بريد إلكتروني رسمي لكل مواطن.. التجربة الإماراتية ليست الأولى من نوعها

إذا كان لكل منا عنوان بريدي معروف خاص به، يتعلق بعنوان منزله أو مكان عمله، حتى إن بعضنا لهم صندوق بريدي خاص، فلماذا لا يكون لكل منا بريد إلكتروني معترف به بشكل رسمي من حكومة بلاده.

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/17 الساعة 07:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/17 الساعة 07:49 بتوقيت غرينتش

إذا كان لكل منا عنوان بريدي معروف خاص به، يتعلق بعنوان منزله أو مكان عمله، حتى إن بعضنا لهم صندوق بريدي خاص، فلماذا لا يكون لكل منا بريد إلكتروني معترف به بشكل رسمي من حكومة بلاده.

هذا ما اعتمدته بالفعل دولة الإمارات العربية المتحدة، ضمن العديد من المشروعات الوطنية في إطار رؤية "الإمارات 2021″؛ إذ وضعت مشروع إنشاء بريد إلكتروني رسمي وإلزامي لكافة المؤسسات والأفراد بالدولة، الذي انتهت وزارة العدل من دراسته مؤخراً.

يعد هذا المشروع أحد مشاريع الفريق التنفيذي لمؤشر سيادة القانون الذي تترأسه وزارة العدل، وأكد وزير العدل الإماراتي سلطان بن سعيد البادي، أن الفكرة نشأت من تطلُّع وزارة العدل لتحقيق أفضل سبل التواصل الفعال والسريع بين الجهات القضائية بالدولة، والمعنيين بالخدمات القضائية والدعاوى وأطرافها.

تسريع سير الإجراءات القضائية في مقدمة الأهداف

نجحت الإمارات خلال عام 2017 في الوصول للمرتبة 43 عالمياً في مؤشر سيادة القانون، وفقاً للتقرير الصادر عن البنك الدولي، وتقدَّمت بهذا الإنجاز عشر مراتب دولية، وحسب رؤية "الإمارات 2021" يستهدف الفريق التنفيذي لمؤشر سيادة القانون الوصولَ إلى المرتبة 25 عالمياً، في غضون السنوات الأربع المقبلة.

من ضمن الخطوات الفعلية التي اتُّخذت للوصول إلى هذا المركز العالمي، عقد الفريق التنفيذي لمؤشر سيادة القانون اجتماعاً برئاسة المستشار جاسم سيف بوعصيبة، مدير دائرة التفتيش القضائي بوزارة العدل؛ من أجل مناقشة مشروع إنشاء بريد إلكتروني وطني موحَّد لجميع المؤسسات والأفراد بالدولة.

يهدف المشروع إلى تنظيم قطاع الاتصالات، وتسريع سير الإجراءات القضائية، والتأكد من نزاهة العملية القضائية، والتأثير بشكل إيجابي على مجموعة معايير لمؤشر سيادة القانون، مثل: معيار إقامة العدل، ومعيار تنفيذ الإجراءات القضائية، بالإضافة إلى معيار استقلال السلطة القضائية، ومعيار كفاءة الإطار القانوني.

البداية ستكون من الجهات الحكومية

أشار وزير العدل الإماراتي سلطان بن سعيد البادي إلى أن تطبيق مشروع إنشاء بريد إلكتروني وطني لجميع المؤسسات والأفراد بالدولة سيُنفذ على عدة مراحل، بهدف تغطية جميع فئات المجتمع، ففي البداية سيُنشأ البريد الإلكتروني الرسمي والإلزامي لكافة الجهات الحكومية المحلية، بالإضافة إلى كافة الشركات والمؤسسات العاملة بالدولة، وجميع الموظفين في القطاعين الخاص والعام.

أما بالنسبة للمرحلة الثانية للمشروع، فسيمتد تدريجياً ليشمل جميع فئات المجتمع، ولكن ستُثتثنى بعض فئات المجتمع من التطبيق، مثل أصحاب الهمم (ذوي الإعاقة)، وكبار السن، بالإضافة إلى الفئات التي يصعب استخدامها للبريد الإلكتروني.

كما أكد "البادي" أن فريق عمل المشروع اطّلع على مجموعة من التجارب الدولية المشابهة، التي طُبقت في الدول الرائدة، وما حققته من نجاح وأثر إيجابي؛ وذلك للاستفادة منها.

إسرائيل نجحت في أخذ خطوة مماثلة منذ 13 عاماً

صدَّق مجلس الوزراء الإسرائيلي، في أبريل/نيسان 2005، على مشروع قانون اقتُرح من جانب اللجنة الاجتماعية والاقتصادية، يُمكِّن جميع المواطنين الإسرائيليين من استخدام عنوان بريد إلكتروني آمن، للتواصل مع السلطات الحكومية، وطرح هذا المشروع وزير المالية الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو.

كما وافقت الحكومة الإسرائيلية على برنامج "صندوق الإيداع الآمن"، وهو نظام صناديق البريد الإلكتروني الآمنة، التي تسمح للمكاتب الحكومية بإرسال تصاريح رسمية وإيصالات ورسائل للشركات والأفراد، والهدف منها تحسين التواصل مع الجهات الحكومية.

وذكر مسؤولون في وزارة المالية الإسرائيلية أن الخدمة لن تكون إلزامية، وسيحصل الأفراد على دعم فني مجاني عبر الهاتف، وفي الوقت نفسه ستستمر المكاتب الحكومية في تلقي الاستفسارات والشكاوى، وتقديم الخدمات المعتادة.

أما آلية عمل المشروع فسيُطلب من الشركات والأفراد الحصول على بطاقة ذكية تكلفتها 55 شيكل، وتسجيل توقيع إلكتروني بتكلفة 20 شيكل، وسيوفر المشروع للمكاتب الحكومية إمكانية خدمة الجمهور بشكل أفضل، والحد من البيروقراطية، والسماح للمواطنين الإسرائيليين بالوصول الآمن والسريع للمعلومات.

في ماليزيا اعتبر البعض المشروع نفقات زائدة

أكد رئيس الوزراء الماليزي نجيب تون عبدالرازق، في أبريل/نيسان 2011، أن جميع المواطنين الماليزيين الذين تتجاوز أعمارهم 18 عاماً يتوجب عليهم تعيين بريد إلكتروني رسمي خاص بهم؛ من أجل تلقي الفواتير والخطابات من الحكومة، مما يُوجد اتصالاً مباشراً وآمناً بين المواطنين والحكومة.

لكن هذا المشروع قوبل بالمعارضة من جانب البعض؛ لرؤيتهم له على أنه مجرد نفقات حكومية زائدة لا لزوم لها، ستمثل عبئاً على الإنفاق الحكومي، وربما ذلك له علاقة بما ذكره خاير زينل مختار، الرئيس التنفيذي لشركة "Tricubes" منفذة المشروع، من أن شركته ستقدم جهاز "USB" لكل المستخدمين، يسمح لهم بالحصول إلى بيانات مؤمّنة أكثر، مقابل رسوم إضافية.

التجربة الإيرانية: مخاوف من الاستخدام الأمني

أعلن وزير الاتصالات الإيراني السابق محمد حسن نامي، في شهر يوليو/تموز 2013، أن إيران ستُخصص لكل مواطن بريداً إلكترونياً شخصياً؛ بهدف تفعيل التواصل بين المواطنين والسلطات الحاكمة في البلاد، ولم يوضح "نامي" مدى إلزامية تفعيل عناوين البريد الإلكتروني الجديد، أو كيفية تأثيرها على استخدام الإيرانيين لعناوينهم الخاصة، إلا أنه أكد ضرورة استخدامها بغرض الاتصال الإلكتروني مع الهيئات الحكومية، مشيراً إلى أنها ستحافظ على خصوصية المواطنين.

تشير الإحصاءات الرسمية إلى وجود أكثر من نصف سكان إيران، البالغ عددهم 75 مليون نسمة يستخدمون الإنترنت، لكن بحرية مُنتقصة فالسلطات تفرض قيودها عن طريق أدوات تشمل جهاز رقابة يمنع الدخول إلى الكثير من المواقع، بعد تصنيفها على أنها عدائية أو إجرامية.

وعلى الرغم من دعوة الرئيس الإيراني المُنتخب حسن روحاني، إلى عدم تدخل الدولة في حياة المواطنين الخاصة، وتخفيف الرقابة على الإنترنت، وتقليل القيود المفروضة على الإعلام، إلا أن السلطات الحكومية أوقفت في شهر مارس/آذار 2013، برنامجاً يهدف إلى التخلص من الرقابة الحكومية على الإنترنت.

تحميل المزيد