يستغرق الانتقاء الطبيعي وقتاً، ووفقاً لسجل الحفريات، كانت أسماك القرش، على سبيل المثال، هي نفسها بشكل أساسي لمئات الملايين من السنين. ولكن شيئاً ما حدث مؤخراً، ونعني بكلمة "مؤخراً"- أي في آخر 9 ملايين سنة- دفع أسماك القرش قبالة أستراليا إلى تعلم المشي.
إلا أن الحديث ليس عن سمكة القرش الأبيض إياها، لحسن الحظ، بل أسماك القرش الصغيرة التي تتغذى على الشعاب المرجانية، تلك التي يمكن وصفها بـ"اللطيفة".
كان العلماء اكتشفوا بالفعل 5 أنواع قادرة على المشي، لكن الأبحاث الجديدة تضاعف هذا العدد تقريباً إلى 9.
تأتي المعلومات الجديدة في دراسة امتدت على مدى 12 عاماً، أجراها فريق علماء دوليين من جامعة كوينزلاند (UQ) الأسترالية ومنظمة Conservation International الدولية ومتحف فلوريدا للتاريخ الطبيعي والمعهد الإندونيسي للعلوم ووزارة الشؤون البحرية الإندونيسية.
وتم نشر الدراسة في دورية Marine and Freshwater Research المختصة بالحياة البحرية، والتي أوضحت أنه على مدى 400 مليون سنة، ظهر فقط نحو 1200 نوع من أسماك القرش.
أسماك عالقة في الزمن
بدوره قال جافين نايلور، من برنامج فلوريدا لأبحاث القرش في جامعة فلوريدا، لمجلة National Geographic: "نرى حيوانات من 180 مليون سنة لها الأسنان نفسها".
رغم أن أسماك القرش ليست من الأنواع الأكثر تكاثراً وتعيش فترة طويلة، فإنه لا يزال هناك كثير من الوقت لظهور طفرات مفيدة.
ورغم تغيُّر العديد من الظواهر على كوكب الأرض على مدى ملايين السنين، فإن أسماك القرش بصفتها حيوانات مفترسة لم تغير كثيراً؛ بل وصف نايلور أحد أنواعها (Sixgill) بأنه "عالق في الزمن".
وتعيش أسماك القرش الماشية، أو "أسماك القرش الكتفية"، في المياه الساحلية قبالة شمال أستراليا وجزيرة غينيا الجديدة.
تجوب الشعاب المرجانية عندما ينحسر المد، وتمشي عبر المياه الضحلة على زعانفها الصدرية في المقدمة وزعانف الحوض في الخلف، بحثاً عن طعامها مثل سرطان البحر والروبيان والأسماك الصغيرة.
وتعد أسماك القرش الماشية بارعة في التملص داخل الزوايا الضيقة للعثور على الطعام.
وتقول كريستين دادجون، من جامعة كوينزلاند: "يبلغ طولها أقل من متر في المتوسط، ولا تشكل أي تهديد للناس، ولكن قدرتها على تحمُّل بيئات الأكسجين المنخفض والمشي على زعانفها تمنحها ميزة رائعة على فريستها من القشريات والرخويات".
لذا، تصبح أثناء انحسار المد المفترسَ الأعلى في هرمية الشعاب المرجانية.
سبب تطور أسماك القرش الماشية
هذه القدرات تضع أسماك القرش الماشية في فئة خاصة بها، إذ لا تتشارك هذه الميزات الفريدة مع أقربائها من أسماك القرش الأخرى بشتى أنواعها وأحجامها.
ويرجع العلماء سبب تطور القدرة على المشي إلى انعزال هذه الأسماك في بيئة خاصة وتكاثرها الذي سرّع حصول طفرة في زعانفها ساعدتها على تعلُّم المشي عبر الشعاب المرجانية.
أما السبب الثاني، فهو التغير المستمر للشعاب المرجانية وتبدُّل حرارتها بين البارد والساخن؛ ما دفع أسماك القرش الماشية إلى التكيف مع هذه البيئة الديناميكية وتطوير القدرة على المشي بحثاً عن الفريسة التالية.