يقبل معظم الناس على دفع المال مقابل خدمات تأجير السيارات لأن لديهم وجهةً محددة يريدون الوصول إليها. فهم يحتاجون وسيلة انتقال، وتعد قيادة السيارة وسيلةً فعّالة ودارجة للانتقال بين موقعين. هذا صحيح، لكن أحياناً لا تستخدم السيارة كوسيلةٍ للتنقل بل كمساحةٍ داخلية في عالمٍ تزايدت فيه خصخصة المساحات الداخلية وأصبح الوصول إليها أمراً صعباً بالنسبة للعديد من الأشخاص.
حسب موقع The Verge الأمريكي اكتشفت شركة Orix اليابانية لتأجير السيارات هذا الأمر مؤخراً بعدما وجدت أن العديد من عملائها يستأجرون سياراتها لكنهم لا يقودونها. وفقاً لما ذكرته صحيفة The Asahi Shimbun اليابانية، راجعت الشركة سجلات عدد الأميال التي تقطعها سياراتها المستأجرة وعلمت أن عدداً معيناً من سياراتها أُعيد دون أن "يقطع أي مسافةٍ" وذكرت شركة Times24 Co، وهي شركة تعمل في مجال تأجير السيارات ولديها أكثر من 1.2 مليون مستخدم مسجل، أن الواقعة نفسها تكررت معها.
ولمعرفة ما كان يحدث، أجرت الشركتان استطلاعاً للرأي لعملائها. ويخبرنا ما اكتشفته الشركتان الكثير عن مفاهيمنا الحديثة عن العمل والمساحة الخاصة بالإضافة إلى احتياجنا الدائم لشحن أجهزتنا الإلكترونية.
ماذا يعملون داخلها؟
ووفقاً لصحيفة Asahi Shimbun، فقد قال أحد المشاركين في استطلاع الرأي إنه كان يؤجر السيارات للحصول على قيلولة فيها أو استخدامها كمساحةٍ للعمل. وكان شخص آخر يستخدم السيارة المستأجرة لتخزين الحقائب وبعض المتعلقات الشخصية الأخرى عندما تكون الخزائن المجاورة مدفوعة الأجر ممتلئة.
وأضافت أنه في أعقاب الزلزال الكبير الذي هز شرق اليابان وفيضان تسونامي في 2011، كانت السيارات المستأجرة تستخدم أيضاً لشحن الهواتف المحمولة.
وقال موظف يبلغ من العمر 31 عاماً ويعيش في محافظة سايتاما بالقرب من مدينة طوكيو: " أجّرت سيارة لتناول وجبة معلبة اشتريتها من متجر لأنني لم أجد أي مكانٍ آخر لتناول الغداء فيه"، بحسب الصحيفة.
وتابع: "يكون المكان الوحيد المتاح عادةً للحصول على قيلولة أثناء زيارة عملائي هو مقهى الإنترنت المقابل للمحطة، لكن تأجير سيارةٍ للنوم فيها يكلفني بضع مئات من الين فقط (بضع دولارات)، وهي تكلفة المكوث نفسها تقريباً في مقهى الإنترنت".
وتنتشر ثقافة تأجير السيارات في اليابان لكنها لا تزال في بداية زخمها في الولايات المتحدة. ويسهل الوصول إلى السيارات وتحديد موقعها في اليابان، إذ يستطيع العملاء تأجير سيارةٍ لبضع ساعات أو ليومٍ كامل باستخدام هواتفهم الذكية. ويتكلف تأجير السيارة حوالي 400 ين (أقل من 4 دولارات) لاستخدامها لمدة 30 دقيقة ويمكن الحصول على السيارة من أي موقف انتظار سيارات تابع للشركة والبالغ عددها 12 ألف موقف في أنحاء اليابان.
مكان قيلولة أو للاتصال أو لتسجيل أغنية
ويعد استخدام السيارة كحجرةٍ للحصول على قيلولة بها، أو كحجرة للتحدث عبر الهاتف بها، أو حتى كأستوديو خاص لتسجيل مقاطع فيديو لغناء الراب وعرضها على موقع يوتيوب، فكرةً رائعة ويوضح كيف أن الاستخدام الرئيسي لأي خدمة يخضع دائماً لتأويل المستخدم. والسؤال المطروح هو: كيف سيكون رد فعل الشركات المؤجرة للسيارات؟ هل ستروّج لسياراتها كوسيلةٍ رخيصة وسهلة للحصول على قسط من النوم؟ ويعد هذا أمراً بعيد الاحتمال نظراً لأن معظم الشركات تجني أرباحها بناءً على المسافات التي تقطعها سياراتها. إذاً، هل يتقاضون رسوماً إضافية مقابل تأجير السيارة دون قيادتها للتصدي لهذا التوجه؟
نأمل ألا يحدث هذا. تقضي معظم السيارات 90% من وقتها وهي متوقفة ومنتظرة أن تُقاد.
كان من المفترض أن تصلح شركات مثل Uber وLyft، وغيرها من الشركات المتخصصة في تقديم خدمات الانتقال بالسيارات الأجرة عبر تطبيقات الهواتف الذكية، هذه المشكلة، لكنها ساهمت في زيادة عدد السيارات الموجودة على الطريق. فإذا كانت السيارات ستظل متوقفة في أماكن انتظارها، فربما من الأفضل أن ينتفع بها المستهلكون.