تبدو الطرق في بعض المدن الأكثر ازدحاماً في الولايات المتحدة وبقية العالم شبه خالية.
ومع سعي جميع دول العالم إلى الحد من انتشار مرض "كوفيد-19" الذي يسببه فيروس كورونا المُستجد، خضعت العديد من المدن والأقاليم ودول بأكملها لقيود مشددة، أبقت الكثير من الأشخاص في منازلهم.
لإظهار مدى تأثّر المدن في أرجاء العالم، تعاون فريق موقع BuzzFeed News الأمريكي مع شركة Mapbox المعنية ببيانات الخرائط وتحديد المواقع، والتي وفرت معلومات عن الكثافة المرورية قبل وبعد تصاعد أزمة فيروس كورونا المستجد. وتعرض تلك البيانات نمط الكثافة المرورية "بعد" الأزمة في الوقت الحاضر، وتعرض بيانات نمط الكثافة المرورية "قبل" الأزمة في اليوم نفسه من الأسبوع والتوقيت المحلي نفسه في منتصف شهر يناير/كانون الثاني، أي قبل انتشار فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم.
يشير اللون الأخضر الفاتح والأصفر إلى وجود مركبات كثيرة على الطريق. وعندما تكون الشوارع والطرق السريعة خالية، تصبح المدن مظلمة.
سان فرانسيسكو
أصدرت مقاطعات منطقة خليج سان فرانسيسكو التي تضم مقاطعات ألاميدا، وكونترا كوستا، ومارين، وسان فرانسيسكو، وسان ماتيو، وسانتا كلارا توجيهات للمواطنين بالبقاء في منازلهم، بدءاً من 12:01 صباح يوم 17 مارس/آذار. وقيل للمواطنين ألا يغادروا منازلهم "إلا للاحتياجات الأساسية والضرورية فقط". وفي يوم 18 مارس/آذار، أمر حاكم كاليفورنيا، غافين نيوسوم، جميع المقيمين في الولاية بالبقاء في المنزل وعدم مغادرته إلا للضرورة القصوى.
لوس أنجلوس
قبل إعلان حاكم كاليفورنيا بساعة واحدة، أصدر مسؤولو مدينة لوس أنجلوس أمراً مماثلاً. وحتى قبل صدور تلك الأوامر، كانت أعداد الأشخاص في شوارع المدينة أقل من المعتاد بالفعل.
نيويورك
أصبحت نيويورك حالياً الولاية الأمريكية صاحبة النصيب الأكبر من حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا. وعلى إثر ذلك، أُغلقت المدارس، والمطاعم والمقاهي والصالات الرياضية ودور السينما والمؤسسات الثقافية مثل متحف متروبوليتان للفنون ومكتبة نيويورك العامة. وفي يوم 20 مارس/آذار، أمر حاكم أندرو كومو ببقاء كل العاملين في المجالات غير الحيوية في جميع أنحاء الولاية في منازلهم.
روما
في يوم 7 مارس/آذار، أصدرت إيطاليا قراراً بتنفيذ إغلاق كلي في شمال البلاد، يشمل حوالي 16 مليون شخص، بما في ذلك مدينة ميلان، في محاولة البلاد لمواجهة تفشي المرض. ويوم 10 مارس/آذار، حُظر السفر والتنقل في جميع أنحاء البلاد بالكامل باستثناء العاملين في بعض المجالات الحيوية والقطاعات الصحية وحالات الطوارئ.
باريس
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب تلفزيوني يوم 16 مارس/آذار: "نحن في حرب صحية". إذا رغب الأشخاص في مغادرة منازلهم، ينبغي عليهم الآن تعبئة نموذج يذكرون فيه السبب.
لندن
في البداية، نصحت الحكومة البريطانية الأشخاص الذين قد يكونون مصابين بعزل أنفسهم من أجل تجنب فرض قيود أوسع على الأنشطة الحياتية والسفر. لكن تغيرت هذه التدابير في 16 مارس/آذار بعدما أشار تقرير لخبراء إلى أن تلك الإجراءات المتساهلة سوف تؤدي إلى إرباك النظام الصحي. والآن، يُنصح الشعب البريطاني بتجنب "الاختلاط غير الضروري"، وأُغلقت المدارس من 20 مارس/آذار حتى إشعار آخر.
بكين
اُكتشف فيروس كورونا الذي يغزو وينتشر في جميع أنحاء العالم الآن لأول مرة في مدينة ووهان الصينية. وفي أواخر شهر يناير/كانون الثاني الماضي، فُرض الحجر الصحي على المدينة وغيرها من المدن المتضررة بشدة من الفيروس. تباطأت الأنشطة الاقتصادية في جميع أنحاء البلاد، وظهر ذلك واضحاً من خلال صور الأقمار الصناعية التي أظهرت انخفاضاً في معدلات تلوث الهواء. وحتى الآن، لا تزال الطرق السريعة في العاصمة الصينية هادئة مقارنة بمنتصف يناير/كانون الثاني الماضي.
سيول
بعد الصين، كانت كوريا الجنوبية ثاني دولة تشهد ارتفاعاً هائلاً في عدد الحالات المصابة. وعلى عكس الدول الأخرى، تمكنت كوريا الجنوبية من السيطرة على انتشار الوباء، وأطلقت حملة فحوصات ضخمة وأظهرت قدرات هائلة على تتبع كل من خالطوا المرضى الذين تأكدت إصابتهم بالمرض.
هذا التدخل المبكر سمح لكوريا الجنوبية بالسيطرة على انتشار الفيروس، ولم تضطر بذلك إلى إغلاق مدن بالكامل. ويقول كيم وو-جو، أخصائي الأمراض المعدية بجامعة كوريا: "كوريا الجنوبية جمهورية ديمقراطية، لذا نشعر أن إغلاق المدن ليس خياراً مناسباً". ومع ذلك، لم تعد مستويات حركة المرور في شوارع العاصمة الكورية الجنوبية إلى سابق عهدها قبل الأزمة.
أما بالنسبة للطيران، فقد ذكرت صحيفة The Daily Mail البريطانية أن صور الرادار أظهرت خلو السماء في مختلف أنحاء العالم مع زيادة أعداد الدول التي تحظر السفر.
وأظهرت أحدث الأرقام من موقع flightradar24 أن يوم الجمعة، 20 مارس/آذار، شهد 132,135 رحلة جوية في العالم.
بينما سُيرت يوم الإثنين 16 مارس/آذار، 167,279 رحلة في العالم، وقبل شهر من ذلك التاريخ وفي يوم الاثنين 17 فبراير/شباط كان عدد الرحلات الجوية 172,520 رحلة.
ويظهر التأثير الأكبر في الأجواء فوق إيطاليا.
ومن المتوقع أن يكون انخفاض عدد رحلات الطيران أمراً يومياً معتاداً على مدار الأشهر المقبلة.
فرضت بعض الدول حظراً على السفر ونصحت وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث المواطنين البريطانيين بعدم السفر إلا للضرورة لمدة 30 يوماً، مما أدى إلى تقليص شركات الطيران رحلاتها الجوية.
وتضررت صناعة الطيران بالأخص بسبب انخفاض الطلب لأن العديد من الدول أغلقت حدودها من أجل إبطاء انتشار الفيروس، مما يؤثر على آلاف العاملين بهذا القطاع.
يأتي ذلك مع اقتراب تعليق شركة الطيران Ryanair الأيرلندية رحلاتها بالكامل من يوم الثلاثاء، 24 مارس/آذار، بسبب تزايد عدد الدول التي تحظر السفر الجوي بسبب فيروس كورونا.
وهناك شركات طيران أخرى، مثل British Airways وVirgin Atlantic وNorwegian وEasyjet وJet2 خفضت رحلاتها إلى حوالي 10% من مستوياتها الطبيعية.
وتأتي خطوة Ryanair وسط تزايد حدة الأزمة التي يعاني منها قطاع السفر والسياحة.
وتستمر المحادثات بين وزارة النقل ووزارة المالية حول صفقة إنقاذ شركات الطيران والمطارات، ومن المتوقع أن يصدر إعلان قريب بهذا الشأن.
وقالت شركة Virgin Atlantic إن طاقم العمل وافق على أخذ إجازة غير مدفوعة لمدة ثمانية أسابيع خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مع توزيع الراتب على الشهور الستة المقبلة حتى لا يتضرر دخلهم بشدة في أحد الشهور.
كما سيُعرض على جميع العاملين في الشركة التي أسسها ويديرها ريتشارد برانسون، والبالغ عددهم 10000 عامل إمكانية الاستقالة الطوعية.
وخلال هذا الأسبوع، ناشدت شركة EasyJet طياريها وطاقم الطائرات بأخذ إجازة غير مدفوعة لمدة ثلاثة أشهر وقالت إن 3000 شخص مهددون بفقدان وظائفهم.
وطالبت شركة Virgin Atlantic بالحصول على قرض طارئ بقيمة 8.75 مليار دولار، بينما وعد غرانت شابس، وزير النقل البريطاني، بلقاء زعماء شركات الطيران.
بينما كانت تدابير شركة الطيران النرويجية Norwegian، ثالث أكبر شركة طيران في مطار غاتويك الدولي، هي الأكثر قسوة.
وسرّحت الشركة مؤقتاً حوالي 7300 فرد من العاملين بها، أي ما يمثل 90% من قوتها العاملة.
فقدت شركة الطيران النرويجية المثقلة بالديون أكثر من 80% من قيمتها السوقية منذ بداية العام الحالي.
وقالت مجموعة IAG، التي أعلنت إيقاف ثلاثة أرباع رحلاتها المقررة خلال الشهرين المقبلين، إنها "تتخذ إجراءات أيضاً للحد من نفقات التشغيل وتحسين التدفق النقدي".
وتتضمن تلك الإجراءات التعليق المؤقت لعقود العاملين، وتقليل ساعات العمل وعرض إجازة غير مدفوعة الأجر على العاملين.
وفي الوقت نفسه، يغلق واحد من أكبر المطارات ازدحاماً في إسكتلندا بعض أجزائه مع التوقعات "بعدم وصول أي ركاب تقريباً" بسبب تفشي فيروس كورونا.
يخطط مطار إدنبرة لبدء المحادثات مع طاقم العمل بشأن تسريح ما لا يقل عن 100 شخص من بين 750 شخصاً توظّفهم بشكل مباشر. بينما هناك أكثر من 6000 عامل آخر ترتبط وظائفهم بالمطار.
يضع المطار الآن خطة دمج وتعزيز تهدف إلى تمكين المطار من العودة إلى طاقته التشغيلية بالكامل بعد انتهاء أزمة تفشي فيروس كورونا.
من المتوقع أن تتضمن الرحلات الجوية المتبقية كل من رحلات الشحن، والبريد، والبعثات الطبية، وربما رحلات عودة المواطنين إلى بلادهم.
انخفض عدد الركاب بمعدل 0.4% مقارنة بالعام السابق، ولكن مع تفشي فيروس كورونا في بريطانيا يتوقع المطار "فترة يصل فيها عدد الركاب إلى الصفر تقريباً".
وقال جوردن ديوار، الرئيس التنفيذي لمطار إدنبرة: "هذا حدث غير مسبوق، ليس لقطاع الطيران فقط، ولكن للجميع. وجميعنا نبذل ما في وسعنا لضمان سلامة أنفسنا ومن حولنا".
وأضاف جوردن: "بالنسبة لنا، يتضمن ذلك صحة مطارنا. تعتمد خطتنا على إبقاء المطار مفتوحاً وخدمة الأشخاص الذين لا يزالون يسافرون ومساعدة العاملين القائمين على تلك الرحلات".
قال عن تأثير حظر الطيران: "الوضع الراهن يتغير باستمرار وتفرض المزيد من الدول حظراً على السفر والطيران أو تتخذ تدابير أكثر تشدداً بشأن السفر، لذا من المنطقي أن تتأثر شركات الطيران وأن تشعر المطارات بذلك التأثير المؤلم أيضاً".
أضاف: "للأسف، يحدث ذلك الآن ونحاول جاهدين أن نخفف من تلك الآثار وإدارة المطار لعبور تلك الأزمة والاستعداد للقادم، والذي لا يزال مجهول المعالم تماماً".