شرعت الصين في تشييد مجموعة من القواعد خارج مياهها الإقليمية، التابعة لقواتها العسكرية البحرية، فيما تعتبر تلك التي توجد بدولة جيبوتي، في القارة الإفريقية (القرن الإفريقي)، هي الأكبر والأبعد عن بكين، تتمتع بموقع استراتيجي، ويبدو أنها جاهزة لاستقبال سفن حربية ضخمة، بل وربما حاملات الطائرات.
تعتبر مجلة Forbes الأمريكية، في تقرير لها، السبت 16 مايو/أيار 2020، أن هذه القاعدة مثيرة للاهتمام على وجه الخصوص، فهي قلعة حديثة بنتها الصين من الصفر، وإن كانت الدولة الصينية الشيوعية تأمل أن تعطي انطباعاً مناهضاً للإمبريالية أثناء توسعها خارج أراضيها، فقد اختارت معماريين غير مناسبين لهذا الغرض.
قلعة فريدة: لا تحمل القاعدة مظهر القلعة وفقط، بل هي مصممة بالفعل لتكون محصنة من الهجمات لدرجة يندر رؤيتها حتى في مناطق الحرب، وقد بدأ تأسيس جدران القاعدة في مطلع 2016، واكتمل بناؤها في ربيع 2017، ويجري بناء وتوسعة القاعدة منذ ذلك الحين.
لكي تصل إلى القاعدة بالطريق البري، ينبغي أولاً أن تدور حول محيط القاعدة وتعبر من بوابة خارجية آلية ضخمة، وبعد أن تنحرف بالمركبة بزاوية 90 درجة، وهذا أمر جيد دوماً لإبطاء سرعة المركبات، عليك حينها تجاوز نقطتي تفتيش للمركبات ومنعطفٍ صناعي.
في النهاية تلوح البوابة الرئيسية في الأفق، يبدو أنها مزودة بحواجز أرضية للمركبات وأبواب خرسانية ضخمة.
إن حاولت أن تلتف حول طريق المركبات الذي وضحناه بالأعلى، ستواجه الكثير من الطبقات الدفاعية. أولاً، هناك سياج عالٍ يفصل الطريق العام من الطريق الخاص الذي يحيط بالقاعدة، ثم هناك سياج عالٍ آخر مزود بأسلاك شائكة قبل أن تتسلق منحدراً زلقاً وصولاً إلى الجدار الخارجي.
هذا الجدار مصنوع على طراز حواجز Hesco بأسلاك شائكة في أعلاه. وحواجز هيسكو عبارة عن إطارات سلكية مملوءة بأكياس رملية عملاقة. وقد استعملتها القوات الغربية بكثرة في أفغانستان والعراق في تدعيم الجدران الرئيسية للقواعد المحصنة. أما في هذه القاعدة فهي تشكل الجدار الخارجي فقط.
داخل جدار Hesco يوجد الجدار الرئيسي المبني من الخرسانة، ويحتوي على دراوي تشبه أسنان المشط تعلو وتهبط، وكانت تتميز بها قلاع العصور الوسطى. وبها أيضاً مزاغل، أي فتحات لإطلاق النار من داخلها، وأبراج طويلة عند الأركان.
منظمة أمنية محكمة: ولا تتساوى الدفاعات في جميع الجوانب، لكن كل الجوانب تحمل دفاعات قوية، حتى الاقتراب من القاعدة من ناحية البحر سيتطلب تجاوز سلسلة من الحواجز الأمنية ونقاط الحراسة، وداخل القاعدة نفسها يوجد عدد من نقاط الحراسة الإضافية.
وأي هجوم على القاعدة ستتعامل مع قوات الضفادع البشرية المتمركزة هناك، ومن بين المركبات المصفحة التي شوهدت داخل القاعدة مركبات ZBD-09 المقاتلة للمشاة ومدافع ZTL-11، هذه المركبات مسلحة بتشكيلة من المدافع الآلية والصواريخ المضادة للدبابات والمدافع ثقيلة العيار.
هناك قواعد عسكرية أخرى في جيبوتي، منها القاعدة الاستكشافية التابعة للبحرية الأمريكية في معسكر ليمونيه، وتتمتع بدفاعاتٍ قوية، لكنها لا تُقارن بدفاعات القاعدة الصينية.
إذن ما الغرض من الدفاعات الصينية؟ هذه الدفاعات لا وزن لها أمام خصوم عسكريين متقدمين، لذا يبدو أنها تركز على المتمردين والتهديدات المحلية ذات التكنولوجيا المتواضعة.
لم تمر الصين بأي تجربة هجومٍ على إحدى قواعدها العسكرية الخارجية مثل التي عانت منها القوات الغربية في أفغانستان والعراق، لكنها ربما تعلمت من تجارب غيرها، إلا أنه يصعب رؤية تلك الدفاعات دون مقارنتها بالقلاع الصينية القديمة، وبالطبع سور الصين العظيم.