ليس البشر الكائنات الحية الوحيدة التي يمكن أن تكون عسراء أو يمنى، إذ يمكن أن تظهر الحيوانات أيضاً تفضيلاً واضحاً لما يسميه العلماء "السلوك الجانبي"، وهو ما يعني أن سلوكاً ما يضطلع به على نحوٍ تفضيلي جانب واحد من الجسم.
حسب تقرير شبكة CNN الأمريكية تميل قطعان الرنة إلى التحرك في شكل دائري، في اتجاه عكس عقارب الساعة، وتُحرك الزرافات أرجلها اليسرى أولاً عندما تُباعد بين أرجلها، تميل قرود الشمبانزي والغوريلا إلى استخدام أياديها اليمنى أكثر من اليسرى، بينما يفضل إنسان الغاب العكس.
والآن، وجد العلماء أن الدلافين قارورية الأنف تُظهر تفضيلاً لجانب جسدها الأيمن، عندما يتعلق الأمر بالبحث عن الطعام في قاع البحر.
قالت الدكتورة جنيفر كابلان، التي كانت ضمن الفريق الذي أجرى الدراسة في جزر البهاما، إن قبطان سفينة البحث خاصتهم كان أول من لاحظ أن الدلافين دائماً ما كانت تستدير في الاتجاه نفسه.
وأضافت: "لم ألحظ (الأمر) في بادئ الأمر، لكن بعدما راقبتها (الدلافين) لبعض الوقت لاحظت الأمر أنا الأخرى. فكرت في أنه سيكون موضوعاً رائعاً للبحثٍ". وقالت جنيفر، التي تعمل مع منظمة Dolphin Communication Project غير الربحية: "أكثر ما أدهشني هو أنه كان ميلاً كبيراً (تجاه تفضيل جانبها الأيسر)، أكثر من 99%".
قالت كابلان إن نحو 90% من البشر أيامن، بينما في الحيوانات تكون نسبة تلك اليمنى إلى العسراء عادة نحو 80% إلى 20%.
صوَّر الباحثون أكثر من 10 ساعات من المقاطع المصورة في الفترة بين عامي 2012 و2018، بينما كانت الدلافين تسبح بالقرب من قاع البحر، باحثة عن الأنقليس والسمك بين الرمال مستخدمةً تقنية تحديد الموقع بالصدى؛ إذ كانت تستخدم صدى نقراتها للعثور على الطعام المدفون في الرمال. وقبل أن تقحم الدلافين خطمها في الرمال للإمساك بفريستها سرعان ما تتوقف الدلافين لوهلة للالتفاف بزاوية تتراوح بين 90 إلى 180 درجة.
وجد العلماء أن الدلافين عادة ما كانت تستدير ناحية اليسار، مبقيةً عينيها وجانبها الأيمن على أقرب مسافة من القاع.
كان أكثر من 99% من الالتفافات الـ709 التي راقبها العلماء تتبع هذا النمط. وبحسب الدراسة، فقد استدار دولفين واحد فقط إلى اليمن، وكان سلوك هذا الدولفين واحداً في مرتين منفصلتين.
وبحسب الدراسة، التي نُشرت أمس الثلاثا 26 نوفمبر/تشرين الثاني، في دورية Royal Society Open Science العلمية: "يظل غير واضح ما إذا كانت الزعنفة الصدرية اليمنى المشوهة لهذا الدولفين أو غيرها من العوامل قد تكمن وراء هذا الانحراف عن المَيل المشترك".
لطالما كان هناك تسجيل لميل الحيتان الرمادية والحيتان الحدباء لاستخدام جانبها الأيمن، في حين تتحرك الدلافين داكنة البشرة في نيوزيلندا والأرجنتين في دوائر في اتجاه عقارب الساعة حول أسراب الأسماك، مبقية أعينها وجوانبها اليمنى مركزة على الفريسة. بالمثل فإن الدلافين قارورية الأنف في فلوريدا تُظهر ميلاً لتفضيل استخدام جانبها الأيمن عندما تصطاد الأسماك، مستخدمة استراتيجية صنع دوامة من الطين في قاع البحر بضربه بذيلها، لمحاصرة الأسماك وإرباكها.
وجدت الدراسة أن كل مجموعة الدلافين التي شملتها الدراسة فضّلت جانبها الأيمن عند مسح قاع البحر بحثاً عن الطعام، عدا دولفيناً واحداً.
لم تبحث الدراسة في الأسباب الكامنة وراء هذا السلوك، لكنّ مُعدي الدراسة قالوا إن الأمر قد يكون مرتبطاً بوظيفة الدماغ. قالت كابلان إن أحد الأسباب قد يكون مكان ما يعرف باسم "phonic lips" أو "الشفاه الصوتية" التي تستخدمها الدلافين لإصدار صوت النقر الذي يساعدها في تحديد مكان فرائسها.
وأضافت: "هذا التكوين (الشفاه الصوتية) موجود في جانب جسدها الأيمن، وقد يكون ذلك الجانب هو الأفضل للالتفاف لاستخدام تقنية تحديد موقع الفريسة بالصدى".
قالت كابلان أيضاً إن الدلافين ربما تكون تستخدم الجانب الأيسر من دماغها، المتصل بالعين اليمنى، لمعالجة البيانات الحسية، مثلما يستخدم البشر النصف الأيسر من المخ لمعالجة اللغة.