مهما كانت ثقتك بنظافة منزلك، هناك على الأرجح العشرات من الحشرات الدقيقة التي تختبئ الآن في زوايا بيتك المظلمة أو حتى أمام عينيك دون أن تنتبه. وفي حين أن العديد من هذه الكائنات الحية اجتاح بيتك دون إذن، فإن وجود الكثير منها يصب في مصلحتك أحياناً، حيث يقتات بعضها على الحشرات الدقيقة الأخرى التي تسكن معك حالياً وقد تسبب الضرر.
ففي تحقيق أجرته مجموعة من علماء الحشرات بجامعة ولاية كارولينا الشمالية الأمريكية، تم تحديد عدد من الحشرات والعناكب واللافقاريات الأخرى التي لها أجسام مجزأة وأرجل مفصلية وتشارك المنازل مع الناس عن طريق المصادفة، ثم تستقر هناك دون أن يتم اكتشاف وجودها، ومن بينها مثلاً النمل الأبيض والبق والصراصير التي تعيش بالفعل جنباً إلى جنب مع البشر وتسبب الإزعاج الشديد والذعر لمضيفيهم.
100 نوع على الأقل
وجمع الباحثون عينات من الحشرات الحية أو الميتة التي وجدوها في العلّيات والأقبية والحمامات والمطابخ وغرف النوم وغيرها من المنازل المشاركة في البحث، واكتشفوا أن كل مسكن يمكن أن يستضيف مئات الأنواع من المفصليات، بمتوسط 100 نوع من الحشرات على الأقل. وفي النتائج تم وضع قائمة من 579 نوعاً من 304 عائلات من الحشرات تم العثور عليها في عينة المنازل، وهي الأعداد التي رجحت الدراسة في ختامها أنها "مجرد لمحة أولى" عن الأنواع التي تتعايش مع البشر.
وتراوحت الحشرات التي تم اكتشافها في المنازل بين الذباب والخنافس والدبابير والعناكب والنمل، ومثلت الأنواع الأكثر تكراراً في البيوت بنسبة بلغت حوالي 73% من جميع الحشرات التي تم تحديدها. وعلى رأس تلك الحشرات كانت فصائل من ذباب الفاكهة أو Cecidomyiidae الصغيرة التي يبلغ طولها حوالي 1 ملم، من الزائرين الداخليين الشائعين في جميع المنازل التي تم فحصها.
أما عن الحشرات الأخرى، فكان أبرزها:
1- قمل الكتب
قمل الكتب أو Liposcelididae هي حشرات صغيرة توجد في العديد من الأماكن وغالباً في أعشاش الحيوانات ومنازل البشر. وهي من نفس عائلة القمل الطفيلي الحقيقي، لكن بدلاً من الدم فهي تتغذى على العفن والحشرات الميتة والمنتجات الغذائية المخزنة وأنواع أخرى من المواد العضوية.
الحشرة رغم عدم تهديدها لصحة الإنسان، فإنها تمثل خطورة على مقتنيات المنزل؛ فهي تقتات على ورق الحائط والكتب والأقمشة والأثاث.
ويعد الجفاف هو الحل الأمثل للتخلص من تلك الحشرة، عن طريق تقليل رطوبة المكان بأنظمة التهوية ومزيلات الرطوبة المتخصصة أو عبر تعيين شركات مكافحة الآفات.
2- النمل
يعد فتات الطعام من الوجبات المفضلة للنمل أو الـ Formicinae، لكنه ليس السبب في جذبها لبيتك على وجه التحديد؛ فالطقس هو السبب في زيارة هذه الحشرة لمنزلك، حيث تأتي عندما يكون الجو بارداً ورطباً، وكذلك عندما يكون الجو حاراً وجافاً.
وتشكل حشود الحشرة التي لا تعيش أبداً بمفردها مصدراً للإزعاج الشديد للبشر، إلا أنها ليست بهذه الخطورة كما يُشاع عنها، لأن هذا النوع من النمل لا يسبب أضراراً للمنازل أو ينقل الأمراض. الذي يجب الحذر منه هو النمل الحفّار ذو الحجم الدقيق واللون الأسود، وهذا النوع من النمل ضرره لا يكمن في أنه يقتات على الخشب، إلا أنه يدمره بسبب حفر الأعشاش فيه وصنع الخنادق بين أليافه.
3- خنافس السجاد
تعد الخنافس أو Coleoptera هي الحشرة الأكثر شيوعاً في العالم، وعلى الأرجح يضم منزلك الآن أحد فصائلها.
وتتغذى خنافس السجاد على بقايا فتات الحبوب الجافة مثل الدقيق والذرة والحبوب، وهي غالباً ما تحب التسكع في الملابس الصوفية المخزنة والسجاد والمفروشات الوبرية والشقوق وزوايا الخزانات والأدراج.
4- اللافقاريات (مئوية الأرجل – أم أربعة وأربعين)
تثير هذه الحشرة ذات الأرجل المتعددة ذعر الكثيرين، لكن في الواقع يمكن لحشرة مئوية الأرجل أو Centipedes المساعدة في جعل منزلك أقل استضافة للحشرات الأخرى، حيث تتغذى هذه الحشرة اللافقارية على الأسماك الفضية ويرقات الخنفساء والصراصير والعناكب.
لذلك إذا رأيت تلك الحشرة بالقرب من الشقوق في الخرسانة على الجدران أو حول المصارف الأرضية وصناديق الكرتون المخزنة والأركان الباردة والرطبة، تأكد أن هناك وليمة من الحشرات الأخرى هناك.
5- صراصير الإبل
الحشرة التي تشبه نسخة ممزوجة من الصراصير والجراد في آن واحد وتُدعى علمياً Rhaphidophoridae، تعيش عادةً في الأقبية ومساحات الزحف، حيث تتغذى على المواد العضوية المختلفة. وتساعد قرون استشعارها الطويلة في إرشادها في الظلام، بينما تسمح لها أرجلها الطويلة بالقفز لمسافات طويلة. وعلى الرغم من أنها قد تبدو مخيفة، إلا أنها غير ضارة.
6- عناكب القبو
في المنزل أيضاً يمكن مصادفة حشرة من عناكب القبو أو Pholcidae، بأرجلها الطويلة شقراء اللون، وهي تتحرك بسرعة ورشاقة وتعيش في شبكات. وغالباً ما تتواجد تلك الحشرة في الأقبية ومساحات الزحف كزوايا السقف وفوق الأماكن بعيدة الوصول وغيرها. وعلى الرغم من أنها تتغذى على الحشرات المفصلية ذات الأرجل الصغيرة التي تلتقطها في شبكاتها، فإنها معروفة أيضاً بغزوها شبكات العناكب الأخرى.
7- ذباب المصارف
يُعرف أيضاً باسم Psychodidae أو عثة المصارف لشبهها بذباب العثة الصغير، وهو في الحقيقة ذباب فعلاً. تعيش يرقاتها في الأنابيب والمصارف حيث تتغذى على الوحل والمواد العضوية التي تتراكم في المجارير. لهذا السبب غالباً ما يتم ملاحظة الذبابات البالغة من تلك الحشرة حول مصارف المياه في الحمامات والمطابخ. وهي حشرة غير مؤذية ولا تعض.
8- السمكة الفضية
تستعمر حشرة السمكة الفضية أو Lepismatidae المنازل عن طريق دخولها على متن كتاب أو صندوق ورقي مصاب، ثم تبدأ في الانتشار والتكاثر.
وهي حشرة سريعة الحركة وتأكل بنهم مجموعة واسعة من الأشياء، تبدأ من الحبوب والدقيق والأقمشة وتصل إلى أوراق الحائط والكتب والصمغ، ما يجعلها غاية في الخطورة على مقتنيات المنزل. الحشرة تنشط ليلاً فقط وتبدأ في التجول والاختباء في الأماكن غير المستخدمة، مثل الأقبية والخزانات والمكتبات والصناديق الورقية.
9- البراغيث
لا تصيب البراغيث المنسوجات والأسرّة إلا عن طريق انتقالها من ملابس الأشخاص أو حيواناتهم الأليفة بعد التقاطها من الخارج، ومن ثم تقوم باستعمار المسطحات في المنزل إذا لم يتم التعامل معها بحرص. وهي على العكس من الحشرات المنزلية الأليفة الأخرى، تسبب الضرر والألم الجسدي للإنسان لكونها تتغذى على دماء الجسم مسببة لدغات مؤلمة ومثيرة للحساسية والحكة.
إذا أهملت تنظيف وتغيير الفراش لفترة طويلة، يمكن للبراغيث أن تستقر وتستعمر سريرك وتقتات عليك وعلى حيواناتك الأليفة؛ بل وقد تنتشر بسهولة في جميع أنحاء المنزل، خاصة على البسط والوسائد والسجاد وأي مسطح من المنسوجات.
10- عثة الغبار
حتى وإن كان فراشك نظيفاً من البراغيث، هناك أنواع من الحشرات التي تسكن مراتب الفراش وتقتات على خلايا بشرتنا الميتة وذرات التراب المتراكمة بين طبقات الأنسجة. وتعد حشرة عث الغبار من الكائنات الدقيقة الموجودة في أسرّة معظم المنازل، وهي آفات تكاد تكون مرئية بالعين المجردة عن التدقيق بحرص. وتزدهر عثة الغبار في البيئات الدافئة والرطبة وعادة ما تكون موجودة في المراتب والأثاث المنجد والسجاد والستائر.
الحشرة مفيدة لأنها تقوم بتنظيف الفراش من خلايا الجلد الميت المتراكمة على طبقاته، حيث تتغذى على الجلد الميت ووبر الحيوانات الأليفة وحبوب اللقاح والبكتيريا. لكن على الرغم من أن معظم الناس لا يتأثرون بوجودها، فقد يتراكم عث الغبار وفضلاته بما يكفي لإثارة الحساسية والربو لدى البعض.
بطبيعة الحال لا يمكن التخلص من هذا الكم الضخم من الحشرات التي تجتاح منازلنا، خاصة عند الحرص على الفتح الدوري للنوافذ والشرفات لتجديد الهواء وتشميس المفروشات. إلا أنه على الأقل في المرة المقبلة التي تصادف فيها إحدى تلك الكائنات، يمكن إضافتها لقائمة زوار المنزل ومعرفة أنك لست وحدك.