رغم أهمية وقيمة نهر النيل، الذي يُسهم في تخصيب الوديان الواقعة على ضفَّتي مساره المتعرج عبر شمال شرق إفريقيا، منذ الاف السنين، إلا أن هناك جدلاً بخصوص التاريخ الحقيقي لنشوء النهر، خاصة مع روايات مختلفة تتعلق بعمر مياه نهر النيل.
اختلافات حول العمر الحقيقي لمياه نهر النيل
فوفقاً لموقع Live Science، الذي رصد الخلاف حول عمر مياه نهر النيل، وذكر أن عمر مياه نهر النيل الجليلة التي تمتد بطولٍ يتجاوز 6800 كيلومتر، ما زال محل نقاش، إذ زعمت مجموعةٌ من الخبراء أنَّ النهر تكوَّن قبل حوالي 6 ملايين عام، حين تغيَّر مجرى أحد أنظمة الصرف، بينما تدعي مجموعةٌ أخرى أنَّ تاريخ تكوُّنه أقدم من ذلك خمس مرات.
وقد وجدت دراسةٌ جديدة أدلة تدعم النظرية الأخيرة، إذ اكتُشِفَ أنَّ النهر ربما تكوَّن منذ حوالي 30 مليون عام، مدفوعاً بحركة وشاح الأرض، وهي طبقةٌ سميكة من الصخور تقع بين لُب الأرض والقشرة الأرضية، حسبما ذكرت مجموعة من الباحثين في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، في دورية Nature Geoscience العلمية.
كلاوديو فاتشينا، المؤلِّف الرئيسي للدراسة، والأستاذ في كلية جاكسون للعلوم الجيولوجية بجامعة تكساس، قال إنَّ نهر النيل يُعتقد أنَّه تكوّن في نفس وقت تكوُّن المرتفعات الإثيوبية. تجدر الإشارة إلى أنَّ المرتفعات الإثيوبية تضم منبع النيل الأزرق، الذي يعد أحد روافد نهر النيل الرئيسية.
حتى إن هناك رواية لباحثين يذهبون إلى أن عمر نهر النيل يقارب الـ2 مليون عام
يحمل النيل الأزرق معظم مياه نهر النيل -ومعظم الرواسب الكامنة فيها- ويلتقى بالنيل الأبيض، الذي يمثِّل الرافد الآخر للنيل في السودان، قبل أن يصبّ مياهه في البحر الأبيض المتوسط.
وسبق لكلاوديو فاتشينا، المؤلِّف الرئيسي للدراسة، والأستاذ في كلية جاكسون للعلوم الجيولوجية بجامعة تكساس وفريقه أن حلَّلوا بعض الرواسب التي جمعوها من دلتا نهر النيل -وهي أرضٌ تكوَّنت من الرواسب التي ترسَّبت عند التقاء النهر بالبحر الأبيض المتوسط- وقارنوا تكوينها وعمرها بتكوين الصخور البركانية القديمة الموجودة في المرتفعات الإثيوبية. ووجدوا أنَّ تركيب الرواسب والصخور متطابق، وأنَّ عمرها يتراوح بين 20 و30 مليون عام، مما يشير إلى أنَّ النهر تكوَّن في نفس وقت تكوُّن المرتفعات.
وقد أجرى فريقٌ من الباحثين الكثيرَ من الأبحاث للوصول لعمر النيل الحقيقي
كلاوديو فاتشينا، المؤلِّف الرئيسي للدراسة والأستاذ في كلية جاكسون للعلوم الجيولوجية بجامعة تكساس، قال لموقع Live Science إنَّ الباحثين اهتموا بعد ذلك بدراسة كيفية ارتباط النهر بوشاح الأرض، كما افترضت النظرية. وفي الدراسة الجديدة، أجرى فاتشينا وزملاؤه محاكاةً حاسوبيةً أعادت تصوير 40 مليون عام من حركة الصفائح التكتونية الأرضية، وهي نظرية تشير إلى أن قشرة الأرض الخارجية تنقسم إلى أجزاء تتحرك وتنزلق أسفل بعضها البعض فوق الوشاح.
وأظهرت المحاكاة أنَّ هناك عمود وشاح ساخناً -وهو موجةٌ تصاعدية من الصخور الساخنة للغاية في الوشاح- دفع الأرض إلى الأعلى، وأسفر عن تكوين المرتفعات الإثيوبية، ونشَّط موجةً أشبه بـ "سيرٍ ناقل" في الوشاح، ما زالت موجودة حتى الآن، وهي تدفع الأرض إلى أعلى عند المرتفعات الإثيوبية في الجنوب، وتسحب الأرض إلى أسفل في الشمال. وهذا يخلق منحدراً مائلاً نحو الشمال ما زال النيل يجري عليه، وفقاً لما ذكره فاتشينا.
ومن غير الواضح ما إذا كان مجرى نهر النيل قد تغيَّر طوال عمره -ولو تغيُّراً بسيطاً- لكنَّ فاتشينا وفريقه يأملون اكتشاف ذلك في المستقبل. ويريدون كذلك تطبيق هذه الطريقة لتحليل مدى إسهام الوشاح في تغيير مجرى الأنهار الأخرى في جميع أنحاء العالم.