قالت صحيفة The Times البريطانية إن شركة الكهرباء الحكومية المفلسة في جنوب إفريقيا أنفقت حوالي مليوني دولار ونصف لإبقاء أنوار المدينة مضاءة أثناء جنازة ملك شعب الزولو المذاعة عبر شاشات التلفزيون.
فقد توفي غودويل زويليتيني، الملك المكرّم لدى شعب الزولو والشخصية المثيرة للجدل في جنوب إفريقيا، يوم الجمعة 12 مارس/آذار 2021، عن 72 عاماً، على ما أعلن مكتبه بعد أسابيع في المستشفى بسبب مضاعفات متصلة أساساً بمرض السكري.
700 ألف دولار في الساعة لمتابعة الجنازة
حسب تقرير الصحيفة البريطانية الذي نشر الخميس 18 مارس/آذار 2021، فقد علّقت الهيئة العامة للكهرباء في البلاد (Eskom) انقطاعات الكهرباء المتكررة في جنوب إفريقيا والتي تحولُ دون انهيار الشبكة الوطنية المتداعية لأربع ساعات؛ ليتمكن المواطنون من مشاهدة جنازة غودويل زويليتيني. و"ليشهدوا حدثاً تاريخياً مهماً في هذا الوقت العصيب من حياة أمة الزولو".
بمجرد الانتهاء من الإجراءات التي طغى عليها الحزن في المقر الملكي بمحافظة كوازولو ناتال، جرى استئناف العمل بجدول انقطاعات التيار الإقليمية، المعروفة بـ"تخفيف الأحمال"، مرة أخرى.
تعتمد Eskom على المعونات الحكومية الأسبوعية التي تبلغ قيمتها حوالي 70 مليون دولار حتى تظل المنشأة عاملة.
قال متحدث باسم الهيئة إن إنفاق 700 ألف دولار أمريكي تقريباً في الساعة لتشغيل توربينات الغاز ذات الدورة المفتوحة بكامل طاقتها من أجل الحدث، الذي أقيم بين الساعة العاشرة صباحاً والثانية مساءً، هو أمر ذو جدوى "بالنظر إلى أنها لحظة عظيمة وحزينة على المستوى الوطني".
انتقادات للشركة المفلسة في جنوب إفريقيا
أثيرت انتقادات واسعة عبر شبكات التواصل الاجتماعي بشأن الإسراف في وقت تكافح فيه جنوب إفريقيا لتمويل برنامج التلقيح ضد فيروس كورونا وسداد ديونها وزيادة فاتورة أجور القطاع العام.
إذ أثقلت سنوات من الفساد وسوء الإدارة في ظل حكم الرئيس السابق، جاكوب زوما، كاهل السلطة بتكاليف متزايدة وعجز في الإيرادات وأسطول من محطات توليد الطاقة بالفحم المتهالكة وديون متضخمة. وحذر بنك غولدمان ساكس من أن حالة الضعف التي تعاني منها Eskom تشكل أكبر خطر على اقتصاد جنوب إفريقيا.
فيما قالت الخبيرة الاقتصادية نوكواندا ماسيكو: "إن التقلب المستمر في إمدادات الطاقة" كان يعيق ثقة قطاع الأعمال. وأردفت: "يجب أن تكون Eskom واضحة بشأن المعايير التي تستخدمها لتقرر أياً من الأحداث التي لن يتم قطع التيار الكهربائئ من أجلها وأيها ستشهد انقطاعاً في الكهرباء".
تشييع جنازة ملك شعب الزولو
كان زوما، البالغ من العمر 78 عاماً، والمنتمي إلى شعب الزولو، من بين الشخصيات البارزة والمحاربين الذين ارتدوا جلد النمر وتجمعوا لتوديع غودويل، زعيم أكبر مجموعة عرقية في البلاد، في خيمة مفروشة بالسجاد في حديقة القصر الملكي. وقد شيع جثمانه ليلاً في مراسم معروفة باسم "الغرس" في ثقافة شعب الزولو.
خلال الحدث البارز، أخبر الرئيس رامافوزا مشيعي العزاء "بأنه يوم صعب؛ لأن شجرة ضخمة سقطت". جلست أرامل الملك الراحل الست في مقدمة المراسم وخلفهن أبناؤهن في صفوف. وسافرت الأميرة شارلين، أميرة موناكو، التي تنحدر من جنوب إفريقيا، لحضور هذه المناسبة.
خدم زويليتيني لأطول فترة في تاريخ شعب الزولو، دامت لنصف قرن في ظل سنوات من الفصل العنصري والانتقال إلى الديمقراطية متعددة الأعراق.
يحظى بمكانة خاصة في البلاد
رغم عدم حيازته أي سلطة فعلية في جنوب إفريقيا حالياً، لكنه كان يتمتع بنفوذ على حوالي 11 مليون شخص من شعب زولو، أكبر مجموعة إثنية في البلاد، ودوره يتركز على الجانب الروحي.
خلال حكم استمر نصف قرن كملك شعب الزولو، أثار الكثير من الفضائح، من خلال إطلاقه على سبيل المثال مهرجاناً للفتيات العذارى أو بعد وصفه المهاجرين الأفارقة بأنهم "نمل" و"قمل"، ما أجج هجمات معادية للأجانب في البلاد.
كما أطلق أخيراً تصريحات مؤيدة لأشكال العقاب الجسدي بحجة أنها تساعد التلاميذ على تحسين أدائهم الدراسي، كما قال إن المثلية الجنسية "غير مقبولة".
كان زويليتيني، وهو مالك أراض شاسعة، قد اعتلى العرش في سن الثالثة والعشرين خلال نظام الفصل العنصري سنة 1971 بعد وفاة والده.
مع العلم أنه في جنوب إفريقيا، يحظى الملوك التقليديون باعتراف دستوري ويؤدون دوراً رمزياً قوياً في أحيان كثيرة.