منذ آلاف السنين، يتوافد الناس أفواجاً على مَعلم ستونهنج، ليحدقوا بذهول في زخم التفاعل بين الشمس والقمر والنجوم، ولكن ابتداءً من الجمعة 21 يونيو/حزيران 2019، ستكون نسخة افتراضية من السراب المعكوس فوق الدائرة متاحةً للناس من جميع أنحاء العالم، نقلاً عن صحيفة The Guardian البريطانية.
وقد جرى إنشاء منصة للبث الحي من كاميرا مثبَّتة على الأحجار، لتسمح للناس بعيش زخم اللحظة أينما أرادوا. وقد جرى اختيار توقيت بدء البث يوم الانقلاب الصيفي وهو توقيت مناسبٌ للغاية.
وبعد أن يحُل الظلام، يتم إحلال صورة تكوين الحاسوب للسماء مساءً، في اللحظة التي يضغط فيها المشاهد على رابط للموقع.
من لم يستطع القيام بالرحلة بشكل شخصي يمكنه مشاهدة الظاهرة
وتأمل هيئة التراث البريطانية أن يسمح البث الحي لمَن لم يتمكنوا من القيام بالرحلة بشكل شخصي أن يعايشوا شروق الشمس وغروبها وسماء الليل التي تتغير باستمرار، بل أن يمنحهم شعوراً بالقرب بشكل أكبر بالقدماء الذين أقاموا الدائرة الحجرية.
ويمكن أيضاً استخدام مشروع ستونهنج سكاي سكيب كطريقة للعبادة لمن يؤمنون بأن الدائرة الحجرية والمكان بأكمله يقدمان أجواء روحانية عميقة.
وقالت سوزان جرياني، كبيرة المؤرخين لدى هيئة التراث البريطانية: "ستونهنج بُنيت لتكون متعامدة مع الشمس وبالنسبة لشعوب العصر الحجري الحديث، بل تساوي في أهميتها الموقع المحيط بهم".
كيف تحدث الظاهرة؟
عند حدوث الانقلاب الصيفي نتذكر ساعات النهار المتغير، غير أن الدلالات تُشير إلى أن تغيُّر الفصول ودورات القمر وحركات الشمس كانت تحكم كثيراً من الجوانب العملية والروحانية للحياة في العصر الحجري الحديث.
وأضافت: "ويعد ارتباط ستونهنج بالسماء جزءاً جوهرياً لفهم الزخم الذي اكتسبته اليوم، ونحن متشوقون إلى مشاركة هذه الرؤية على شبكة الإنترنت مع الناس في جميع أنحاء العالم. وإذا عجز شخصٌ عن السفر إلى ستونهنج، فلن يعجز عن رؤية ما يحدث من حيث يُقيم. وسيكون الأشخاص الموجودون على الجانب الآخر من العالم قادرين على رؤية شروق الشمس في ستونهنج".
وكجزء من هذا المشروع، اجتمعت هيئة التراث البريطانية مع عالمة الفضاء ومدربة العلوم الدكتور ماجي أدرين-بوكوك، التي ستستضيف فعالية لمراقبة النجوم الشهر المقبل (يوليو/تموز 2019).
المشروع ملهم..
وقالت سوزان جرياني: تخيلوا أسلافنا في العصر الحجري الحديث وهم يتحلقون حول النار ويتطلعون إلى السماء ويحكون قصصاً مستلهمة من حركة الكواكب، وأنماط النجوم، وبطبيعة الحال مستلهمة من الشمس والقمر".
وأضافت: "يقدم المشروع نظرة ثاقبة تسلب الألباب في حياة أسلافنا، ونأمل أن يُلهم الناس في جميع أنحاء العالم بعد زيارة الموقع بالخروج من منازلها والتطلع إلى السماء".
أما ماجي أدرين بوكوك فقالت إن المشروع يمكن أن يساعد الناس الذين بدأوا يفقدون تواصُلهم مع السماء مساءً بسبب التلوث الضوئي. وأضافت: "الناس الذين يعرفون بوجود ستونهنج لكنهم غير قادرين على القيام بالرحلة، يمكنهم أن يروا شروق الشمس وغروبها، والنجوم على هذا الموقع. إذ إن الموقع يسمح بالدخول العالمي إلى شيء مذهل حقاً. ويمكن أيضاً أن يساعد الأشخاص الذين وقعوا عرضة للضغوط. حين تُحدِّق في السماء، ستجد ما يبعث على السلام النفسي في هذا التحديق".
إن مشروع ستونهنج سكاي سكيب يعد تمثيلاً مركَّباً للسماء فوق الأحجار بدقَّة، بمسافة نقل لا تقل دقَّتها عن خمس دقائق. وبعد حلول الظلام، تتحول نافذة النقل من التصوير الفوتوغرافي إلى صور من إنتاج الحاسوب، تصور بدقة الموقع الحي للنجوم والكواكب المرئية.
وتعمَّد القائمون على المشروع عدم إدراج كواكب نبتون وأورانوس وبلوتو، لأنها غير مرئية للعين المجردة، ولم يتم اكتشافها إلا بحلول القرن الثامن عشر أو بعده.