
كما تم التوصل أيضاً إلى أن الاهتزاز الهادئ يُزامن موجات الدماغ أثناء النوم في شبكات المهاد القشري للدماغ، وهي العملية الليلية التي يعالج فيها الدماغ المعلومات المُكتسبة ويخزِّن خلالها الذكريات طويلة المدى.
ويقول عالم الأعصاب السويسري والمشرف على الدراسة، لورانس باير، لمجلة Scientific American العلمية: "ما كان مفاجئاً بالنسبة لنا هو توصّلنا إلى معلومات تفيد بوضوح بأن اهتزازات الأرجوحة أو الكراسي الهزازة يمكنها بالفعل أن تريح الإنسان وتحسّن مزاجه وجودة نومه بشكل ملحوظ"، مشيراً إلى أن من المحتمل أن يكون أمراً واعداً للغاية في الأبحاث المستقبلية لتحسين جودة الحياة.
الاستجابة للاهتزاز تختلف من شخص لآخر
ولكن، لماذا يساعد الاهتزاز على النوم؟ تقول دراسة Current Biology إن مثل هذه الحركات الخارجية الإيقاعية تحفِّز بطريقة ما إيقاعاً موازياً للنشاط الكهربائي في الرأس، وهو بدوره ما يساعد على النوم. إذ تعمل دهاليز الأذن الداخلية التي تساعد عادةً في شعورنا بالأبعاد المكانية والحفاظ على توازن الجسم، في حدوث هذه التأثيرات.
وقد تفسِّر إمكانات ضبط الإيقاع الداخلي في الأذن الوسطى المتباينة بين الناس، سبب عدم ملاءمة جميع أنواع الحركة في استحضار مشاعرنا بالاسترخاء والهدوء.
على سبيل المثال، قد تسبب الحركة القوية شعور البعض بالغثيان والصداع، كما قد تسبب الاهتزازات القوية الإغماء لدى البعض الآخر، أو على الأقل إصابتهم بالانزعاج والدوار. لكن أسباب تلك الاختلافات تستلزم إجراء المزيد من الدراسات لمعرفتها بشكل واضح.
إدمان الاسترخاء بالاهتزاز قد يشير لمشكلة عصبية!
ومع أنه من المفهوم الآن لماذا يفضّل الأطفال حركة الاهتزاز للاستعداد للنوم، لكنها من الممكن أن تكون عادة مزعجة إذا كانت تتم بشكل قهري ومتواصل حتى مرحلة البلوغ.
وتوضِّح صحيفة الإندبدنت أن إدمان الاهتزاز لتهدئة الأعصاب يُعرف باسم اضطراب الحركة الإيقاعي، وتتسم أعراضه بالاهتزاز المفرط وضرب الرأس أو الجسم في السرير أو الحائط إلى حين الاستغراق في النوم.
وعادة ما يكون الاضطراب المماثل هو استجابة غير واعية لمشاعر التوتر والقلق، ما يستلزم المتابعة مع المختصّين لمعالجة الأسباب الأصلية.