يحذر علماء رفيعو المستوى من أن السجائر الإلكترونية تخلق جيلاً من مدمني النيكوتين، ويتهمون هيئة الصحة العامة بإنجلترا بأنها "تسير معصوبة العينين".
قال أحد الأكاديميين الرائدين في المجال إن السجائر الإلكترونية تشكل تهديداً على المراهقين خصوصاً، لِما للنيكوتين من تأثير على تطور المخ، حسب تقرير أعدته صحيفة Telegraph البريطانية.
جاء تدخل العلماء بعد أن قال رئيس أكبر عيادات الإقلاع عن التدخين في بريطانيا إن الأطفال في سن الرابعة عشرة يأتون الآن لطلب المساعدة في العلاج من إدمان النيكوتين الموجود في السجائر الإلكترونية.
السجائر الإلكترونية تقع تحت متابعة كبيرة
تخضع السجائر الإلكترونية لمناظراتٍ حادة بين خبراء الصحة، إذ يراها البعض وسيلة فعالة للإقلاع عن التدخين، فيما يشعر البعض بالقلق من أنها أصبحت إحدى الكماليات المنتشرة بين الشباب الصغار.
ألقت هيئة الصحة العامة في إنجلترا بثقلها دعماً للسجائر الإلكترونية، وأكدت أنها أقل ضرراً من التدخين بنسبة "95%"، واتخذت هذا الموقف في عام 2015.
لكن الأكاديميين أخبروا صحيفة Telegraph البريطانية أن هذا الرقم "لا يتحلى بالمصداقية بكل بساطة"، إذ يقولون إن "الصورة تظهر الآن واضحة للغاية" ونرى بها المخاطر التي تفرضها السجائر الإلكترونية بالنسبة للشباب الصغار.
وصف الأستاذ ستانتون غلانتز، مدير مركز الأبحاث والتعليم لمكافحة التبغ بجامعة كاليفورنيا، ادعاء الـ95% الذي أطلقته هيئة الصحة العامة بإنجلترا بأنه "أجوف وباهت".
وقال: "إن الكثير من نكهات السجائر الإلكترونية لها تأثير سام على الرئتين وبالنسبة لأمراض اللثة فإن لها نفس التأثير السيئ للسجائر العادية، فأنت تغمر لثتك في النيكوتين".
خاصة لما تمثله من تهديد للشباب
وأضاف الأستاذ ستانتون غلانتز، مدير مركز الأبحاث والتعليم لمكافحة التبغ بجامعة كاليفورنيا أن السجائر الإلكترونية تمثل تهديداً خاصاً على الشباب الصغار، لما للنيكوتين من تأثير على تطور المخ. وأوضحت دراسات على القوارض أن تعرض المراهق للنيكوتين يؤدي إلى تغييرات جزيئية في المخ، يكون لها "تأثيرات مستمرة على الوظائف الإدراكية".
قال الأستاذ غلانتز، الناشط البارز في مكافحة التبغ، إن هيئة الصحة العامة كانت "تتجاهل تماماً" كل هذه الأدلة، مضيفاً أنهم "يسيرون معصوبي العيون".
لاقت تحذيراته بشأن مخاطر السجائر الإلكترونية على الأطفال صدىً لدى بعضٍ من أهم خبراء الصحة في بريطانيا.
قال الأستاذ سيمون كابويل، خبير الصحة العامة في جامعة ليفربول، إن السجائر الإلكترونية "تصنع أجيالاً جديدة من الشباب مدمني النيكوتين" و"يستحيل" النظر إلى هذه الظاهرة بإيجابية.
وقد تضاعف عدد الأطفال المقبلين على السجائر الإلكترونية
تضاعف عدد الأطفال الذين يجربون السجائر الإلكترونية خمس مرات طبقاً للتقرير الذي نشرته هيئة الصحة العامة بإنجلترا هذا الأسبوع، بمعدل واحد من بين كل 6 أفراد جرب السجائر الإلكترونية، وقال الكثيرون إنهم معجبون بالنكهات.
في العام الماضي جرب 15.9% من الأطفال من سن 11 إلى 18 عام السجائر الإلكترونية، بزيادة عن عام 2014 الذي سجل 8.1%. قال الأستاذ مارتن ماكي، الخبير في الصحة العامة الأوروبية في مدرسة لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة، إن التأكيد على أن السجائر الإلكترونية أكثر أماناً بنسبة 95% من السجائر العادية "يفتقر إلى المصداقية ببساطة".
وقال: "إننا نحصل على المزيد من الأدلة على أن لها أثراً مدمراً على الرئتين والقلب والأوعية الدموية".
وأضاف ماكي أنه من الإهمال ألا تنظر هيئات الصحة العامة في إنجلترا "باهتمام كبير" في اتجاه الشباب لشرب السجائر الإلكترونية في أمريكا.
ورغم ذلك فالحكومة البريطانية تدعم السجائر الإلكترونية
قال الأستاذ جون أشتون، الرئيس السابق لكلية الصحة العامة إن الرقيب البريطاني للصحة العامة يجلس في "عزلة مترفة" عن زملائه الدوليين في قضية السجائر الإلكترونية.
قال دكتور غابرييل سكالي، رئيس علم الأوبئة والصحة العامة بالجمعية الملكية للطب إن هيئة الصحة العامة بإنجلترا كانت "متزمتة" في طريقة تناولها للسجائر الإلكترونية، وأضاف أن دعمهم لهذه المنتجات كان له أثر على "غلق كل النقاشات النشطة".
وقال: "إنهم أعلنوا قرارهم بشأنها في وقت مبكر للغاية، حينما لم تكن ظهرت النتائج بعد". وأضاف: "يجب عليهم مراجعة موقفهم، متخذين في اعتبارهم بعض الأبحاث الحديثة".
قال مايك دوب، الأستاذ الفخري في السياسة الصحية في جامعة كيرتن في مدينة بيرث بأستراليا، إن هيئة الصحة العامة بإنجلترا "أصبحت داعمة فاعلة للسجائر الإلكترونية"، وأضاف أنه كان متفاجئاً من أنهم "تعجلوا في هذا بجدٍ وسرعة فائقة وقبل أي دلائل".
قال الأستاذ جون نيوتن مدير هيئة الصحة العامة لتحسين الصحة: "بينما يستمر البحث حول السجائر الإلكترونية في الظهور، يجب علينا التصرف بناءً على ما تخبرنا به الأدلة الآن".
وأضاف: "هناك إجماع أكاديمي وسريري منتشر بأن السجائر الإلكترونية أقل ضرراً بكثير من التدخين، وإن كانت لا تخلو من الأضرار. ويتبنى الكثيرون حول العالم هذه النظرة".
وقال إن هيئة الصحة العامة بإنجلترا "تعي المخاطر" وتتبع "أسلوباً حذراً". وأضاف أن "المملكة المتحدة بها واحدة من أكثر التنظيمات صرامة بشأن السجائر الإلكترونية مثل القيود الإعلانية، والحد الأدنى للعمر للبيع، الحد الأقصى من النيكوتين".