شباب مصريون يهربون من فيسبوك إلى إنستغرم وسناب شات ومنهم محمود الذي قرر أخيراً الهرب من رقابة ومتابعة أسرته والتي سببت له الكثير من الخلافات، وتوجه نحو استخدام تطبيق إنستغرام الذي لا يستخدمه كبار عائلته، بحثاً عن مزيد من الحرية والانطلاق
لكن آخرين قالوا إن ابتعادهم عن موقعي فيسبوك وتويتر يرجع إلى أنهما يعجان بالأخبار السياسية التي أصبحوا يفضلون تجنبها.
وقال محمد البالغ 23 عاماً إنّ "فيسبوك يوجد عليه الأهل والمعارف من كبار السن وهم يعلقون بشكل سلبي على كل ما نفعله وأحياناً كثيرة تنشب خلافات كبيرة بسبب تعليقات أو صور بسيطة".
وتابع لكن "الكبار غير موجودين على إنستغرام، لذا أستطيع نشر الصور والفيديوهات التي لا نستطيع نشرها على فيسبوك".
وتشير إحصائية حديثة نشرها موقع قناة الحرة الأميركية، في مارس/آذار 2018، إلى تصدر مصر البلدان العربية من حيث استخدام الإنترنت. وناهز عدد مستعملي الإنترنت في البلاد 50 مليون شخص في نهاية العام 2017، وهو ما يعادل نصف سكان مصر.
ويملك نحو 35 مليوناً حساباً على موقع فيسبوك في مصر، يليه توتير بعدد مستخدمين يقارب 1.7 مليون، أما موقع إنستغرام فيبلغ مستخدموه أكثر من 1,7 مليون شخص في مصر.
هنا يحسون بأنفسهم أكثر حرية
الشاب الأسمر طويل القامة يؤكد أن كثيراً من أصدقائه يفضلون استخدام تطبيق إنستغرام أكثر لأنهم يحبون الصور، وأيضاً الخاصية الجديدة المسماة قصص (ستوريز).
وعبر خاصية القصص في إنستغرام يستطيع محمد معرفة أين كان أصدقاؤه وماذا كانوا يفعلون.
وينشر محمد المبتسم دائماً والذي ينشط في مجال السياحة صوراً جريئة مع صديقاته الأجانب، كذلك صوراً وهو يدخن، وهو ما يختفي تماماً من على حسابه على فيسبوك الذي يكتظ بالكثير من الأقارب.
وقال ضاحكاً "على إنستغرام أكون على راحتي"، قبل أن يكشف أنه "حجب والدته لفترة طويلة على إنستغرام لتفادي انتقاداتها".
أما الشابة المتزوجة حديثاً نوران هلال البالغة 23 عاماً فقالت إنّ "كل كبار الأسرة على فيسبوك وهو ما يسلبنا حريتنا. أشعر دوماً أني مراقبة وأن هناك أحداً ينتظرني أن أنشر شيئاً ليعلق عليه. وهو شعور مقيد للراحة والحرية".
وتابعت الفتاة المحجبة أن "إنستغرام لم يستقطب الكبار إلى حد كبير وحتى المتواجدون منهم لا يعرفون كيف يستخدمونه".
وأضافت ضاحكة "حتى الكبار الذين دخلوا على إنستغرام لا أقبل طلبات صداقتهم.. يكفيني تواجدهم على فيسبوك".
لكنها استدركت "أنا محجبة وليس عندي صور جريئة لكي أخشى أحداً ولكنني أضع كل صوري على إنستغرام لشعوري بالحرية وسط أصدقائي".
وقال محمد إيهاب المتخصص في الأمن المعلوماتي في مركز أبحاث متخصص إنه "من الملاحظ بصورة واضحة توجه شباب من الفئة العمرية 18 وحتى 24 عاماً، بل وأقل من ذلك، إلى تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل السناب شات والإنستغرام، بدلاً من الشبكات التقليدية مثل فيسبوك وتويتر".
تدعم الإحصاءات الرسمية هذه الظاهرة، فوفقاً لإحصاءات سناب شات عام 2017 فهناك نسبة 60% من مستخدمي التطبيق هم دون الـ 25 عاماً، ونسبة 37% منهم بين 18 إلى 24 عاماً.
وأسس موقع فيسبوك وموقع تويتر عامي 2004 و2006 على التوالي، في حين ظهر تطبيق إنستغرام عام 2010 وتطبيق سناب شات عام 2011، ومن هنا كانت عيون المسوقين على الجمهور الذي لم يدخل بعد عالم فيسبوك وتويتر.
"لا للسياسة"
ولا يزال محمد يستخدم فيسبوك عبر هاتفه الآيفون الذهبي قائلاً "لا أتفاعل كثيراً مع المنشورات ولكن أتابع بكثرة ما ينشر عبر الصفحات المختلفة وخاصة المتعلقة بالأخبار".
لكنه يرى أن أصدقاءه يفضلون إنستغرام لأنهم "لا يهتمون بالأخبار السياسية والتي تنتشر على فيسبوك وتويتر، لذا يلجأون إلى إنستغرام".
وتابع محمد أن "قطاعاً كبيراً من الشباب من سن 18 إلى 23 سنة لا يهتمون بالسياسة، فقط يعرفون الأخبار ولكن لا يتفاعلون معها، كما أنهم فقدوا الأمل من بعد الثورة، يهتمون الآن بالصور والخروجات وأخيراً اللعبة الشهيرة PUbG".
ولم تعد الصحافية نهى رفعت تستخدم فيسبوك بشكل شخصي بل يقتصر استخدامها له على مشاركة القصص والتغطيات الصحافية التي تنتجها.
ووصفت رفعت البالغة 30 عاماً لـ"عربي بوست فيسبوك بكونه أصبح مصدراً للطاقة السلبية بسبب كثرة الأخبار السياسية السيئة "الأخبار كلها قتل وعنف وارتفاع أسعار وأشياء تثير الأعصاب".
وتابعت وهي تضع صورة جديدة سيلفي على سناب شات "أضع صورة كل ساعتين تقريباً وأتابع مسار يوم شقيقاتي من خلال التطبيق".
المحلل إيهاب يعتبر أن طبيعة المحتوى المنشور على فيسبوك وتويتر لا يلائم الفئة صغيرة السن بصورة كبيرة، فموقع تويتر مثلاً يغلب عليه الطابع السياسي والقضايا الفكرية المعقدة بعض الشيء والتي قد لا تستهوي فئة صغار السن أو لا تلائم مستوى تفكيرهم.
وهو ما يدفع الشباب لاستخدام تطبيقات أخرى أقل تعقيداً مثل إنستغرام وسناب شات، نفس الأمر ينطبق على موقع فيسبوك مع اختلافات بسيطة.
فيسبوك صار موضة قديمة
وقررت الطالبة نهى زكي تقليل استخدامها لموقع التواصل الاجتماعي الأشهر فيسبوك، واللجوء أكثر إلى تطبيقات أخرى.
نهى البالغة 21 عاماً تصف نفسها بأنها تنتمي إلى جيل جديد يحب تجربة كل ما هو جديد "بالنسبة لنا فيسبوك أصبح من الماضي".
توضح الطالبة المحجبة في الفرقة الأخيرة بكلية التجارة الشعبة الإنكليزية أن لديها حساباً على فيسبوك، ولكنها تستخدم تويتر وإنستغرام أكثر.
وتجد أن تويتر أفضل وأوسع في التواصل والمعرفة عن فيسبوك، بالإضافة إلى إنستغرام لتخصصه أكثر في الصور والفيديوهات.
لا يفارق الهاتف المحمول يد نهى في الأيام العادية، تنتقل من تطبيق إلى آخر، تتواصل مع صديقاتها عبر واتساب، تتصفح منشورات فيسبوك دون تفاعل، تركز اهتمامها على تويتر وإنستغرام.
أما في أيام الدراسة، فمعدل استخدامها لبرامج التواصل الاجتماعي لا يزيد عن ساعتين أو ثلاث على الأكثر "في حالة خروجي مع صديقاتي والتقاطنا صوراً، أرفعها على إنستغرام أو سناب شات على الفور".
فكرت نهى في إغلاق كل حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من مرة، ولكنها لم تستطع التنفيذ، إذ تقول "لا أقدر على الابتعاد عن هاتفي لمدة يومين، الموضوع أشبه بالإدمان".
أما الطالبة سجدة حسن، فتتفق مع نهى في تقليل استخدام موقع فيسبوك، ولكنها تنشط أكثر على موقع سناب شات.
ترى الطالبة المحجبة طويلة القامة في الفرقة الثالثة في كلية الخدمة الاجتماعية، أن "فيسبوك أصبح موضة قديمة.. لدي حساب عليه ولكنني لا أتفاعل عليه بكثرة".
وقالت سجدة البالغة 20 عاماً إن "سناب شات يوفر توثيقاً مصوراً للحظات الجميلة سواء مع الأهل أو الأصدقاء".
وأضافت أن "ميزة سناب شات عن إنستغرام، هي الخصوصية، ففي التطبيق الأول نعرف من يأخذ (سكرين شوت) لصورنا على عكس إنستغرام، وهذا شيء جميل".
وتستخدم سجدة سناب شات أثناء خرجاتها للتنزه مع أصدقائها "نستخدم كل الرسوم والأشكال الموجودة لنغير في صورنا أو فيديوهاتنا، فتصبح جميلة وجديدة ومختلفة، عكس الصور العادية".
علقت سجدة حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي لمدة أسبوع من قبل، لكنها أعادت وفتحتها مرة أخرى "شعرت بالملل وفقدت الصحبة، فعادت مرة أخرى".
تطبيق سناب شات فقد مكانته في مقابل إنستغرام كما يوضح محمد الطالب في كلية التجارة "أصبح اثنين في واحد بعد أن طور خاصية البث المباشر والقصص".
جيل فيسبوك vs جيل سناب شات
ماجد حسن المتخصص في إدارة حسابات التواصل الاجتماعي في إحدى الوكالات الإعلانية يلاحظ بدوره ان الأجيال الشابة بدأت تهجر موقعي فيسبوك وتويتر في مقابل نشاط ملحوظ لموقعي إنستغرام وسناب شات.
ويوضح حسن في اتصال هاتفي أن "جيل ألفا وهو جيل 2000 فيما فوق وهؤلاء الشريحة الأكبر في استخدام التكنولوجيا يعتبرون أن فيسبوك وتويتر ينتمون إلى الجيل السابق لهم وليس جيلهم.
جيل ألفا، حسب ماجد حسن دائماً، متطور ويجيد استخدام التكنولوجيا في كل مجالاته، سواء كان للترفيه أو للعمل.
ويضرب مثلاً بمن يطلق عليهم لقب "المؤثرين" في موقع إنستغرام ينتمون إلى جيل ألفا وهم الأشخاص الأكثر متابعة وتفاعلاً، وهم أيضاً الأكثر ربحاً من خلال تعاونهم مع الشركات الكبرى.
وأشار الخبير إيهاب أن "تصميمات التطبيقات الجديدة ملائمة لصغار السن، فتطبيقات إنستغرام وسناب شات هي بالفعل مخصصة للشباب صغير السن، أو المراهقين من الشباب، بما تدعمه من رسومات متحركة وجرافيكس وإيموجيز وغيرها من المميزات التي تضفي طابعاً كرتونياً على صور المستخدمين وفيديوهاتهم".
وتابع "لذلك نجد أن الشباب المراهق يميل إلى استخدام هذه العناصر أكثر من الشباب البالغ الذي تجاوز الثلاثين من العمر مثلاً".
وهو ما تتفق معه نوران التي قالت "إنستغرام وسناب شات يجاريان نمط الحياة السريعة التي نعيشها. هما أكثر حيوية وانطلاقاً وشباباً".