في أكتوبر/تشرين الأول 1964، احتفلت دولة إفريقية هي زامبيا باستقلالها عن المملكة المتحدة. في الوقت نفسه كان مدرس العلوم الزامبي "إدوارد ماكوكا نكولوسو" يعمل على مشروع لجعل زامبيا أول بلد يرسل إنساناً إلى القمر.
كان هذا قبل خمس سنوات من وقوف نيل أرمسترونغ على سطح القمر، وكان هدف نكولوسو هو الوصول إلى الفضاء قبل الروس أو الأمريكيين.
أحلام نكولوسو الكبيرة لبلده زامبيا
أسس نكولوسو الأكاديمية الوطنية للعلوم وأبحاث الفضاء والفلسفة في زامبيا، وقد كان يتفاخر بأنه هو وفريقه من رواد الفضاء الزامبيين سيقهرون كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في التسابق إلى الفضاء من خلال الذهاب إلى القمر، ثم إلى المريخ.
أراد نكولوسو أن يستخدم "نظام إطلاق نار" مستوحى من المنجنيق، لإرسال صاروخ من الألومنيوم والنحاس يحمل عشرة زامبيين وفتاة إفريقية عمرها 17 عاماً (وقطتها) إلى المريخ.
لقد توقع أن يتمكن من نقلهم إلى القمر بحلول عام 1965، وكان كل ما يحتاج إليه هو 700 مليون دولار من اليونسكو لتمويل المشروع.
هل سخر الناس من مشروعه ظلماً؟
حسناً، نحن نتحدث عن مدرس علوم بالمدرسة الابتدائية، قام بإعداد برنامج الفضاء الوطني الخاص به مع مجموعة صغيرة من المتدربين.
زعم هذا الرجل أنه درس كوكب المريخ لبعض الوقت من التليسكوبات في "مقره السري" خارج لوساكا، وأعلن أن الكوكب كان يسكنه السكان الأصليون البدائيون، وقد صرّح بأن المبشّرين الذين سيذهبون للكوكب لن يجبروا سكان المريخ الأصليين على التحول إلى المسيحية.
وقال إنه كان بإمكانه الذهاب المريخ بعد أيام قليلة فقط من استقلال زامبيا لو حصل على التمويل اللازم من اليونسكو.
وقد دعا نكولوسو حكومة زامبيا لاحتجاز جواسيس روسيين وأمريكيين يحاولون سرقة "أسرار الفضاء" الخاصة بفريقه!
استمر في تدريب رواده باستخدام براميل زيت قديمة وجدها. دخل رواد الفضاء المتدربون إلى أسطوانة تدحرجت حول شجرة أو أسفل التل لمحاكاة ظروف الطيران.
كما كان نكولوسو يُعلّم رواد الفضاء كيف يمشون على أيديهم، وقد ادّعى أنها الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها الإنسان السير على سطح القمر. كان الأمر برمته أضحوكة، واعتبرها المراسلون الدوليون مزحة.
الغريب أن رائد الفضاء تصدّر عناوين الصحف الدولية بأفكاره "المبتكرة"، واجتذب مقابلات من مجلة التايمز وقناة ديسكفري.
ربما كان نكولوسو غير واقعي، إلا أنه كان يشعر بأن السفر إلى الفضاء سيكون متاحاً، وأراد أن تكون زامبيا من الدول التي تدخل هذا السباق الفضائي.
قال نكولوسو لمراسل وكالة أسوشيتد برس "بعض الناس يعتقدون أنني مجنون، لكنني سأضحك في اليوم الذي أزرع فيه علم زامبيا على سطح القمر".
لم يساند أحدٌ مشروعه الفضائي
كتب أحد المواطنين الزامبيين لوزارة العلوم والتكنولوجيا، لمعرفة نتائج برنامج الرحلات الفضائية لعام 1964، وما إذا كان المشروع قد تلقّى أي تمويل.
ليتلقى الردّ بأن هذه المسألة لم تُؤخذ على محمل الجد من قبل حكومة زامبيا، وبالتالي لم يقدم أي دعم رسمي لجهود السيد موكاكا نكولوسو.
انهار برنامج الفضاء عندما بدأ رواد الفضاء في طلب المال، كما دخل اثنان من رواد الفضاء في حالة سكر، ولم يعودا أبداً للتدريب. انتهى البرنامج أخيراً، عندما بدأت أعراض الحمل تظهر على رائدة الفضاء المتدربة الوحيدة وأضطرت للعودة إلى قريتها وزوجها بأمر والدها.
وتجاهلت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي وإسرائيل طلبات تمويله.
ولم يصل رواد الفضاء بقيادة نكولوسو إلى المريخ أو القمر، أو حتى خارج لوساكا.
وحتى اليوم، فإن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي هبطت مركبتها الفضائية بنجاح على سطح المريخ.
أعمال فنية مستوحاة من تجربته
ومع ذلك، ألهم برنامج الفضاء لنكولوسو معرضاً للكتاب والصور لعام 2012 بعنوان "رواد الفضاء" للمصورة الإيطالية كريستينا دي ميدل.
وقد عثرت الفنانة بالصدفة من خلال البحث على الإنترنت على الصور الخاصة بمحاولات زامبيا الصعود للفضاء، من خلال تدريب رواد الفضاء تدريبات بدائية للغاية كما فعل نكولوسو.
قرّرت صنع قصة مصوَّرة منها، مكّنتها من الترشح لجائزة "بورصة ألمانيا" للتصوير، وفقاً لما ذكر موقع "سي إن إن" بالعربية.
وقد افتتح المعرض في معرض ديلون في نيويورك، ثم أمستردام وميامي ومدن أخرى.
في عام 2013، صدر فيلم وثائقي بعنوان Nkoloso: The Afronaut على YouTube بواسطة a24media.
في عام 2014، صدر فيلم بعنوان Afronauts للمخرج الغاني فرانسيس بودومو، الذي يحكي أنه في 16 يوليو/تموز 1969، بينما كانت أمريكا تستعد لإطلاق Apollo 11، كانت أكاديمية زامبيا للفضاء على بُعد آلاف الأميال تأمل في الفوز على أمريكا، في هذا الفيلم المستوحى من الأحداث السابقة التي ذكرناها.