لمدّة تتجاوز الخمسة عشر عاماً، اعتاد المسلمون في عكا سماع أذان مسجد الجزّار بصوت الشاب إبراهيم المصري، لكن هذا الصوّت صمت فجأة، والسبب أن إسرائيل غضبت من ممارسة مؤذن عكا للرياضة.
أوقفت إسرائيل صوت المؤذن الجميل الذي كان يُسمع في المدينة خمس مرات يومياً، من خلال مكبّرات الصوت، بعد أن وجدت أن ثمة تعارضاً ما بين "الأذان" وبين رياضة كمال الأجسام، التي يمارسها إبراهيم، وبالتالي قرَّرت أنه لم يعد يصلح كـ "مؤذن"، وفصلته من عمله.
إسرائيل غضبت من ممارسة مؤذن عكا للرياضة لأن ملابسه غير لائقة!
إبراهيم المصري، البالغ من العمر 46 عاماً يمارس لعبة رفع الأثقال وكمال الأجسام منذ أن كان صغيراً، وهو شابٌّ له حضوره واحترامه لدى الأوساط العربية في مدينة عكا، ولم يسبق له أن رأى تناقضاً بين ممارسة رياضة كمال الأجسام وبين ممارسة الشعائر الدينية.
يقول إبراهيم لوكالة "فرانس برس" عن القرار الذي أصدرته وزارة الداخلية الإسرائيلية بفصله من وظيفته كمؤذن: "هذا قرار غير عادل"، مضيفاً: "إن دين الإسلام يشجع أي فرد على ممارسة الرياضة".
لمدّة تتجاوز 15 عاماً، اعتاد المسلمون في عكا، سماع آذان مسجد الجزّار بصوت الشاب إبراهيم المصري، لكن هذا الصوّت صمت فجأة، والسبب أن السلطات الإسرائيلية وجدت أن ثمة تعارضاً ما بين "الآذان" وبين رياضة كمال الأجسام فقررت فصله من عمله.#عكا #إسرائيل
للمزيد: https://t.co/tA9JbGSRLS pic.twitter.com/jVyICm1PP6
— euronews عــربي (@euronewsar) February 4, 2019
من ناحيته، برَّر متحدث باسم الوزارة الإسرائيلية قرار الفصل بأن ملابسه (الرياضية) غير لائقة!
ويرتدي لاعبو كمال الاجسام عادة سروالاً قصيراً خلال المسابقات.
ولدى المصري العديد من الصور وهو يرتدي تلك الملابس الرياضية.
إنها قصيرة وغير مقبولة لشخصية دينية
المصري الذي يملك ذراعين مفتولتين ويبلغ وزنّه حوالي 105 كيلوغرامات، ينتمي لعرب 48، هذه الأقلية التي تشكّل نحو 18% من سكّان البلاد بعد أن كانوا الأغلبية قبل نكبة 1948.
وفي عام 2017، شارك إبراهيم في بطولة إسرائيل لبناء الأجسام، وفاز في فئته، وبعد بضعة أشهر تم استدعاؤه إلى لجنة من المسؤولين الدينيين في شمالي إسرائيل.
وقال إبراهيم، وهو أب لثلاثة أطفال: "عرضوا عليَّ صوراً لي أثناء مشاركتي في المسابقة، واعتبروا أنه من غير المناسب أن يمارس المؤذن هذه الرياضة"، على اعتبار أن ملابسه "القصيرة" غير مقبولة لشخصية دينية.
قدّم اعتذاراً لوزارة الداخلية التي تشرف على الشؤون الدينية
وتشرف وزارة الداخلية الإسرائيلية على المنظمات الدينية للمسيحيين والمسلمين، وغيرهم من الأقليات غير اليهودية في البلاد، ولها القول الفصل في وظيفة المؤذن بدوام كامل.
يقول المصري إنه بعث برسالة يعتذر فيها: "قلت لهم إنني لن أشارك في المزيد من المسابقات"، مضيفاً: "كانوا يعلمون أني أمارس هذه الرياضة قبل أن يتم تعييني في وظيفة المؤذن".
لكن وزارة الداخلية الإسرائيلية قرَّرت عزله، وأكد متحدث باسمها لوكالة "فرانس برس" أنه قد تم فصله من منصبه هذا الأسبوع.
وإمام المسجد التاريخي يؤيد القرار
يعدّ مسجد الجزار من أجمل المساجد في أراضي 48، وقد بُني في العام 1781 في عكا القديمة، التي تعدّ موقعاً للتراث العالمي، وقد سُمي المسجد باسم الحاكم العثماني المحلي في وقت بنائه، وقد استُوحي تصميمه من مساجد إسطنبول الشهيرة.
"كيف يمكنهم فصل إبراهيم عن عمله لمجرد أنه شارك في مسابقة؟" سأل حارس المسجد وسام الزلافي، الذي يضيف قائلاً: "ليس لدينا مؤذن آخر بصوت جميل في كل عكا".
ومن ناحيته، يقول الشيخ محمد كيوان، خطيب وإمام المسجد، إن المصري لم يتقدم بطلب للإدارة بشأن دخوله في مسابقة كمال الأجسام "لا يجوز له أن يعرض جسده أمام الرجال والنساء والأطفال"، حسب تعبير الشيخ كيوان.
ويضيف الإمام مستطرداً أنه يؤيد إعطاء المصري تحذيراً نهائياً، وأكد على أنه يتمتع بصوت رخيم.
تجدر الإشارة إلى أن المصري أثناء مدة عمله مؤذناً ساعد في فتح نادٍ رياضي لتدريب الشباب في عكا، ويكاد يُجمع أهالي المدينة أن عكّا تخلو من رجل ينافس صوتُه في القوة والعذوبة صوتَ إبراهيم المصري.