اكتسبت جهود تحديد سبب تحطم طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية، الذي أودى بحياة جميع من كانوا على متنها البالغ عددهم 157 شخصاً، زخماً، السبت 16 مارس/آذار 2019، بعد نجاح المحققِين في تفريغ محتويات مسجل أصوات قمرة القيادة، وظهور تفاصيل جديدة عن اللحظات الأخيرة في الرحلة المنكوبة.
ويقول خبراء إن من السابق لأوانه معرفة سبب تحطم الطائرة وهي من طراز "بوينغ 737 ماكس8″، لكن سلطات الطيران في أنحاء العالم حظرت تسيير الطائرات من الطراز ذاته، وتسببت المخاوف بشأن تلك الطائرة في انخفاض كبير بسعر سهم بوينغ.
سرعة كبيرة غير معتادة لحظة الإقلاع
وفي أديس أبابا، قال مصدر اطلع على تسجيلات المراقبة الجوية إن رحلة الخطوط الجوية الإثيوبية رقم 302 سجلت سرعة كبيرة غير معتادة فور إقلاعها من المدرج، قبل أن يبلغ الطيار عن مشكلات ويطلب الإذن للارتفاع بشكل أسرع.
وأوضح المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه؛ نظراً إلى أن التسجيل لا يزال قيد التحقيق، أن صوتاً من قمرة قيادة الطائرة "بوينغ 737 ماكس8" طلب الارتفاع إلى 14 ألف قدم فوق مستوى البحر (6400 قدم فوق المطار) قبل أن يطلب العودة سريعاً.
واختفت الطائرة من على شاشات الرادار على ارتفاع 10800.
وأوضح المصدر: "قال (الطيار) إنه يواجه مشكلة في التحكم بالطائرة، ولذلك طلب الارتفاع"، مضيفاً أنه لم ترد تفاصيل بشأن المشكلة بعينها، وأن الصوت بدا عليه الذعر.
وقال خبراء إن الطيارين يطلبون في العادة الارتفاع عندما يواجهون مشكلات قرب الأرض، وذلك من أجل الحصول على هامش للمناورة وتفادي المناطق المرتفعة. وتحيط بأديس أبابا تلال، وتقع جبال إنتوتو شمال العاصمة مباشرة.
عملية تفريغ الصندوق الأسود تمت بنجاح
وفي باريس، قال مكتب التحقيق والتحليل لسلامة الطيران المدني (بي إي إيه)، وهو هيئة فرنسية، إن عملية تفريغ بيانات مسجل أصوات قمرة القيادة بالطائرة الإثيوبية التي تحطمت الأسبوع الماضي، تمت بنجاح.
وذكر المكتب في تغريدة أن محققيه لم يستمعوا إلى التسجيلات الصوتية الموجودة، وأنها نُقلت إلى المحققين الإثيوبيين.
ونشر المكتب أيضاً صورة للمسجل وهو يبدو سليماً، لكن عليه بعض الأضرار، نتيجة تحطم الطائرة في حقل بعد دقائق من إقلاعها من أديس أبابا.
وقالت وزيرة النقل الإثيوبية للصحفيين في أديس أبابا: "ننتظر النتائج. نبذل كل الجهود الضرورية لتحديد سبب الحادث… هذا النوع من التحقيقات يحتاج فترة ليست قليلة، للتوصل إلى نتائج ملموسة".
وقالت شركة الخطوط الجوية الإثيوبية السبت 16 مارس/آذار 2019، إن اختبارات الحمض النووي التي تجرى على أشلاء الركاب الذين كانوا على متن الرحلة رقم 302، ربما تستغرق ما يصل إلى 6 أشهر. وكان هناك ركاب من أكثر من 30 دولة على متن الطائرة.
وعرضت الخطوط الجوية تسليم أسر الضحايا كمية من الرماد من موقع تحطم الطائرة المحترق لدفنها.
وقالت وزيرة النقل إن هناك شهادات وفاة مؤقتة صدرت، على أن تصدر الشهادات الرسمية الكاملة خلال أسبوعين، مشيرة إلى أن عمليات جمع عينات الحمض النووي (دي إن إيه) من أقارب القتلى بدأت.
وأضافت أن عملية التعرف على القتلى ستتم وفقاً للمعايير الدولية العلمية، وستشارك فيها منظمات معترف بها دولياً، مثل الإنتربول.
ومع انتظار عائلات الضحايا نتائج التحقيق، تعتزم شركة الخطوط الجوية الإثيوبية إقامة قداسٍ، الأحد 17 مارس/آذار 2019، بإحدى الكاتدرائيات في أديس أبابا.
"كان يقظاً ومجتهداً"
وتجمَّع نحو 100 من أقارب قتلى الطائرة المنكوبة في مراسم تأبين بالسفارة الكينية، ومن بينهم والد الطيار وشقيقه.
وقال شقيق الطيار: "كان حلمه أن يصبح طياراً… كان يقظاً ومجتهداً ويحب عمله بشدة. أود أن أوكد سجلَّ عمله الناجح، وأنه كان نجماً صاعداً في خطوط الطيران الإثيوبية".
وأوضحت بيانات الطائرة المنكوبة بعض التشابه بالفعل مع ما حدث لطائرة من النوع نفسه تابعة لشركة ليون إير، تحطمت بإندونيسيا، في أكتوبر تشرين/الأول 2018. وقُتل كل من كان على تلك الطائرة أيضاً، وعددهم 189 شخصاً. وتحطمت الطائرتان بعد دقائق من إقلاعهما وعقب إبلاغ قائديهما عن حدوث مشكلات.
وفي حادث طائرة ليون إير، يفحص المحققون طريقة عمل نظام جديد مقاوم للانهيار في طائرات "737 ماكس" والذي تسبب في ارتفاع وانخفاض الطائرة بالوقت الذي حاول فيه طياروها عبثاً، التحكم فيها خلال تدخل الطيار الآلي.
وقالت مصادر مطلعة إن من المتوقع أن تنتهي بوينغ من إعداد علاج برمجي لذلك النظام خلال أسبوع إلى 10 أيام.