هناك العديد من الطرق المختلفة التي يمكن أن تختفي بها المدن؛ إذ يمكن أن تقع ضحية لكارثة، أو تغمره مياه البحار أو ببساطة تصبح منطقة نائية وخالية من الحياة بعد هجرة سكّانها لمناطق أخرى.
وبالإضافة لتلك الأسباب كثيراً ما اختفت المدن والبلدات الكبرى بسبب مشروعات طموحة نجح بعضها مثل مدينة نيفيرسينك الأمريكية بولاية نيويورك التي تقرر هدمها لبناء خزان لمياه الشرب.
بينما باءت مشاريع أخرى بفشل كارثي مثل كونسونو الإيطالية التي أصبحت مدينة للأشباح بعد تعثُّر مشروع تحويلها إلى منتجعٍ ترفيهي.
1- مدينة نيفر سينك في نيويورك
في الأربعينيات من القرن الماضي، كانت مدينة نيويورك تعاني من نقص في إمدادات مياه الشرب.
وبحسب مؤرخة مدينة نيفير سينك، كارول سميث، لموقع جمعية مقاطعة سوليفان التاريخية، تم إنشاء مجلس إمدادات المياه في المدينة عام 1905 وبدأ في التخطيط لعملية توفير نحو نصف مليار جالون من إمدادات المياه في مدينتي نيفير سينك وبيتر سويت ونقلها إلى نيويورك.
وتوصل المجلس عام 1940 إلى قرار تهجير سكان المدينة ونقلهم إلى مناطق بديلة، وبناء خزانين من المياه في تلك المساحة ليكونا بمثابة المصدر الرئيسي لمياه الشرب في مدينة نيويورك.
2- مدينة كولمان سكوب في جمهورية ناميبيا
في أوائل القرن العشرين، كانت مدينة كولمان سكوب في جمهورية ناميبيا من أهم المدن الإفريقية.
واستضافت أول أوبرا أوروبية وأوركسترا في جنوب القارة، وحتى أول وحدة أشعة سينية (XRay) في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.
وازدهرت المدينة منذ اكتشاف حقل ألماس عالي الإنتاجية فيها، قدّرت BBC بأنه أنتج نحو مليون قيراط من الماس خلال عام 1912 فقط، أي 12% من الإنتاج العالمي في ذلك العام.
ولكن في نهاية المطاف، أدى الدمار الناجم عن الحرب العالمية الأولى واكتشاف مناجم أكبر للألماس جنوب تلك المدينة إلى الهجرة منها، إلى أن أصبحت خالية ومهجورة إلى يومنا هذا.
3- مدينة سينتراليا بولاية بنسلفانيا الأمريكية
كان عدد سكان مدينة سينتراليا الأمريكية عام 1960، لا يتجاوز 1435 نسمة.
وبحلول عام 2010، كان عدد سكانها 10 فقط؛ وذلك بسبب حريق ضخم في منجم الفحم فيها الذي كان مصدر رزق سكان المدينة الوحيد.
وتقول الرواية بحسب كتاب "الرحلات في الجيولوجيا والتاريخ: رحلات ميدانية في دول المحيط الأطلسي الأوسط"، إنه في عام 1962 تحديداً، تم إحراق بعض القمامة قرب المنجم لكن النيران انتشرت ووصلت إلى أنفاق الفحم مُسببة حريقاً ضخماً امتد تحت الأرض واستمر في التطور بسبب العناصر الطبيعية والغازات.
وبسبب استمرار الحريق في الأعماق لسنوات متواصلة دون أي سيطرة عليه، أصبحت أرض المدينة معرضة لكثير من الانهيارات والانفجارات، ما دفع بنزوح السكان خوفاً من الهبوط الأرضي أو التعرض لسموم الغازات النابعة من العملية.
ووفقاً للكتاب الجيولوجي المنشور عام 2006، كان لا يزال يتم توثيق انفجارات بسبب تفاعل الغازات تحت الأرض، وتتواصل خروج الأبخرة السامة من شقوق الانهيارات في الأرض بعد مرور عقود.
4- مدينة لوكانغول في جنوب السودان
جنوب السودان هي واحدة من أفقر مناطق العالم. وقد نالت استقلالها عن السودان في يوليو/تموز 2011 ولا تكاد توجد بها أي طرقات أو سكك حديدية أو مدارس أو عيادات بعد عقدين من الصراعات المستمرة، مما جعلها ساحة حرب ومناوشات راح ضحيتها آلاف الأرواح، وتمت تسوية بعض مناطقها بالأرض، مثلما حدث في مدينة لوكانغول.
وتم تدمير مدينة لوكانغول التي بلغ عدد سكانها 20 ألف نسمة، إثر الاشتباكات العرقية التي اندلعت مطلع عام 2011.
ووفقاً للمتحدث باسم منظمة أطباء بلا حدود لـ BBC، فقد تمت تسوية المدينة بالأرض وتحولت إلى رماد، مشيراً إلى أن معظم السكان تمكنوا من الفرار قبل اندلاع الهجوم وتوزّعوا على المناطق المجاورة.
5- مدينة مولوغا في روسيا
عندما قرر الاتحاد السوفييتي في ثلاثينيات القرن الماضي إنشاء خزان ريبينسك على نهر الفولغا، كانت هناك مشكلة واحدة فقط، وهي مدينة مولوغا التي تضم أكثر من 600 قرية صغيرة ويبلغ عدد سكانها حوالي 130 ألف نسمة.
ووفقاً لـ BBC، تم إجبار السكان على هجر المدينة، مع وجود أدلة على أن حوالي 300 شخص رفضوا المغادرة وغرقوا عندما غمرت المدينة بالمياه عام 1940.
وفي عام 2014، تسببت تغيرات المناخ في تراجع منسوب الماء في تلك المنطقة، وظهور أنقاض أجزاء من المدينة المنسية لأول مرة منذ عقود.
6- مدينة ريسشن في إيطاليا
في عام 1950 تم غرق ما مجموعه 1290 فداناً من الأراضي في مدينة ريسشن أثناء محاولة السلطات الإيطالية بناء سد للمياه.
واندمجت مياه السد المنهار مع ثلاث بحيرات اصطناعية في المنطقة هي بحيرة ريسشنسي وكيورون وسان فالنتينو آلامووتا.
ووفقاً لـCNBC، كان لا بد من إجلاء السكان من تلك المساحات المغمورة، ولم يبق من المنطقة سوى برج الكنيسة الكبير الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع عشر، وتخرج قمّته من المياه ويعتبر مزاراً سياحياً معروفاً اليوم.
وفي فصل الشتاء عندما تتجمد البحيرة، يصبح بالإمكان الوصول إلى برج الكنيسة سيراً على الأقدام.
7- مدينة كونسونو في إيطاليا
أما عن الطموحات التي باءت بالفشل، تقول مجلة Quartz إن كونسونو في الأصل كانت مدينة تاريخية منذ القرون الوسطى، ولم يتجاوز عدد سكانها الـ300 شخص.
وقد قضى على الحياة في تلك المدينة، رغبة أحد رجال الأعمال في تحويلها إلى منتجع فاخر.
ففي عام 1962، بدأ رجل الأعمال ماريو بانو في تحويل المنطقة إلى منتجع على طراز لاس فيغاس الأمريكي.
لكن بعد قيامه بشراء ممتلكات أهل المدينة، وسنوات من البناء والهدم استمرت حتى عام 1976، أدى انهيار أرضي خطير إلى إحباط أحلام المدينة في أن تصبح "منتجعاً ترفيهياً".
وظلت المنطقة مهجورة حتى عام 2016، عندما استضافت بطولة الغميضة الإيطالية.
8- مدن مفاعل تشيرنوبل في أوكرانيا
غيرت حادثة انفجار المفاعل النووي تشيرنوبيل عام 1986 مجرى حياة تلك المنطقة من الاتحاد السوفييتي، أو أوكرانيا اليوم.
وكان عدد سكان مدينة بريبيات، مركز المحطة النووية، حوالي 50 ألف نسمة يعمل معظمهم في مرافق تشيرنوبيل للطاقة النووية.
وفي أعقاب حادث انفجار المفاعل، تم اعتبار المدينة وعدد من المدن والقرى المحيطة لها، مناطق غير آمنة للحياة البشرية إلى أجل غير مُسمّى، وتم إخلاؤها.
ولنكُن أكثر دقة، تم إخلاء ما يُقدَّر بـ470 قرية وبلدة ومدينة قريبة من منطقة المفاعل، مثل مدينة درونكي و مدينة أرفيتشي، بحسب موقع CNBC.
وتقع تلك المدن الآن فيما يُعرف الآن بـ"محمية بوليسي البيئية الإشعاعية"، والتي أصبحت الآن محمية طبيعية واسعة النطاق.