لم تمض ساعات على وقوع كارثة السد في البرازيل، حتى صدر الأحد 27 يناير/كانون الثاني 2019، تحذير من رجال الإطفاء وشركة فالي للمناجم من خطر انهيار وشيك لسد منجمي ثان في برومادينيو في جنوب شرق البلاد.
وأدى انهيار السد الأول إلى مقتل 34 شخصا وفقدان نحو 300 آخرين.
وقالت الشركة في بيان أنها أطلقت أجهزة الإنذار بعد "رصد ارتفاع مستوى المياه في السد 6" المنشأة التي تشكل جزءا من منجم كوريغو الذي انهار أحد سدوده الجمعة.
وأكدت فرق الإطفاء أنها بدأت إخلاء القرى المجاورة.
وتظهر لقطات مصوّرة مدهشة لحظة إنقاذ امرأة من الوحل على يد فريق إنقاذ بالمروحيات، بعد انهيار سد في البرازيل يوم الجمعة 25 يناير/كانون الثاني 2019.
أسفر ذلك الحادث عن وفاة 10 أشخاص، في حين لا يزال نحو 300 شخص آخرين بعداد المفقودين بعد انهيار السد، الذي كان يحجز رواسب ونفايات منجم لخام الحديد.
ويُظهر مقطع فيديو رجال الإنقاذ وهم ينتشلون المرأة من الوحل، في حين يسرعون لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأشخاص.
يبحث أفراد الإنقاذ عن ناجين بعد انطلاق سيل من الوحل من سد بالقرب من منجم لاستخراج خام الحديد، تديره شركة Vale SA للتعدين، في مدينة بيلو هوريزونتي.
وذكر رئيس الشركة، فابيو شيفارتسمان، أنَّ 300 موظف كانوا يعملون في أثناء وقوع الحادث، وقد أُبلغ عن العثور على نحو 100 شخص فقط.
وأوضح أنَّ جهود الإنقاذ جارية، لمعرفة ما حدث للآخرين.
فرص العثور على ناجين أصبحت ضئيلة
وقال شيفارتسمان في مؤتمر صحفي، إنَّ "الضحايا الرئيسين كانوا من عمال الشركة"، مضيفاً أنَّ المطعم "قد دُفن بالوحل في الوقت الذي كان يتناول فيه كثير من العمال طعامهم وقت استراحة الغداء".
ومن جانبه، قال روميو زيما، حاكم ولاية ميناس غيرايس الزاخرة بعمليات استخراج المعادن وحيث وقعت الكارثة، للصحافة المحلية: "للأسف، فانَّ فرص العثور على ناجين أصبحت ضئيلة في اللحظة الراهنة. نحن من المرجح في مرحلة إنقاذ جثامين الضحايا فقط".
ويُتوقَّع أن يرتفع عدد القتلى بشدة، بحسب أفيمار دي ميلو بارسيلوس، عمدة بلدة برومادينهو الواقعة بالقرب من المنجم.
ويبقى سبب انهيار السد غير معروف حتى الآن.
وقال متحدث باسم الشرطة البرازيلية، إنَّ رجال الإنقاذ تمكَّنوا من تحديد 4 نقاط بحث، حيث لا يزال من الممكن العثور على اشخاص على قيد الحياة.
وأُرسلت كلاب البحث من مدينة ريو دي جانيرو. وقال المتحدث باسم الشرطة إنَّ جميع المفقودين هم إما موظفون في شركة Vale وإما مقاولون.
"نحن ضائعون، لا نعلم أي شيء!"
في الوقت نفسه، كان ريناتو سيماو دي أوليفيراس يبحث في المستشفيات ومع الشرطة عن شقيقه، الذي كان يعمل لدى شركة Vale على مدى 6 سنوات. وشعر بخيبة أمل من عدم توافر معلومات كافية.
وقال ريناتو سيماو دي أوليفيراس، البالغ من العمر 32 عاماً: "سَمعتُ عن الحادث في أثناء وجودي بالعمل. اتصلت بشقيقي عدة مرات، لكنني لم أستطع الوصول إليه".
وأضاف: "نحن ضائعون، لا نعلم أي شيء!".
وأعلن المتحدث باسم فريق الإطفاء، الملازم أول بيدرو ايهارا، أنَّ ثمة سدّين أقل ارتفاعاً قد تصدَّعا بعد انهيار السد الأكبر.
وتبين اللقطات والصور الجوية الطريقة التي سُحبت بها السيارات والمركبات بعيداً عن الوحل، الذي قد يكون ملوثاً بنفايات معدنية.
جدير بالذكر أنَّ البرازيل ما زالت لتوِّها تتعافى من تداعيات انهيار سد أكبر تسبّب بمقتل 19 شخصاً في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، فيما اعتُبر أسوأ كارثة بيئية في البرازيل.
تسبَّب ذلك السد، المملوك لشركة Samarco Mineracao SA للتعدين بالشراكة مع شركتي Vale وBHP Group، في مواراة قرية بأكملها، وصبَّ نفايات سامة بأحد الأنهار الكبيرة.
وزار الرئيس البرازيلي، جايير بولسونارو، ولاية ميناس غيرايس وتفقَّد منطقة الكارثة عبر التحليق فوقها بمروحية صباح يوم السبت 26 يناير/كانون الثاني 2010، بعد أن أوفد 3 وزراء إلى هناك يوم الجمعة.
سبب انهيار السد مجهول
وقال فابيو شيفارتسمان، الرئيس التنفيذي لشركة Vale، إنَّ السد المُنهار يوم الجمعة بالقرب من منجم فيجاو لاستخراج الحديد الخام كان خارج الخدمة، وقدرته تبلغ نحو خُمس إجمالي النفايات المسكوبة جراء انهيار السد في منجم ساماركو للحديد الخام عام 2015.
وأضاف أنَّ الأجهزة أظهرت أنَّ حالة السد كانت جيدة ومستقرة في 10 يناير/كانون الثاني 2019، وأنَّه من السابق لأوانه تحديد سبب انهياره.
يعتبر منجم فيجاو أحد 4 مناجم في مجمع بارايبا فالي، الذي يضم محطتين معالجة وبلغ إجمالي إنتاجه من خام الحديد 26 مليون طن في عام 2017، أي ما يقارب 7% من إجمالي إنتاج شركة Vale، وذلك وفقاً للمعلومات الواردة على موقع الشركة الإلكتروني.
ورفض شيفارتسمان التعليق على كيفية تأثر إنتاج الشركة جراء انهيار السد.
وتظل العمليات في منجم ساماركو متوقفة بانتظار إصدار ترخيص جديد، في حين عقدت الشركات تسويات ودفعت تعويضات خارج نطاق المحكمة، من بينها اتفاقية ألغت دعوى تعويض مدنية قيمتها 20 مليار ريال برازيلي (5.30 مليار دولار العام الماضي). علَّق المُدّعون الفيدراليون الدعوى، لكنَّهم لم يغلقوا دعوى أكبر حتى الآن.
وأمرت وكالة التعدين الوطنية في البرازيل شركة Vale SA بتعليق العمليات في منجم فيجاو.
وقال المُدّعي العام البرازيلي، أنطونيو سيرغيو تونت، للصحفيين، إنَّ المُدّعين العامين في البلاد تحرَّكوا أيضاً نحو إصدار قرار بتجميد 5 مليارات ريال برازيلي (1.32 مليار دولار) في حسابات شركة Vale لمعالجة الأضرار، مضيفاً أنَّه يتوقع قرارات تجميد مزيد من الأموال في المستقبل.