خلال أيام الوباء، ظهرت عشرات من المبادرات التطوعية عبر العالم، خاصةً تلك التي تستهدف العاملين في قطاع الصحة، لكن مبادرة التايلاندية بورنسوبا هاتايونغ، البالغة 43 عاماً، تبقى فريدة من نوعها، ولقيت قَصتها شهرة واسعة في البلاد، قبل أن تنتشر إلى خارج الحدود، فهذه المرأة التي تشتغل مصففة شعر، قررت التبرع بقَصات شعر مجانية للعاملين بقطاع الصحة، خاصة في مستشفيات بانكوك، والذين يرابطون في الخطوط الأمامية لمكافحة فيروس كورونا المُستجَد.
إلى غاية الخميس 30 أبريل/نيسان 2020، سجَّلَت تايلاند 2954 حالة إيجابية للإصابة بـ"كوفيد-19″، و54 حالة وفاة، وكانت الحكومة في البلاد قد قررت قبل أسابيع، مجموعة من تدابير الإغلاق؛ من أجل التصدي للوباء، حيث تم تعطيل عدد من الأنشطة، من بينها إغلاق صالونات الحلاقة.
50 قَصة في اليوم: تقول بورنسوبا، وفق ما نقلته وكالة Associated Press الأمريكية، الجمعة 1 مايو/أيار 2020، إنها كانت مُحرَجة من عرض خدماتها، بعد أن ظنت أنها خدمةٌ تافهة، لكنها فوجئت فيما بعد بردود فعل الأطباء والممرضين وأفراد فِرَق الدعم المنخرطين في المعركة ضد كوفيد-19.
تقول بورنسوبا: "ظلوا يأتون، وصل بعضهم بالثياب الطبية وسألوها عما إذا كان بإمكانهم الحصول على قَصة شعر فوراً، لأنهم مضطرون إلى المُضي في العمل"، كان هذا سبب تفكيرها في هذه البادرة، كما طلبت من أصدقائها المشاركة.
في زيارتها لأول مستشفى، اعتقدت بورنسوبا أنها ستقص شعر 6 أشخاص من العاملين بالمستشفى، لكنها فعلت ذلك لـ30 شخصاً، وفي ثاني مستشفى، ظنَّت أنها ستمنح قصَّات مجانية لـ20 شخصاً، لكن 50 شخصاً جاءوا إليها.
الإقبال الكبير على خدمات هذه السيدة التايلاندية كان نتيجة إقدام السلطات على إغلاق صالونات حلاقة الشعر لما يزيد على الشهر؛ من أجل المساعدة في إيقاف تفشي الفيروس.
مستشفى بانكوك الإداري العام هو الرابع الذي يرحِّب ببورنسوبا منذ أن بدأت تقديم خدماتها المجانية في أواخر مارس/آذار، وكلُّ هذه المستشفيات تعمل كمراكز مُكرَّسة لمعالجة مرضى كوفيد-19.
لدى وصولها يوم الخميس 30 أبريل/نيسان، قامت بإعداد صالونها المؤقت، وبدأت في العمل مع قائمةٍ طويلة من العاملين بقطاع الصحة، بمعدل وسطي محدد بـ50 قَصة شعر في اليوم الواحد.
من دون مقابل: في الأوضاع الطبيعية يُكلِّف هذا القدر من العمل 500 بات تايلاندي (15.45 دولار)، وليس هناك ربحٌ مالي لها ولا للآخرين، ففي الحقيقة تقول بورنسوبا إنها تعيش على مدَّخراتها، وإنها فخورةٌ بأن مهاراتها تصنع فارقاً.
بل أكثر من ذلك، لا تحظى مُصفِّفة الشعر، التي تعمل في هذا المجال منذ 20 عاماً، بفرصةٍ للاعتناء بنفسها، فالملابس الواقية التي ترتديها غير عملية، ولا يبدو أنها تقلِّص عدد القَصات التي تقوم بها، وتُغرِق معدَّاتها برذاذ الكحول بين القَصة والأخرى.
تقول بهذا الخصوص: "الأطباء سعيدون للغاية بالحصول على قَصة شعر، يبدو الأمر كأننا نزيح عبئاً عن صدورهم، ربما ليس صدورهم بل رؤوسهم".
كما تضيف أيضاً: "أعتقد أننا نشعر بالرضا والاسترخاء، إنهم يريدون جميعاً فعل شيءٍ حيال شعرهم، ومن السهل الآن أن يقوموا بذلك ويستعدوا للعمل".
أكثر من مجرد قَصة شعر: يصف الدكتور تيرابات جيتبونكوسون بادرة هذه المصفِّفة بأنها "عمل إنساني".
فهو "لا يشعر بأن هذه مجرد خدمة يحصل عليها"؛ بل إنها "عطفٌ وكرمٌ من مجموعةٍ من الناس إلى طاقم المستشفى، إنها أكثر من مجرد قَصة شعر".
ومع ذلك، تقول بورنسوبا إنها ربما تواصل حلاقة شعر العاملين بقطاع الصحة في أيام إجازاتها.
اختتمت تصريحها بالقول: "أمارس هذا العمل منذ 20 عاماً، وأشعر بفخرٍ شديد، حلاقة شعر الأغنياء والمشاهير ليس شيئاً يُذكَر مقارنةً بحلاقة شعر أبطال الخطوط الأمامية، إنهم الناس الأهم في العالم الآن".