أظهرت صورة جديدة مذهلة بقعة مظلمة ضخمة على سطح الشمس، وبدت تشبه قلب زهرة من النيران، حيث يبلغ قطر هذه البقعة التي تتلاقى فيها قوى مغناطيسية قوية بالغازات الساخنة التي تفور من الداخل حوالي 10 آلاف ميل (16 ألف كيلومتر). وهو ما يتسع لوضع الأرض في مساحة فضفاضة، حيث يعتبر متوسط قطر الأرض حوالي 12742 كم.
تلسكوب متطور: التقط هذه الظاهرة تلسكوب دانيال إينوي الشمسي، أكبر مرصد شمسي في العالم، الذي يقع على جزيرة ماوي، إحدى جزر هاواي، ليلتقط تفصيلاً غير مسبوق في هذه الصور يوم 28 يناير/كانون الثاني، والتي كشفت عنها إضافة إلى مقطع فيديو مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، التي تملك التلسكوب، أمس الجمعة 4 ديسمبر/كانون الأول 2020.
توماس ريميل، المدير المساعد في المرصد الوطني للطاقة الشمسية التابع لمؤسسة العلوم الوطنية، وهو القسم المسؤول عن تشغيل التلسكوب، قال في مؤتمر صحفي: "إن صورة البقعة الشمسية حققت دقة مكانية أعلى بمقدار مرتين ونصف من الصور التي سبقت وأظهرت الهياكل المغناطيسية الصغيرة التي تبلغ مساحتها 20 كيلومتراً على سطح الشمس".
تتكون البقع الشمسية في مناطق يكون فيها المجال المغناطيسي للشمس قوياً جداً، لدرجة أنه يقلل من الضغط الجوي، وبالتالي تقل درجة الحرارة، وفي هذه الحالة نجد هذه البقعة المظلمة باردة ودرجة حرارتها 7500 درجة فهرنهايت (4150 درجة سيليزية)، وفقاً لما ذكره موقع Business Insider الأمريكي.
تفاعل المغناطيس والغازات: تظهر الخطوط الشبيهة ببتلات الأزهار المنبثقة من البقعة المظلمة، بسبب التفاعل بين المجالات المغناطيسية والغازات الساخنة التي تفور من أسفل السطح.
ويمكن رؤية هذه الحركة الدورانية في هذا المقطع، الذي يستمر لحوالي دقيقة ونصف الدقيقة من الوقت الحقيقي من النشاط الشمسي، مضغوطة في 4 ثوان فقط، يبلغ قطر هذا الإطار حوالي 12 ألف ميل.
كان تلسكوب إينوي قد أحدث ضجةً عندما أصدر أولى ملاحظاته، في يناير/كانون الثاني 2020، رغم أن التلسكوب لم يكن انتهى بعد، وكانت صورته الأولى للشمس أوضح من صورة من التلسكوبات السابقة.
إذ يمكن أن تساعد هذه العدسة القوية العلماء على كشف أسرار طقوس الفضاء، والتنبؤ حتى بالأحداث الشمسية التي قد تُشكل خطراً على البشر.
يُعزى هذا إلى أن النظام الشمسي بأكلمه يقع في نطاق المدى الخارجي للغلاف الجوي للشمس، إذ ينجرف تيار من الجزيئات التي تحمل شحنة كهربية وشحنة مغناطيسية من الشمس إلى الكواكب في تيار ثابت يعرف بالرياح الشمسية.
يخلق هذه التيار المغناطيسي الشفق عندما يتفاعل مع الغلاف الجوي للأرض، لكن الانفجارات العنيفة في الشمس قد تبعث بعواصف من الجزيئات المشحونة كهربياً، التي قد تسبب ضرراً لبعض التكنولوجيا الحيوية.
وباستخدام إينوي لدراسة ديناميكية هذه الأحداث، يمكن للعلماء البدء في التنبؤ بها، كذلك قد يساعد إينوي في حل لغز كبير، وهو لماذا تكون هالة الشمس أسخن بما يصل إلى 500 ضعف من سطحها، إذ يعاني علماء الفلك لفهم هذه الظاهرة منذ أربعينيات القرن العشرين.
وكان من المفترض الانتهاء من بناء التلسكوب في شهر يونيو/حزيران 2020، لكن جائحة كورونا أجلت الموعد إلى 2021، وقال ديفيد بوبولتز، مدير برنامج إينوي بمؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية في مؤتمر صحفي: "أُجلت عمليات بداية التلسكوب قليلاً بسبب تأثيرات الجائحة العالمية كوفيد-19".
لكنه أضاف أن "هذه الصورة تمثل عرضاً مسبقاً للقدرات غير المسبوقة التي ستسخرها هذه المنشأة لفهم أفضل للشمس".