نجح علماء في تشكيل تكتلات من الأنسجة البشرية التي تتصرف مثل الأجنة في مراحلها الأولى، وهو إنجاز يُبشِّر بتحول في الأبحاث التي تركز على المراحل الأولى من تكوُّن البشر، ما سيساعد على تفادي حالات الإجهاض والتشوهات الخلقية، حسب ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 17 مارس/آذار 2021.
يبلغ عرض تكتلات الخلايا، المُسماة البلاستويد، أقل من ملليمتر وتشبه هياكل تسمى الكيسات الأريمية، التي تتكون في غضون أيام قليلة من إخصاب البويضة. وتحتوي الأكياس الأريمية عادةً على نحو 100 خلية؛ التي تتطور منها كل نسيج في الجسم.
فهم تشكل الأجنة خلال الأيام الأولى
توصل فريقان من الباحثين إلى أنه يمكن صنع أشباه كيسات أريمية صغيرة من الخلايا الجذعية أو خلايا الجلد المُعَاد برمجتها عن طريق زراعتها في آبار ثلاثية الأبعاد مملوءة بسائل يحتوي على المواد الكيميائية اللازمة لتكوين الكيسة الأريمية الطبيعية.
في ورقتين بحثيتين منفصلتين نُشِرَت في دورية Nature، وصف العلماء كيف تجمَّعت الخلايا ذاتياً في أجسام بلاستويدية كروية الشكل بعد ستة إلى ثمانية أيام في المُستنبِت أو المزرعة.
كشفت الاختبارات أنها تحتوي على جميع الخلايا التي شوهدت في الكيسة الأريمية الطبيعية. والتصق بعضها بأطباق المزرعة البلاستيكية، محاكيةً بذلك عملية الانغراس في الرحم.
من خلال دراسة البلاستويد (أو الأجنة الصناعية)، يأمل العلماء في معرفة كيفية تطور الأجنة حديثة التكوين في الفترة التي تسبق الزرع، وفهم سبب حدوث العديد من حالات الإجهاض في هذه المرحلة الحساسة من الحمل البشري.
لمواجهة الإجهاض والعيوب الخلقية
ستُجرَى المزيد من الأبحاث باستخدام هذه الخلايا لفهم كيفية ظهور عيوب خلقية معينة والتحقيق في تأثير السموم البيئية والأدوية وحتى الالتهابات الفيروسية على النمو الصحي للجنين.
قال البروفيسور جوزيه بولو، الذي قاد أحد الفريقين في جامعة موناش الأسترالية: "القدرة على العمل على نطاق أوسع سيُحدِث ثورة في فهمنا للمراحل المبكرة من التكوين البشري".
بدوره، قال جون وو، أستاذ مساعد بالمركز الطبي Southwestern Medical Centre التابع لجامعة تكساس وقائد الفريق البحثي الآخر: "نحن متحمسون للغاية. إنَّ دراسة التكوين البشري صعبة للغاية، وبالأخص في تلك المرحلة من التطور. الأمر يشبه الصندوق الأسود". وأوضح وو أنَّ البلاستويد استُزرِعَت لمرحلة تعادل جنين بشري عمره 10 أيام.
لكن هناك أسئلة الأخلاقيات البيولوجية
من جانبها، وصفت ناعومي موريس، من معهد فرانسيس كريك في لندن، التي تستخدم الخلايا الجذعية لنمذجة نمو الأجنة البشرية، هذه النتائج بأنها مهمة، وسلَّطت الضوء على التقدم السريع الذي يُحرَز في هذا المجال.
فقد أوضحت أن المثير في هذه النماذج هي أننا نأمل أن نستخدمها للبدء في فهم كيفية عمل النمو البشري الطبيعي والعمليات التي يمكن إجراؤها عندما تسوء الأمور، في حالات الإجهاض أو التشوهات الخلقية على سبيل المثال.
قال الباحثان وو وبولو إنه على الرغم من أن البلاستويد تشبه الأجنة في مراحلها المبكرة، لكنها ليست متطابقة ويمكنها فقط محاكاة الأسبوع الأول أو نحو ذلك من التطور البشري.
تقول أماندر كلارك، من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، التي عملت مع بولو، إنَّ هذا النهج لن يُستخدَم لصنع أجنة للزرع داخل الرحم.
لكن في مقال مصاحب للورقتين البحثيتين في دورية Nature، اقترح العلماء في جامعة ميشيغان أنَّ التقدم في هذا المجال من شأنه أن يؤدي إلى تشكيل أُرَيمَيات تحاكي الكيسات الأريمية البشرية عن كثب.
بيد أنَّ العالمين، يي تشنغ وجيان بينغ فو، كتَبا: "سيثير هذا حتماً أسئلة تتعلق بالأخلاقيات البيولوجية. ما الوضع الأخلاقي الذي سيحكم البلاستويد البشرية، وكيف ينبغي تنظيمها؟ هل يجب تطبيق قاعدة 14 يوماً؟ ستحتاج هذه الأسئلة إلى إجابة قبل الشروع في البحث الحذر في البلاستويد البشرية".