لا يزال المواطنون المغاربة يرون في المقاطعة شكلاً احتجاجياً يُمكِّنهم من الضَّغط على مسؤولي بلادهم لتحقيق المزيد من الإصلاحات، فبعد شهرين على قرارهم القاضي بمقاطعة ثلاث من العلامات التجارية العملاقة بالسوق المغربية، تفتَّقت أفكارهم من جديد عن أسلوب احتجاجي مُتفرِّد واستثنائي، يدعو هذه المرة إلى مقاطعة المهرجان العالمي "موازين".
الاحتجاج بـ"الطَّنطنة"
قبل أيام قليلة من انطلاق الحدث الموسيقي المثير للجدل الجمعة المقبل، دعا نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي، إلى الانضمام لحملة تحمل اسم ووسم "شنَّ طنَّ"، حيث ضرب المُقاطعون موعداً، مساء يوم الأربعاء 20 يونيو/حزيران، الساعة 8 مساء، من أجل "الطَّنطَنة" عبر الصُّعود إلى أسطح المنازل والمباني لمدة لا تقل عن 15 دقيقة، والطَّرق بواسطة الملاعق والشَّوكات على الأواني المنزلية.
وتطالب الحملة ببناء المستشفيات وتجهيزها، بدل صرف المليارات على الرقص، وفق تعبير الداعين إليها، بالإضافة إلى تعليم جيد، والعمل على مُحاسبة المفسدين وناهبي الأموال، متسائلين عن الجدوى من مهرجان موازين في وقت يموت فيه الشعب في صمت داخل مستشفيات غير مجهزة، وتفتقد للتجهيزات، ولا تقدم خدمات في المستوى.
الناشط الحقوقي والسياسي عبدالعالي بريك، أحد الشباب الذين أطلقوا الفكرة وتبنَّوها، أكد لـ"عربي بوست"، أن الفكرة تفتَّقت خلال بث مباشر على صفحته الخاصة بـ"فيسبوك"، رفقة مجموعة كبيرة من النشطاء المدنيين والفاعلين الحقوقيين، لمناقشة قضايا المقاطعة ومُستجداتها، مع متابعة أكثر من 30 ألف متابع.
وأوضح المتحدث أن الرسالة موجَّهة لملك البلاد باعتبار المهرجان تحت رعايته السامية، بالإضافة إلى منظمي المهرجان، نبلغهم فيها رفض المغاربة لهَدرِ الأموال الطائلة على مغنين أجانب، تُخصَّص لهم ملايين الدراهم من أجل ساعة غناء ورقص، مُتسائلاً عن الجدوى من مهرجان كبير في وقت لا يجد فيه المرضى سريراً داخل مستشفى، وفق تعبير عبد العالي بريك.
وأوضح المتحدث أن الرسالة موجَّهة لملك البلاد باعتبار المهرجان تحت رعايته السامية، بالإضافة إلى منظمي المهرجان، نبلغهم فيها رفض المغاربة لهَدرِ الأموال الطائلة على مغنين أجانب، تُخصَّص لهم ملايين الدراهم من أجل ساعة غناء ورقص، مُتسائلاً عن الجدوى من مهرجان كبير في وقت لا يجد فيه المرضى سريراً داخل مستشفى، وفق تعبير عبد العالي بريك.
الناشط الحقوقي قال خلال حديث جمعه بـ"عربي بوست"، إنه حين يحظى المغرب وشعبه بتعليم راق يحتل مراتب مشرفة، ويكون لديه أجيال متعلمة ومثقفة، وشباب غير عاطل، ومواطنون يلِجون لخدمات صحية في المستوى، آنذاك يمكننا جميعاً الغناء والرقص.
"الطنطنة" على سطوح المباني جاءت تعبيراً عن عدم الرضا على مهرجان موازين، ورداً لاعتبار خطباء المساجد، ممن تم عزلهم بسبب استِنكارهم للمهرجان، وكذا للمعتقلين في السجون، في إشارة لمعتقلي الريف وجرادة.
وليست هي المرة الأولى التي يلجأ فيها المغاربة إلى هذا النوع من الاحتجاج، إذ كان سكان مدينة الحسيمة سبَّاقين للاحتجاج بالضرب على الأواني السنة المنصرمة، وهي الخطوة التي لاقت إقبالاً كبيراً انخرطت فيها أحياء من المدينة بكاملها، حيث لجأ المحتجون إلى إطفاء الأنوار وساد الصمت، ولم يعد يسمع سوى "طَنْطَنة الأواني المعدنية".
موازين.. جدل كبير
ولطالما أثار المهرجان الذي وصل لدورته الـ17، والذي تُشرف عليه جمعية مغرب الثقافات الجدلَ، وشكَّل مادة دسمة على وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي بالمغرب، بسبب الأجور الخيالية التي يتقاضاها بعض كبار المشاركين، مقابل إحياء حفل لا تتجاوز مدته ساعتين من الزمن، ناهيك عن تخصيص طائرات خاصة وفنادق فارهة لهم.
وسبق لمجموعة من النَّاشطين توجيه رسائل للصفحات الرسمية الخاصة بالفنانين المشاركين، يدعونهم فيها إلى مقاطعة المهرجان بدورهم، والامتناع عن الحضور، لأنهم بذلك "سيغنون ويرقصون على جراح ومآسي الشعب المغربي".
وتقول الرسالة الموجهة للفنانين باللغتين العربية والإنكليزية: "لا تأت للمغرب مطرباً، فهنا غير مرحب بك لأنك ستغني وترقص دون أن تنتبه لمعاناة كل مواطن فقير في هذا البلد، وسوف تتقاضى أجرك من جيوب الفقراء، وعلى حساب جوعهم وعطشهم، سنُقاطعك ونقاطع موازين، مرحباً بكم سائحين لبلدي، لكن لا لغنائكم ورقصكم على دموعنا وفقرنا، نحن لا نريد غناء ورقصاً نريد بيتاً للمشرَّدين وخبزاً للجوعى".