في العام 1996، وُلد أشهر كائن مستنسخ على وجه الأرض، النعجة دوللي، بمزرعة في أسكتلندا. كانت خطوة صغيرة بالنسبة للحمل، وقفزة عملاقة لجنس الأغنام. وجنباً إلى جنب مع النعجة الشهيرة جاءت وعود بتطبيقات مبتكرة، ولكن في ذلك الوقت، لم يكن أحد يعرف حقاً كيف يتم الاستنساخ.
وبعد مرور عقود على تلك التجربة الناجحة، وجد الاستنساخ طريقه المناسب. ومع تزايد عدد الأنواع المستنسخة، ومن ضمنها الجِمال والقطط والماشية، ظهرت شركات عديدة تقدم خدماتها الاستنساخية التجارية.
وفي مختلف أنحاء العالم، تستنسخ مئات الحيوانات الأليفة والزراعية كل يوم. ومع بدء استنساخ الأنواع البرية أيضاً، يعتقد المدافعون عن هذه التقنية أنها قادرة على إنقاذ هذه الحيوانات، بحسب ما نشره موقع Science Focus البريطاني.
6 تطبيقات للاستنساخ
لكن الجانب الأخلاقي حول الاستنساخ ما زال يثير الجدل بالزخم نفسه الذي حصل يوم وُلدت دوللي.
إذاً، كيف تم توظيف الاستنساخ تجارياً؟
1- استنساخ الحيوانات المهددة بالانقراض
في أغسطس/آب 2020، ولدت نسخة صحية من حصان من سلالة برزوالسكي المهددة بالانقراض في تكساس. وتعتبر خيول برزوالسكي، التي تعود أصولها إلى سهول آسيا الوسطى، آخر أنواع الخيول "البرية" الحقيقية.
ولا يزال هناك نحو ألفي حيوان من هذه السلالة، لكنها تفتقر إلى التنوع الجيني الأساسي، لأنها جميعاً تنحدر من 12 فرداً تم صيدها في البرية، حسب ما نشره موقع CNN.
وقد استُنسخ المهر الصغير، المسمى كيرت، باستخدام خلايا مجمدةٍ عمرها 40 عاماً، من فحل توجد جيناته بشكل جيد بين أفراد اليوم. ونظراً إلى أن كيرت مطابق وراثياً للفحل، فإن الأمل هو أنه عندما يكبر ويتكاثر، سيستعيد كيرت هذا التنوع الجيني المفقود من خلال نسله.
كما استُنسخت أنواع برية أخرى بنجاح، من ضمنها ذئب البراري، والقطط البرية الإفريقية، وبقرة نادرة في جنوب شرقي آسيا تسمى بانتنغ.
لكن العديد من دعاة الحفاظ على البيئة يعارضون الاستنساخ، لأنهم يرونه باهظاً وغير فعال كدعم المناطق المحمية ومكافحة الصيد الجائر.
2- استنساخ الحيوانات المنقرضة (ولكن ليس الديناصورات)
اختفى الحمض النووي للديناصورات منذ وقتٍ طويل، لكن الحيوانات المنقرضة مؤخراً، مثل الماموث الصوفي، يمكن أن تكون نظرياً هدفاً محتملاً للاستنساخ، حسب ما نشرته مجلة National Geographic.
كل ما يحتاجه العلماء هو مصدر للحمض النووي (من الخلايا الموجودة في جثة مجمدة أو عينة متحف) وأنواع حية وثيقة الصلة؛ للمساعدة في رعاية الجنين المستنسخ.
3- استنساخ الحيوان الأليف
توجد الآن 3 شركات على الأقل لاستنساخ الحيوانات الأليفة، وهي تنشئ نسخة طبق الأصل جينياً من كلبك أو قطك المحبوب مقابل 40 ألف دولار.
وقد اشترت المغنية باربرا سترايسند ومصممة الأزياء ديان فون فورستنبرغ، على سبيل المثال، مستنسخات من كلابهما الأليفة، حسب ما نشرته مجلة Forbes.
وتقول جيسيكا بيرس، وهي من مركز الأخلاقيات البيولوجية التابع لجامعة كولورادو، في دنفر: "عندما يواجه الناس خسارة حيوان أليف فإنهم يصبحون قابلين للتأثر بأي شيء إلى حد كبير"، وأضافت أن طمأنة الناس عبر وعده باستعادة الحيوان الأليف أمر خاطئ أخلاقياً.
إضافة إلى ذلك، يتسم الاستنساخ بعدم الكفاءة إلى حد كبير، ويتطلب الأمر عدة بدائل من الكلاب لتحقيق حمل واحد ناجح وعشرات الأجنة المستنسخة لتحقيق جرو واحد صحي.
4- الكلاب البوليسية المستنسخة
بعض الشركات التي تستنسخ الكلاب الأليفة تستنسخ أيضاً الحيوانات العاملة، مثل الكلاب المدربة على الكشف عن المخدرات.
يقول عالم الأحياء الخلوية الدكتور بي أولوف أولسون، بمؤسسة أبوظبي لأبحاث التكنولوجيا الحيوية في كوريا الجنوبية: "هذا أهم تطبيق للاستفادة من استنساخ الكلاب".
تُعرف المؤسسة أيضاً باسم Sooam Biotech، وقد أنتجت الشركة مئات من الحيوانات المستنسخة للكلاب، والعديد منها الآن في الخدمة النشطة.
5- الطعام من لحوم الحيوانات المستنسخة
في الصين، حيث يتزايد الطلب على لحوم البقر عالية الجودة، تعتقد شركة استنساخ محلية أن عملاءها سيطلبون ذلك.
تبني شركة Boyalife Genomics، التي تعمل مع مؤسسة أبوظبي لأبحاث التكنولوجيا الحيوية، منشأة استنساخ بقيمة 30 مليون دولار (نحو 23 مليون جنيه إسترليني) بمدينة تيانجين الساحلية حيث تخطط لاستنساخ بعض أفضل ماشية الأبقار في العالم.
الهدف، وفقاً للرئيس التنفيذي للشركة شو شياو تشون، هو البدء بإنتاج 100 ألف من أجنة الماشية المستنسخة سنوياً، ثم زيادتها إلى مليون. وفي نهاية المطاف، تأمل الشركة أن تكون مسؤولة عن 5% من الماشية المذبوحة الممتازة بالصين، ومن خلال زيادة الإنتاج، تأمل Boyalife خفض تكلفة الاستنساخ.
6- حيوانات رياضية ماهرة
في عام 2016، صنع أدولفو كامبياسو -ليونيل ميسي عالِم البولو- التاريخ عندما لم يكتف بركوب واحد، بل ستة مهور بولو مستنسخة، في نهائي بطولة الأرجنتين المفتوحة المرموقة.
كانت جميع المهور نسخاً من الحيوان نفسه، وهو فرس رشيق بشكل استثنائي يُدعى "كوارتيترا"، وقد أُنتج بواسطة شركة Crestview Genetics الخاصة بالاستنساخ المملوكة لكامبياسو.
وقد أثارت هذه الممارسة مخاوف من أنها توفر ميزة غير عادلة لأولئك الذين لديهم الأموال اللازمة لتحمُّلها، لكن الهيئة التي تحكم لعبة البولو الأرجنتينية مرتاحة بشكل ملحوظ. ويسمح بشكل أساسي بأي تقنية تربية ترفع مستوى اللعب، بما في ذلك الاستنساخ.
وفي الوقت نفسه، استُنسخت الخيول للرياضات الأخرى، بما في ذلك الخيول الأصيلة وخيول القفز، وجميع الهيئات الإدارية ذات الصلة لها أحكامها الخاصة. ولا يوجد، على سبيل المثال، سبب يمنع الحصان المستنسخ من المنافسة في الألعاب الأولمبية، على الرغم من أن هذا لم يحدث بعد.
لماذا كل هذا الاهتمام بالاستنساخ؟
الاستخدام الرئيسي للحيوانات المستنسخة الزراعية هو إنتاج مخزون للتناسل والتوالد وليس للطعام.
تسمح الحيوانات المستنسخة للمزارعين بتحسين الجودة الإجمالية لقطعانهم من خلال توفير المزيد من النسخ من أفضل الحيوانات في القطيع.
ثم يتم استخدام هذه الحيوانات في التناسل التقليدي، ومثلما لا يستخدم المزارعون أفضل الحيوانات التقليدية كمصادر للغذاء، فمن غير المرجح أن يفعلوا ذلك مع الحيوانات المستنسخة، بحسب وكالة الغذاء والأدوية الأمريكية FDA.