هل كنت تعلم أن الكلب هو أقدم صديق للإنسان؟ وفقاً للعلماء فقد تم استئناس الذئاب الرمادية منذ آلاف السنين قبل الميلاد، ومع مرور الوقت ظهرت العديد من التغيرات الشكلية والسلوكية لدى تلك الذئاب، حتى تحولت إلى الكلاب الأليفة التي نعرفها اليوم، بسبب التربية الانتقائية وأساليب التدجين التي اعتمدها البشر، لكن ماذا عن القطط والماشية والخيول؟ إليكم تاريخاً مختصراً عن قصة تدجين الحيوانات:
تدجين الحيوانات: الكلب أفضل صديق للبشر منذ القدم
على ما يبدو فقد كانت الكلاب أفضل صديق للإنسان منذ القدم، إذ يعتقد العلماء أن الإنسان استأنس الكلاب ودجّنها منذ أكثر من 14 ألف عام، ويدعم اعتقادهم ذاك حفريات تعود لذلك التاريخ، وُجدت في أحد الكهوف في العراق.
ووفقاً لما ورد في موقع Ancient Origins، فقد اقترح العديد من العلماء أن تدجين سلف الذئب الرمادي بدأ ما بين 38000 إلى 10000 عام، إما في أوروبا أو الشرق الأوسط أو آسيا، أي أن تدجين هذا الحيوان مغرق في القدم.
وقد كان الهدف الأساسي من تدجين البشر لأسلاف الذئب الرمادي هو بغرض الحماية ومضاعفة فرصهم في البقاء على قيد الحياة.
كيف تحول الذئب الرمادي إلى الكلب الذي نعرفه اليوم؟
أجرى عالم الجينات الروسي ديمتري بيلييف تجارب حاول من خلالها تدجين الثعالب البرية، وذلك عبر تربية الثعالب الصغيرة في الأقفاص وتقسيمها إلى 3 مجموعات وفقاً لسلوكها، وهي الثعالب الودودة، والأقل وداً، والعدوانية، وكان بيلييف يزوج الثعالب الودودة من بعضها، وبعد أجيال من التزاوج المدروس حصل العالم على نوع من الثعالب الهجينة التي تشبه الكلاب في سلوكها.
يعتقد العلماء أن القدماء دجنوا الذئاب بنفس الطريقة للحصول على الكلاب الأليفة التي نعرفها اليوم بعد مرور آلاف السنين، إذ كان يتم قتل أشبال الذئاب العدوانية أو التخلي عنها والاحتفاظ بتلك الأكثر وداً مع البشر.
ووفقاً لموقع Journal of Young Investigators، فقد نتجت السلالات المختلفة من الكلاب نتيجة استخدام البشر للتربية والتزاوج الانتقائي للحصول على كلاب بصفات معينة مرغوبة.
فعلى سبيل المثال كان الرومان يستخدمون الكلاب البيضاء حصرياً للرعي، لتمييزها عن الذئاب ليلاً، أما كلاب الحراسة فقد كانت سوداء لإخافة اللصوص.
وهناك أدلة على أن الكلاب صغيرة الحجم ليست سلالة حديثة، فقد كانت موجودة في الصين في القرن الأول الميلادي.
القطط الآلهة عند المصريين
تنحدر القطط التي نعرفها اليوم من خمسة أنواع مختلفة من القطط البرية كبيرة الحجم، ويُعتقد أنه تم تدجينها لأول مرة حوالي 7500 قبل الميلاد.
ويعتقد أن البشر قديماً استأنسوا القطط واستخدموها للقضاء على الجرذان والجراد الذي كان يسيطر على أماكن استوطنها البشر.
ورغم العثور على أول دليل على وجود قطة مستأنسة في قبرص، فإنها تشتهر بدورها المحوري في المجتمع المصري القديم.
فغالباً ما كان المصريون يحنطون القطط ويضعونها في غرف فاخرة في الأهرامات، وكان هناك قرابة ثلاثة آلهة من القطط، أبرزها باستيت، التي عبدها المصريون القدماء في مدينة بوباستيس الموجودة في دلتا النيل.
تدجين الماشية
يُعتقد أن الحيوانات الأولى التي تم تدجينها للاستخدام الغذائي هي الأغنام، وكان ذلك بين 11000 و9000 قبل الميلاد في جنوب غرب آسيا، وفي وقت لاحق حوالي 8000 قبل الميلاد انضمت الماعز إلى قطيع الأغنام المدجن.
لا يوجد دليل قطعي يوضح لنا الآلية التي تم من خلالها تدجين هذه الحيوانات، لكن من المعروف أن البشر استخدموها منذ القدم للاستفادة من لحومها وحليبها وفرائها، وأنها كانت الرفيق الأمثل للمجتمعات البدوية المتنقلة.
يقول الباحث الأسترالي روس تيلام، إن العلماء يمكنهم معرفة متى تم تدجين الحيوانات المنتجة للحليب، بناءً على الوقت الذي أصبح فيه البشر يتحملون اللاكتوز.
ويضيف: "الطفرة التي مكنت البشر من استخدام اللاكتوز أعطتهم ميزة هائلة، وأسهمت في استقرارهم، وساعدت الحضارات على التطور".
وقد تم تدجين الخنازير في نفس الوقت تقريباً مع الأغنام والماعز، ولكن تم تدجينها من قبل مجتمعات أكثر استقراراً.
متى تم تدجين الخيول؟
من الصعب تحديد المكان والزمان اللذين تم تدجين الخيول فيهما، حيث كانت الخيول منتشرة على نطاق واسع منذ القدم، ولم تظهر تغييرات واضحة في شكلها وسلوكها بعد التدجين مثل ما حدث مع الكلاب.
مع ذلك يعتقد أن تدجين الخيول قد بدأ منذ 5000 قبل الميلاد في كازاخستان، و4000 قبل الميلاد في السهول الأوراسية، وهي أراض ممتدة بين المجر ومنغوليا.
وتشير الدلائل الأثرية إلى أن الخيول كانت تستخدم في البداية للطعام والحليب وليس للركوب، إذ لا تُظهر أسنان الخيول التي استؤنست في وقت مبكر تآكلات، كتلك الموجودة في أسنان الخيول التي استُخدمت للركوب لاحقاً (وضع اللجام في فم الخيل التي كانت تركب من قبل البشر يؤدي إلى تآكل أسنانها بشكل أسرع).
وقد تم العثور على أول دليل قاطع على ركوب الخيل في كازاخستان، ويعود تاريخه إلى 3500-3000 قبل الميلاد، حيث وجد العلماء حفريات لأسنان خيول بالية بفعل استخدام اللجام.